مرور «الخط الآمن» عبر منطقة خاضعة لسيطرة المسلّحين
ردود «وزاريّة» غريبة
على امتداد السنوات السابقة كان تعامل وزارة الكهرباء مع قضيّة تغذية حلب مثيراً للاستغراب ولكثير من علامات الاستفهام. وإضافةً إلى تعطيل اتفاقات كثيرة لإصلاح الأعطال وإعادة الكهرباء كانت الإجابات المقدّمة من الوزارة على بعض المقترحات مُفاجئة. فمرّة يأتي الردّ من قبيل «وزارة الكهرباء لا علاقة لها بالاتصالات ولن تكون جزءاً من اتفاق يتداخل فيه الملفّان». ومرةً يأتي الرّد «نحن وزارة كهرباء ولسنا وزارة ري، لا علاقة لنا بمياه الشرب... دبروا حالكن»!
حكاية «الخط الرديف»
تبدو حكاية «خط كهرباء خناصر الرديف» خير مثالٍ على أسلوب إدارة وزارة الكهرباء لملف تغذية حلب. وتدور هذه الحكاية حول احتمالين لا ثالث لهما: أوّلهما قضيّة فساد كُبرى ونهب للمال العام، وثانيهما سوء تخطيط وهدر للمال العام من دون طائل. وفي الحالتين فإنّ الخطّ العتيد لم يُقدّم النتائج الموعودة. بدأت حكاية الخط الرديف في تشرين الأوّل الماضي، حيث قرّرت الوزارة أن توجد «حلّاً جذريّاً» لمشكلة الكهرباء في حلب «يُخلّصها من سيطرة المسلحين على الخطوط الواصلة إليها ومن تحكّمهم في المدينة». وتمثَّل الحل بـ«مد خطّ كهرباء ذهبي عبر مناطق سيطرة الدولة فحسب»، وهو كما سُوّق حينها «خط آمن يحاذي طريق خناصر حلب، ويُنجز خلال شهرين». كانت التكلفة التقديريّة للمشروع 200 مليون ليرة (حوالى 570 ألف دولار بحساب سعر صرف الدولار الواحد بـ350 ليرة وفقاً لأسعار الصرف حينها). أمّا على أرض الواقع فقد استغرق تنفيذ المشروع حوالى خمسة أشهر وناهزت تكلفته حاجز الـ 600 مليون ليرة (أكثر من مليون وسبعمئة ألف دولار وفقاً لسعر الصرف أعلاه، وحوالى مليون وأربعمئة ألف دولار بحساب سعر صرف الدولار الواحد بـ430 ليرة وفقاً لسعر الصرف مع انتهاء المشروع). ثمّة «مفاجأتان» برزتا مع وضع الخط في الخدمة: الأولى أنّه لم يكن صالحاً فنيّاً لإمرار أكثر من 20 ميغا من التيار في أحسن الأحوال. أمّا «المفاجأة» الثانية وهي الأكبر فمفادها مرور «الخط الذهبي الآمن» عبر منطقة سروج (ريف حماة الشرقي) الخاضعة لسيطرة المسلّحين. لم يدّخر هؤلاء الفرصة بل راحوا يستخدمونه بين الحين والآخر «سلاحاً للمقايضات» تحت طائلة قطعه في حال عدم تنفيذ مطالبهم، قبل أن يتوصل الطرفان إلى «صفقة» مفادُها حصول مسلّحي سروج على «حصّة ثابتة» من واردات الخط مقدارُها 10 ميغا!