بغداد | تمكن «داعش»، أمس، من السيطرة على منطقة الصوفية، التي تعتبر واحدة من المناطق الاستراتيجية في مدينة الرمادي، بعد إتمام السيطرة على المناطق الرئيسية التابعة لها، وهي: البوغانم، والبومحل، والبوسودة، لتُقطَع جميع الإمدادات التي تصل إلى القوات العسكرية.وقال مصدر أمني، في المحافظة، لـ«الأخبار»: «داعش يسيطر حالياً على 20 منطقة من أصل 24 منطقة مهمة في مدينة الرمادي. ويحشد العشرات من مقاتليه للسيطرة على بقية مناطق الرمادي». وبيّن أنّ «هذه الهجمة يشارك فيها أكثر من 350 مقاتلاً من داعش، مدججين بأسلحة حديثة ومتطورة».

وحتى الآن لم يصدر أي موقف رسمي واضح من قبل الحكومة العراقية، أو القيادة العامة للقوات المسلحة، بشأن الوضع في الأنبار، في ظل استمرار زيارة رئيس الوزراء، حيدر العبادي، ووزير الدفاع، خالد العبيدي، لواشنطن، التي من المقرر أن تختتم اليوم، وأن يعودا إلى العاصمة صباحاً. إلا أن رئيس لجنة الأمن والدفاع، حاكم الزاملي، أكد أن الوضع في المحافظة مسيطر عليه، داعياً إلى عدم الانجرار وراء، ما سماها، الشائعات والأنباء «المغرضة».
«داعش» يتوسع
في الأنبار، والرمادي نحو
«الانهيار التام»

الزاملي قال، في مؤتمر صحافي عقده في مجلس النواب، بحضور أعضاء اللجنة: «نهيب بالمواطنين ألا يكونوا ضحية للشائعات، ونطمئن الجميع بأن الوضع في الأنبار مسيطر عليه، والتعزيزات تتوالى من حيث العدة والمقاتلين، لتعزيز قدرات الصمود والمواجهة في مناطق التماس المباشر مع العدو»، داعياً إلى «عدم الاعتماد على التحالف الدولي، الذي تنصّل من المعركة». وأكد أن «التحالف الدولي لم ينفذ ضربات جوية على مواقع الإرهابيين، رغم مناشدات ومطالبات القيادات الأمنية بذلك». من جانبه، قال رئيس مجلس محافظة الأنبار، صباح كرحوت: إن «مدينة الرمادي تتعرض لهجمة إرهابية كبيرة من قبل داعش، وتدور معارك كبيرة في قاطع شرقي الرمادي»، مشيراً إلى أن «البندقية والأسلحة الخفيفة والمتوسطة لم تعد تجدي نفعاً، مقارنة بالسلاح الذي يمتلكه التنظيم الإرهابي».
في هذه الأثناء، قال مكتب رئيس البرلمان، سليم الجبوري، في بيان بثه، مساء أمس، ووصل لـ«الأخبار» نسخة منه، أن الأخير أجرى اتصالات مكثفة مع القيادات العسكرية في التحالف الدولي، والقيادات الأمنية العراقية، لبحث تداعيات الوضع في الأنبار، وسبل معالجتها بالسرعة الممكنة. وزار الجبوري، في وقت لاحق، مساءً، مقرّ قيادة العمليات المشتركة، برفقة محافظ الأنبار، صهيب الراوي، ورئيس مجلسها، صباح كرحوت، والتقى بعدد من الضباط والقادة، لبحث تداعيات الأوضاع في الأنبار، ومتابعة جهود القوات الأمنية.
