ضمن مقابلة تمّ التركيز فيها على الجوانب الاقتصادية التي تنتظر السعودية وفق رؤية ولي العهد محمد بن سلمان، قال الأمير الشاب إن «الأزمة الخليجية لم تؤثر في استثمارات البلاد، ولا في (الرؤية 2030)» التي أعلنها، وذلك بعدما قال رئيس الوزراء القطري السابق، حمد بن جاسم، إن «عصر تحكّم الكبير في الصغير انتهى»، في إشارة إلى الهيمنة السعودية على القرار الخليجي.
ابن سلمان، ردّ على سؤال يتعلق بالأزمة المستمرة مع الدوحة، بالقول إن «مشكلة قطر صغيرة جداً جداً جداً»، وهي الجزئية التي اقتبسها الإعلام السعودي من مقابلته مع وكالة «رويترز» البريطانية أمس، وسلّط عليها الضوء. وأضاف: «نحن ملتزمون جداً بسلامة بلدنا بعيداً عن أي اضطرابات... سأقول شيئاً واحداً، إن البلد الوحيد في الشرق الأوسط الذي يعود فيه سجل الأمن والاستقرار إلى مئة عام تقريباً هو السعودية».
على صعيد الحرب الجارية في الجبهة الجنوبية للمملكة، حيث تقود الرياض تحالفاً يشن حرباً على اليمن منذ عامين، وقد انسحبت منه قطر أخيراً، قال ابن سلمان إن الحرب هناك مستمرة، وذلك «لمنع تحول الحوثيين («أنصار الله») إلى حزب الله آخر على حدودنا... لأن اليمن أشد خطورة من لبنان»، إذ عاد وربط هذه الأهمية بالجوانب الاقتصادية التي ركزت عليها مقابلات ابن سلمان وتصريحاته في الأيام القليلة الماضية، شارحاً أن البلد الذي يشن طيرانه عليه غارات يومية «مطلّ على باب المندب... إذا حدث شيء هناك، فسيعني توقف 10% من التجارة العالمية»، علماً بأنه قال أول من أمس، في لقاء مع وزير الخزانة الأميركية، ستيفن مونشين، إن «حزب الله يشكل خطراً على الشرق الأوسط والعالم، ويجب أن نستخدم قدراتنا لوقف مصادر التمويل التي يتلقاها» الحزب.
رداً على ذلك، قال المتحدث الرسمي باسم حركة «أنصار الله»، محمد عبد السلام، إن «استدعاء ابن سلمان تجربة حزب الله يجعل النظام السعودي في موقع العدو الإسرائيلي»، مشدداً على أنه «لا تفسير لعناد النظام السعودي وإصراره على استمرار الحرب سوى تخندقه المطلق إلى جانب إسرائيل».

