رام الله | بعد تسعة أشهر على بدء الاحتلال حملته في إعادة اعتقال محرري صفقة جلعاد شاليط (وفاء الأحرار 2011)، أعادت المحاكم الإسرائيلية حكم المؤبّد على الأسير سامر المحروم (58 عاماً) من مدينة جنين، والمتهم بقتل مستوطن في القدس، ليكون المحرر الخامس والعشرين الذي عاد إلى الأسر، وعاد إليه حكم سجنه أيضاً.
والأسرى الخمسة والعشرون الذين أُعيدت بحقهم الأحكام السابقة قبل خروجهم، غالبيتهم الكبرى من أصحاب المؤبدات، وهم من أصل 66 محرراً أرجعتهم إسرائيل بالقوة إلى السجن منذ حزيران الماضي بعد فقدان ثلاثة مستوطنين إسرائيليين قرب مدينة الخليل، جنوب الضفة المحتلة، وإطلاق الاحتلال حملة اعتقالات واسعة طاولت مئات الفلسطينيين من مختلف محافظات الضفة، ضارباً عُرض الحائط بشروط الصفقة والرعاية المصرية.
وهكذا عادت الفرحة بخروج الأسرى في 2011 إلى مربع الأحزان، علماً بأن الصفقة أفرج بموجبها عن أكثر من ألف أسير، بينهم أطفال ونساء، مقابل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي، جلعاد شاليط. وفعلياً، لم يكشف حتى الآن عن بنود الصفقة التي أطلقت عليها حركة «حماس» اسم «وفاء الأحرار»، إذ يقول قانونيون إنها قد تحوي ثُغُراً معيّنة استغلّتها إسرائيل.
25 أسيراً محرراً أعيدت بحقهم الأحكام السابقة من أصل 66 أعيد اعتقالهم