وحذّر مسؤول محلي بارز في محافظة الأنبار، الموجود في مدينة الرمادي، من أن المدينة متجهة نحو «الانهيار التام» وأن المحافظة، بأكملها، باتت قريبة جداً من الوقوع تحت قبضة «داعش، الأمر الذي سيخلخل التوازن من جديد، ويعيد سيناريو مدينة الموصل وما تلاها من أحداث». المسؤول، الذي رفض الكشف عن اسمه، قال لـ«الأخبار» إن «أوضاع المقاتلين في المحافظة، من جيش وشرطة وعشائر، لا يسرّ أحداً». ويبين المسؤول أن «أعداد المقاتلين قليلة، وليس لديهم أسلحة وأعتدة كافية لاستمرارهم في خوض المعركة».
ووسط ذلك، جرى حديث عن ارتكاب «داعش» مجازر جماعية جديدة بحق السكان المحليين، وعمليات إعدام جماعية في صفوف المدنيين، ومحاصرة مئات الأسر، في المناطق التي تمكن من السيطرة عليها. ولم تفصح أي جهة، محلية أو حكومية، عن أعداد الضحايا المدنيين.
وكشف مصدر قبلي، في المحافظة، أن «داعش» يقوم بعمليات إعدام جماعية، تصل، في معدلها اليومي، إلى العشرات، غالبيتهم من الشباب، وكبار السن، بسبب رفضهم الانخراط في صفوف التنظيم، أو وقوفهم على الحياد، أو رفضهم «المبايعة». ويؤكد المصدر أن «داعش أعدم، في يوم واحد، نحو 300 مدني، غالبيتهم ينتمون إلى عشيرة البو المحل (السنية)».
وفي ظل عجز القوات الحكومية العراقية، توجهت البوصلة إلى قوات «الحشد الشعبي»، بعدما تصاعدت الأصوات الرافضة لدخولهم خلال الأيام الماضية. وأعلن التلفزيون الرسمي العراقي: أن شيوخ ووجهاء عشائر في الأنبار (لم تذكر أسماؤهم، أو أسماء عشائرهم) وقّعوا وثيقة تطالب بدخول «الحشد الشعبي» إلى الأنبار «وتحرير المحافظة، وتخليصها من داعش».
وقال رئيس تجمع «حلف الفضول» الذي يضم جميع العشائر التي تقاتل «داعش» في الأنبار، رافع الفهداوي، في حديث لـ«الأخبار» إن «الحلف اجتمع أمس، وقرر توجيه طلب إلى قيادة الحشد الشعبي، للمشاركة في عمليات تحرير المحافظة. وما يقال عن أن عشائر الأنبار لا ترغب في مشاركة الحشد الشعبي عارٍ من الصحة». ويؤكد الفهداوي أن «الخلاف الآن هو ما بين الحكومة الاتحادية والأميركيين الذين لا يرغبون في إعطاء الدور الوطني للحشد الشعبي في تحرير الأنبار».
هيئة «الحشد الشعبي»، وهي الجهة الرسمية المشرفة على قوات «الحشد الشعبي»، قالت، على لسان المتحدث السياسي باسمها، أحمد الأسدي، إنها «لا تتأخر في تلبية نداء أي فرد عراقي يستغيث بها من داعش». وأضاف في حديث لـ«الأخبار»: إن «الحشد الشعبي ينتظر أوامر القائد العام للقوات المسلحة، حيدر العبادي، للدخول إلى المحافظة، وتخليص أهاليها من بطش التنظيم الإجرامي».
وفي هذا السياق، اقترح الباحث في شؤون الجماعات المسلحة، والخبير الأمني، هشام الهاشمي، أن تقوم قوات الأمن العراقية بالانسحاب، تكتيكياً، من مدينة الرمادي، ومن ثم تهيئة وتنظيم صفوفها، للعودة بحملة كبيرة لتحرير المدينة. ويضيف الهاشمي: «إن الوضع إذا استمر على ما هو عليه، فإن المحافظة معرضة للانهيار بالكامل».
ويوضح الهاشمي أن «القوات الأمنية تسيطر حالياً على قضاء حديثة، وناحية البغدادي، وقاعدة الحبانية العسكرية، وما خلا ذلك فهو تحت سيطرة داعش».