لا توهم تل أبيب نفسها بأن حصارها لقطاع غزة فاعل، إلا بمشاركة القاهرة جنباً إلى جنب. تدرك إسرائيل أن كل حصار القطاع، مهما كان محكماً وموجهاً، لن يؤتي ثماره بلا حصار مصري مقابل. تساوُق العداء الإسرائيلي والخصومة المصرية، وحصارهما معاً، أديا في السنوات الماضية إلى إطباق الخناق على القطاع وسكانه، وكاد ينذر بكوارث.تعاين إسرائيل في الفترة الأخيرة شبه تغيير في المقاربة المصرية لقطاع غزة، تشير إلى إمكان تقليص الحصار المصري، وربما أيضاً إنهاء فعلي للحصار الذي يعدّ رافعة التأثير الرئيسية على الفصائل الفلسطينية، وعنصر الضغط الأكثر نجاعة دون الحرب العسكرية، لإخضاع القطاع والفصائل. تطرح إسرائيل ثمناً زائداً لرفع الحصار يصل إلى حد تخلي الفلسطينيين عن كفاحهم ضد الاحتلال، وهو طرح مأمول من قبلها أن يصل إلى نتائج، وإن بصورة غير مباشرة، عبر تسوية في هذا المجال، كادت في الفترة الأخيرة أن تصل إلى خواتيم طيبة من ناحية إسرائيل، عبر الوسيط التركي خلال المفاوضات مع أنقرة، حول التسوية وإعادة العلاقات بينهما.
تدرس القاهرة إمكانية
إقامة منطقة تجارة
حرة مع قطاع غزة

موقع "واللا" العبري كشف أمس، عن قلق تل أبيب من سلسلة إجراءات ونيات مصرية تجاه القطاع، ومن بينها ما قال إنه انفتاح مصري على تغيير، وإن لم يكن مبنياً على تغيير في المقاربة المصرية لحركة "حماس"، أكثر من كونه فعلاً مضاداً يراد منه الضغط على السلطة الفلسطينية ربطاً بخلافات بينية. توقفت تل أبيب ملياً أمام واقعة فتح القاهرة معبر رفح أياماً طويلة في الأسابيع الماضية، قياساً بما كانت تقدم عليه في الأشهر التي سبقت ذلك، فيما تشير الأنباء أيضاً إلى "تفكير" مصري بسلسلة من المشاريع الاقتصادية، من شأنها أن تسمح بتحسين الوضع الاقتصادي في غزة، وكذلك في شبه جزيرة سيناء، أحد أهم الدوافع المصرية للمقاربة الجديدة.
من بين جملة أمور أخرى، ورد إلى تل أبيب أن القاهرة تدرس إمكان إقامة منطقة تجارة حرة في معبر رفح، بين القطاع وسيناء، مع الإشارة إلى أن ذلك يأتي في سياق ارتفاع كبير جداً في حركة نقل البضائع المصرية عبر المعبر إلى غزة، الأمر الذي من شأنه أن يحدّ من فاعلية الحصار ونتائجه، ويخفف الضغط على الفلسطينيين.
مع ذلك، تنظر تل أبيب إلى ما يمكن وصفه بـ"مسار تغيير" في الموقف المصري، إلى عاملين اثنين، لا يشيران إلى أن "التغيير" متأتٍّ من تحوُّل في المقاربة المصرية تجاه غزة وحكامها، إذ هو تغيير مبني على الأزمة الحالية بين القاهرة ورئيس السلطة الفلسطينية، حول الدعم المصري للقيادي المطرود من حركة فتح، محمد دحلان، وسعي القاهرة إلى تعزيز مكانته، وكذلك على توجه داخلي مصري لتحسين الوضع الاقتصادي لسكان سيناء، كضرورة من ضرورات مواجهة الصعوبات الأخيرة في محاربة "داعش" هناك، من خلال كسب دعم السكان المحليين عبر فتح نافذة اقتصادية لهم نحو القطاع، تعيد فتح قنوات التواصل والمكاسب بينهم وبين غزة، بعدما قطع ذلك في أعقاب سد الأنفاق وحركة تهريب البضائع بين الجانبين.
ويلفت الموقع إلى ضرورة التعامل مع الإجراءات المتخذة أخيراً في القطاع ضد الجماعات السلفية، كإمكان تساوقها والإجراءات والنيات المصرية للانفتاح الاقتصادي على القطاع، إذ أقدمت حركة "حماس" أخيراً على شنّ حملة اعتقالات طاولت عناصر من جماعات سلفية متطرفة، بناءً على معلومات استخبارية مسبقة، قيل إنها كانت تنوي إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل، لكن "من غير الواضح إن كانت حملة الاعتقالات تهدف إلى تحسين العلاقات مع الجانب المصري، أو فقط موجهة لمنع التدهور الأمني مقابل إسرائيل".




فتح "رفح" لأربعة أيام

أعلنت السلطات المصرية فتح معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة، لمدة 4 أيام، اعتباراً من اليوم في كلا الاتجاهين لعبور "العالقين والحالات الإنسانية".
وقالت وكالة الأنباء المصرية الرسمية إن "الرئيس عبد الفتاح السيسي، قرر فتح معبر رفح البري في الاتجاهين لعبور العالقين والحالات الإنسانية".
وفي قطاع غزة، ذكرت وزارة الداخلية أن السلطات المصرية أبلغتها بقرار فتح المعبر يوم غد.
ويأتي فتح المعبر بعدما كانت السلطات المصرية قد فتحته الأحد الماضي، "استثنائياً" ليوم واحد فقط، لسفر وفد مكوَّن من رجال أعمال واقتصاديين، مقربين من القيادي الفتحاوي المفصول محمد دحلان، للمشاركة في مؤتمر نظمه "المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط"، ناقش كيفية حل أزمات القطاع الاقتصادية وتطويره.
(الأناضول، الأخبار)