الأمير السعودي: لمنع
تحول الحوثيين إلى حزب الله
آخر على حدودنا
وأوضح أن «النظام السعودي يطمح إلى استعادة سيطرته على اليمن»، مؤكداً أن تصريحات ابن سلمان «أطاحت كل ادعاءاته السابقة كإعادة الشرعية وسواها من الذرائع الواهية». ورأى عبد السلام أن «تصريح ابن سلمان يظهره أحمقَ لناحية تنصيب نفسه عدواً لليمن دون أي سبب»، معتبراً أن «تباهي النظام السعودي باستمرار الحرب على اليمن يمثل عدواناً صارخاً على كل الشعوب الحرة».
ومع قرب طرح أسهم من شركة «أرامكو» السعودية للاكتتاب العام، وهي جزء من خطط ولي العهد الذي رقّي أخيراً بعد «بيعة جبرية» من سابقه محمد بن نايف، يستمر ابن سلمان في الترويج للمشروع الجديد، مدينة «نيوم» العملاقة، التي كشف عنها الأسبوع الجاري، إذ أوضح أن تكلفة إنشائها ستفوق 500 مليار دولار. أما «أرامكو»، فستصل قيمتها خلال الطرح إلى أكثر من تريليوني دولار، علماً بأن هذا المصير (الاكتتاب العام) سيكون نفسه حال «نيوم».
ووصف ابن سلمان «نيوم» بأنها «أول مدينة رأسمالية في العالم... هذا هو الشيء الفريد الذي سيحدث ثورة في المدينة ونموها»، في إشارة إلى توضيحه نمط العمل والاستثمار في هذه المدينة بعد سلسلة من القرارات (إقامة حفلات في المملكة والسماح للمرأة بقيادة السيارة) تدور في الفلك نفسه. وقال: «(سوف) تقع نيوم بين ثلاث دول. لا تبعد سوى 3.5 كيلومترات عن مصر... الأمر مثل قيادة السيارة من مانهاتن إلى سوهو» في نيويورك، مضيفاً: «كان لدينا أسماء كثيرة لنختار منها، وجميعها كانت جيدة، لكننا لم نرد اسماً من اللغة العربية أو اللاتينية أو أي لغة أخرى. أردنا شيئاً يمثل الإنسانية عموماً... أخذنا الأحرف الأولى للقطاعات التسعة الرئيسية وبعض المعالم الرئيسية في المنطقة، ووضعنا هذا في كلمة neo-mustaqbil‬‬. ‭‭Mustaqbil‬‬ وتعني المستقبل».
وبالنسبة إلى الجسر المنوي إقامته في مدينة «المستقبل»، قال: «لا نحتاج إلى موافقة إسرائيل لأنه (الجسر) بين السعودية ومصر. بالطبع، لا نستطيع سد ممر دولي، ولذا سيؤخذ في الحسبان ألّا يسدّ الجسر» هكذا ممر. وواصل توضيحه: «حتى الآن لم نقرر المكان الدقيق للجسر، لكنْ هناك شعاب مرجانية رائعة وطبيعة خلابة... لذا سيكون من الصعب للغاية وضع الجسر فوقها، فسنحاول أن نضعه في المياه العميقة».
وفي مقابلة أخرى مع وكالة «بلومبرغ» الإخبارية، قال ابن سلمان، أمس، على هامش منتدى اقتصادي يعقد في الرياض، إن بلاده «تؤيد تمديد اتفاق خفض إنتاج النفط الذي توصلت إليه دول منتجة للنفط إلى ما بعد آذار المقبل».
يشار إلى أنه في المنتدى نفسه، عقّب الرئيس الفرنسي الأسبق، نيكولا ساركوزي، بالقول إن «التغييرات الاقتصادية والاجتماعية (التي تشهدها السعودية) تسونامي»، مضيفاً: «الشعب (السعودي) شاب، والأمير شاب... الملك وولي العهد يعملان على تغييرات اقتصادية واجتماعية في الوقت نفسه، الأمر أشبه بتسونامي».
وتأتي تصريحات ابن سلمان، وخاصة المتعلّقة بقطر، بعد يوم من حديث رئيس الوزراء السابق حمد بن جاسم، الذي قال فيه إن «عصر تحكّم الكبير في الصغير انتهى... نحن الآن دول، ولسنا قبائل يغزو بعضها بعضاً»، مؤكداً أن «حصار قطر تم التخطيط له قبل مدة».
وأضاف في مقابلة على «تلفزيون قطر»، أنه في مرحلة سابقة، «عندما بدأت الأزمة، ذهبتُ إلى الملك (السعودي الراحل) عبدالله بناءً على تعليمات من الأمير الوالد (حمد)، وقال نحن معكم وأنتم استلموا هذا الموضوع... كان أي شيء (في سوريا) يتم عن طريق الأتراك والقوات الأميركية وبتنسيق مع السعودية... كنتم معنا في خندق واحد، ولكن إذا غيّرتم توجهكم في سوريا، أبلغونا».
وأسهب ابن جاسم في تفاصيل سابقة للعلاقة بين بلاده ودول المقاطعة الحالية (السعودية والإمارات والبحرين ومصر)، مشيراً إلى اعترافها بنتائج انقلاب الأمير الأب (حمد) عام 1996، مستدركاً: «لكن بعد قمة مسقط، استشعرنا أن هناك مؤامرة تحاك تجاه النظام»، ولافتاً في الوقت نفسه إلى دور لعبته قطر في حل خلاف سياسي سابق بين السعودية والإمارات. إلى ذلك، وفي خطوة هي الأولى، صدر أمر من ابن سلمان بنقل توأم سيامي من قطاع غزة إلى مدينة الملك عبد العزيز الطبية في الرياض، وذلك لعلاجهما ودراسة إمكانية فصلهما، علماً بأن هكذا أوامر تصدر عادة عن الملك مباشرة.
(الأخبار)




ابن جاسم: علاقتنا بإسرائيل لفتح الأبواب في أميركا

في سياق المقابلة التلفزيونية مع حمد بن جاسم، قال إن العلاقات القطرية ــ الإسرائيلية «بدأت أيام السلام، وبعد مؤتمر مدريد... بصراحة، في ذلك الوقت، كان ذلك تزلفاً وتقرباً من أميركا، إذ كان من المهم إقامة علاقة مع إسرائيل كي تُفتحَ لك أبوابٌ كثيرة في الولايات المتحدة»، موضحاً أن العلاقات تطورت «حتى تم افتتاح مكتب في الدوحة، وحتى بعد غلق المكتب استمرت العلاقة».
وفي حادثة تتعلق بتسليم مساعدات لقطاع غزة، كشف عن نية الدوحة إيصالها إلى غزة مباشرة، لكنهم اضطروا إلى إنزالها في ميناء «إسدود» في فلسطين المحتلة، ثم تنقل براً إلى القطاع، وذلك بسبب رفض إسرائيلي «تبيّن أن وراءه تعليمات من دولة عربية كبرى». وتابع: «لديّ خبرة في التعامل مع الإسرائيليين، وهناك الكثير من المنطقة يتعاملون الآن مع إسرائيل، وأعرف أن اجتماعات كثيرة تجرى بين بعض القادة في المنطقة وهي تنسيقية».
وقال: «أعرف أن هناك تصوراً لعملية السلام وهو تصور يسوقونه، وأعرف أنه لن ينجح الآن، كما أعرف لماذا فتحت الحدود بين رفح وغزة، وهو شيء إيجابي»، مشيراً إلى «تزلف وتقرب إلى إسرائيل، وتنافس شديد على من يقوم بحل هذا الملف أو ذاك».
(الأخبار)