فيما تصبّ السعودية جهودها على التحشيد ضد إيران في سياق تغذية الأزمة السياسية والدبلوماسية المتفاعلة، وجّه وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، رسالةً سياسية إلى طهران أرجع فيها الخلاف معها إلى تاريخ بدء «الثورة الاسلامية»، في كلامٍ يكاد يكون الاول من نوعه على لسان مسؤول سعودي على هذا المستوى، لناحية الوضوح في حصر المشكلة مع إيران بالفترة الزمنية العائدة لنحو ثلاثة عقود فقط، إذ طالب الجبير إيران بـ«التعامل كدولة لا كثورة». وهدّد الجبير بالردّ على التدخلات الايرانية بـ«جدية وحزم»، وذلك بالتزامن مع زيارة وزير الدفاع السعودي، محمد بن سلمان، لباكستان التي أكدت التزامها الدفاع عن أمن المملكة.

وفي سياق حديثه عن محاولة بلاده مع مجلس التعاون الخليجي استصدار قرار في مجلس الأمن يدين الهجمات على السفارة السعودية في طهران، أكد الجبير أن «كل العداء مدعوم من إيران على مدار 35 عاماً منذ الثورة الإيرانية في عام 1979»، مضيفاً أنه من حدوث هذه الثورة «بدأت إيران بدفع أجندة طائفية لتقسيم الدول والشعوب». وشدد على أن هذه الأعمال «ليست مقبولة»، وأن «الموقف الذي اتخذته المملكة إلى جانب حلفائها هو لنقول كفى». وطالب الجبير إيران باتخاذ قرار «إما أن تكون دولة أو ثورة»، شارحاً أنه «في حال كانت إيران دولة فعليها أن تتصرف على هذا النحو وبعقلانية يمكن للدول التعامل معها، أما إن كانت ثورة فمن الصعب إن لم يكن مستحيلاً أن نتعامل معها»، قائلاً إن «الثورات ليس لها منطق بل هي تعمل بدافع العاطفة». وتابع بالقول «نحن نرحّب بفرصة أن نرى إيران تتصرف كدولة طبيعية وسلمية ولا تتدخل في شؤون دول المنطقة، وأن لا تدعم الإرهاب، وهذا كله بيدها إن أرادت أن تكون دولة جوار جيدة وطيبة».
محمد بن سلمان زار باكستان للفوز بدعمها ضد إيران

وفي مزيد من التصعيد، هدّد الجبير إيران بمزيد من الاجراءات بعد قطع العلاقات الدبلوماسية، حيث قال إن العمل جارٍ الآن على الإجراءات الإضافية التي بالإمكان اتخاذها تجاه إيران «إذا ما استمرت في سياستها الحالية"، مضيفاً أن الأمور ستكون أكثر وضوحاً مع مرور الوقت.
وعن دور إيران في الأزمتين السورية واليمنية، قال الجبير إن إيران أدت دوراً سلبياً في كل من البلدين، «فهي دعمت الحوثيين بالمال والعتاد، وكذلك الأفراد، وتواصل ذلك»، قائلاً «إننا أوقفنا عدداً من السفن الإيرانية التي تحمل السلاح الموجه للحوثيين». وفي ما يتعلّق بسوريا، اتهم الجبير إيران بـ«إرسال الحرس الجمهوري لحماية (الرئيس بشار) الأسد، ونشرت جيشها وأيضاً ميليشياً حزب الله لدعم بشار الأسد، وهو يقتل أكثر من 250 ألف مواطن».
وفي كلمته خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب أمس، أكد الجبير أن السعودية ستتعامل مع التدخلات الايرانية في المنطقة العربية بـ«كل جدية وحزم». وقال إن الاعتداءات التي تعرضت لها البعثة الدبلوماسية للمملكة في إيران «تعكس بشكل واضح السلوك الذي تنتهجه السياسة الإيرانية في المنطقة العربية بالعبث في مقدراتها والتدخل في شؤون دولها وإثارة الفتن الطائفية والمذهبية وزعزعة أمنها واستقرارها».
وأكد أن «التصدي للتدخلات الإيرانية مسؤولية الجامعة العربية أيضاً في ضوء أهدافها الرامية إلى حماية الأمة العربية والحفاظ على الأمن القومي للدول والشعوب والمقدرات العربية».
وفي إطار تحشيد الدعم لموقف السعودية في أزمتها مع إيران، وصل وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان إلى إسلام آباد، يوم أمس، حيث أكد رئيس أركان الجيش الباكستاني الجنرال رحيل شريف الدفاع عن أمن السعودية، مشدداً على أن أي تهديد لسلامة أراضي المملكة سيؤدي إلى رد فعل قوي من باكستان. وكانت باكستان قد امتنعت عن المشاركة العسكرية في عمليات التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن في آذار الماضي. وأكد شريف أن بلاده «تتمتع بعلاقات وثيقة وأخوية مع المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول مجلس التعاون الخليجي، كذلك فإنها تعلق أهمية كبيرة على أمنها».
من جانبه، أكد بن سلمان أن بلاده تولي أهمية كبرى لباكستان وقواتها المسلحة، وتقدر نجاحها في مكافحة الإرهاب والجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في المنطقة، مجدّداً «دعم المملكة الكامل لموقف باكستان حول جميع القضايا».