الرباط ــ الأخبار | أثناء الاجتماع الأخير الذي انعقد يوم الأربعاء الماضي، في العاصمة البرتغالية، لشبونة، بدا «التشبث» المغربي واضحاً حين طالب وزير الخارجية ناصر بوريطة، بـ«ضرورة حضور الجزائر كطرف في التفاوض مستقبلاً»، دون إعطاء تفاصيل تؤكد ما إذا كان يقصد حضور «البوليساريو» أيضاً.
إلا أنّ الجواب بالنفي جاء سريعاً، من وزير الخارجية نفسه، حين أعلن في تصريح رسمي عممته وكالة الأنباء المغربية الرسمية «لاماب»، أنّ الرباط «لن تتفاوض مع أحد غير الذين لهم دور فعلي في نزاع الصحراء»، في إشارة واضحة إلى استبعاد «البوليساريو»، وطلب حضور الجزائر.
وفي معرض التصريحات نفسها، لفت إلى أنّ المغرب «سيُقدِّمُ تفاصيل أكثر حول مقترح الحكم الذاتي»، بصفته خياراً مغربياً لحلّ «نزاع الصحراء»، وهو طرح ترفضه «البوليساريو» وتصرُّ على إجراء «استفتاء» ترعاه الأمم المتحدة في الحواضر الصحراوية المعنية.
ومنذ عام 2007، دأبت الرباط على تقديم مقترح «الحكم الذاتي»، ولكن الجديد هذه المرة يتمثّل في التلويح بـ«التفصيل أكثر في مضامين الحكم الذاتي وصلاحياته». المتحدث الرسمي باسم الحكومة المغربية مصطفى الخلفي، قال لـ«الأخبار» إنّ المباحثات الأخيرة التي أجراها المغرب مع المبعوث الأممي لملف الصحراء، هورست كوهلر، في لشبونة، «كانت مثمرة، وجرى فيها النقاش بكثير من الثقة». وأكد أنّ الأمر «لا يتعلق بمسلسل مفاوضات، بل بمناقشة تطورات الملف فقط مع الأمم المتحدة». وربط الخلفي محادثات الرباط مع الأمم المتحدة حول الصحراء، بـ«تعثر» عمل «الاتحاد المغاربي»، لافتاً إلى أنّ مشكل الصحراء يقف حجرة عثرة أمام عودة «الاتحاد». المسؤول المغربي شرح أيضاً أنّ الرباط أعربت للمبعوث الأممي عن «تشبثها بأنّ حلّ نزاع الصحراء لا يمكن أن يكون إلا في إطار السيادة المغربية، وضم كافة الأطراف المعنية بالنزاع، بمعنى الأطراف الحقيقية»، في إشارة إلى ضرورة إشراك الجزائر.
إلا أنّ قادة الجزائر يرفضون منذ أواسط التسعينيات الدخول في مفاوضات مباشرة مع المغرب حول موضوع الصحراء الغربية. وكان وزير خارجية الجزائر للشؤون الأفريقية والعربية عبد القادر مساهل، قد أعلن على هامش لقائه كوهلر في برلين في شباط/فبراير الماضي، أنّ قضية الصحراء الغربية «هي قضية تصفية استعمار يجب أن يرتكز حلها على ممارسة الشعب الصحراوي لحقه الثابت في تقرير المصير طبقاً لمقاربة الأمم المتحدة وممارساتها في هذا المجال»، مذكّراً في الوقت نفسه بالأهمية التي يكتسيها «مبدأ عدم المساس بالحدود الموروثة عند الاستقلال لجميع الدول الإفريقية».
وعن الجانب الأممي، يتستر الدبلوماسي الألماني والمبعوث الأممي إلى الصحراء، هورست كوهلر، عن ترتيباته ومنهجيته لحلحلة نزاع عمره قرابة أربعة عقود ونيف. لكنّ تسريبات صحافية في المغرب، تفيد بأنّ الرجل «يقترح حلاً جديداً للنزاع يستند إلى الرأي الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في شهر تشرين الأول/أكتوبر 1975».
على صعيد آخر، دعا وزير الخارجية الجزائري الأسبق الأخضر الإبراهيمي، من الرباط، المغرب والجزائر إلى «تجاوز الخلافات السياسية وتطوير العلاقات من أجل تحقيق حلم بناء اتحاد المغرب العربي». وقال على هامش حضوره مساء أول من أمس حفل توقيع مذكرات الوزير الأول (رئيس الوزراء) المغربي الأسبق عبد الرحمن اليوسفي (الصورة)، إنّ «الجزائريين والمغاربة إخوة وأشقاء مهما اختلفنا»، مضيفاً: «علينا أن نعترف بأن جيلي وجيل عبد الرحمن اليوسفي لم يستطع تحقيق الأمنية المشتركة (تحقيق الوحدة العربية)، ولكن هذا لا يعني انتهاء هذا الحلم الذي راودنا منذ الصغر».