ومن بين من أعيدت أحكامهم الأسيرة بشرى الطويل من رام الله، والأسير المحروم من جنين، وسبقهما الأسيران معاذ أبو رموز وإبراهيم النتشة، من الخليل.
حالياً، تعمل عائلة المحروم، الذي قضى 26 عاماً في الأسر وهو أحد عمداء أسرى «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، على حملة بهدف جمع حشد جماهيري للضغط على الأطراف صاحبة العلاقة، منها مصر راعية اتفاق التبادل، وأيضاً على «حماس»، لكشف بنود الصفقة.
وقال فارس، وهو شقيق الأسير سامر، إن العائلة لا تصدّق حتى الآن كيف أعيد الحكم على شقيقه بكل بساطة، نافياً أن تكون أي جهة رسمية فلسطينية قد تواصلت مع العائلة بعد إطلاق الحملة.
وحتى الأيام الماضية، لم يصدر عن القاهرة أي تعليق رسمي، كذلك لم يلاحظ أي تحرك فعلي منذ بدء إسرائيل إعادة اعتقال محرري الصفقة التي تمت برعايتها، ولا حتى بعد إعادة الأحكام السابقة على الأسرى، فيما يربط مراقبون بذلك بأن الاحتلال ومصر يسعيان إلى حل ملف الأسرى بالتزامن مع معرفة مصير من فقد من جنود الاحتلال في الحرب الأخيرة على غزة، جملة واحدة.
رغم ذلك، يؤكد المدير التنفيذي لـ«نادي الأسير الفلسطيني»، عبد الله الزغاري، أنه جرت مطالبة الجهات المصرية بالتدخل والضغط على إسرائيل، ولكن لا توجد أي ردود واضحة حتى الآن. وأوضح الزغاري، أنه «عُقد في رام الله اجتماع مع المصريين بهذا الشأن... القضية بحاجة لأرضية سياسية خصبة خارج نطاق الوضع الحالي المعقد».
وقانونياً، لا يمكن الطعن في هذه القرارات بحق الأسرى، حتى إن وصلت القضايا إلى «المحكمة العليا الإسرائيلية»، وذلك لكونها قضية سياسية بالدرجة الأولى.
ووفقاً للزغاري، فإنه بغياب القدرة على الطعن في الأحكام «لا شيء بيد الأسرى سوى اللجوء إلى خطوات احتجاجية».
وكان المحررون الذين أُعيد اعتقالهم قد خاضوا في أيلول الماضي إضراباً تحذيرياً ليوم واحد للمطالبة بتدخل عاجل لإنهاء اعتقالهم. وعادة، فإن اتخاذ قرار بالإضراب هو الورقة الأخيرة في أيدي الأسرى.
من جهة أخرى، يؤكد مدير مؤسسة «الحق»، شعوان جبارين، أن هؤلاء الأسرى المحررين «لم يخرقوا أي بنود كما تدعي إسرائيل، والدليل أنه لم توجه ضدهم أي تهم جديدة، وجرى الاكتفاء بما يسمى الملفات السرية التي لا يعتدُّ بها أمام أي قضاء يحترم نفسه». وأضاف جبارين: «المحاكم العسكرية الإسرائيلية أصلاً تفتقر إلى أبسط قواعد المحاكمة العادلة». ورأى أن الاحتلال بهذه التحركات وسط صمت عربي ومصري يؤسس إلى التشكيك بأي اتفاقات تبادل معه لاحقاً.
كذلك، تغيب قضية محرري صفقة شاليط عن الأضواء في الإعلام الإسرائيلي الذي تبنى وقت اعتقالهم رواية أنهم اعتقلوا بسبب العودة إلى المشاركة في عمليات المقاومة، وكثّف التركيز على أن ذلك جزء من العقوبات التي سيمر بها الشعب الفلسطيني لأسره المستوطنين الثلاثة.
في المقابل، يرى المختص في الشؤون الإسرائيلية، محمد أبو علان، أن توسيع عمليات اعتقال الأسرى المحررين له علاقة بالاستعداد لمفاوضات قادمة مع حماس حول الجنود الذين فقدت آثارهم في غزة وتدعي إسرائيل أنهم قتلوا، في حين أن المقاومة لم تصرح بشيء عن وضعهم. من هنا يقدر أبو علان أن إعادة الأحكام على الأسرى المحررين هدفه التقليل من عدد من سُيطلق سراحهم في الصفقة المقبلة، وأيضاً شمل المعاد اعتقالهم معهم.
وعمّا إذا كانت إسرائيل تريد من هذه الاعتقالات التأثير على ثقة الشارع الفلسطيني بالمقاومة، يرى أبو علان أن «حماس» لا يسبب الإحراج لها إلا عدم نشر بنود صفقة شاليط على الملأ، أما هي فلا تخسر شيئاً من الاعتقالات، وذلك «من منطلق أن أي تنظيم فلسطيني يتعرض لضغوط من الاحتلال مهما كانت يكسب شعبية من الشارع».
يذكر أن إدارة سجون الاحتلال كانت قد وزعت المحررين في بدء اعتقالهم على سجون مختلفة، ونفذت منذ اللحظات الأولى عقوبات عليهم، منها: تقليص الفورة لأقل من ساعة، وإلغاء معظم محطات التلفزة، وتقليص زيارات الأهل و«الكانتينا» (دكان صغيرة)، وسحب بعض الأجهزة الكهربائية.




خطوات تصعيدية تدريجية ضد إدارة السجون

كشفت مؤسسات معنية بقضية الأسرى، أمس، المراحل التي ينوي الأسرى التدرج فيها خلال التصعيد الذي أعلنوا تطبيقه خلال الشهر الحالي ضد إدارة السجون. وستكون المرحلة الأولى الإضراب عن الطعام يومين أسبوعياً لمدة أسبوعين، ثم يصبح الإضراب يوماً بعد يوم مع رفض الخروج من الغرف لفحصها كمرحلة ثانية.
والمرحلة الثالثة سيرفضون التشخيص المسائي ثم تحل التنظيمات والهيئات القيادية كلياً حتى لا يكون هناك أي ممثل للأسرى مقابل إدارات السجون. وبالوصول إلى المرحلة الرابعة يصير إعلان العصيان إلى أن يعلن في يوم الأسير (17/4) إضراب مفتوح عن الطعام ويشمل الامتناع عن تناول الماء بعد اليوم الثالث للإعلان.
وعن أهداف خطواتهم فهي: إلغاء جميع العقوبات، ومنها ما فرض عام 2006 (بعد خطف جلعاد شاليط)، وإخراج المعزولين، والسماح بزيارات الأهل للممنوعين من الزيارة في الضفة وغزة، ثم حلحلة الملف الطبي، وخصوصاً الإفراج عن الحالات الخطيرة، فضلاً عن قضايا أخرى.
في موضوع آخر، كان الأسرى الأردنيون في السجون الإسرائيلية، قد أعلنوا بدورهم نيتهم اتخاذ إجراءات «تصعيدية» ما لم تفرج السلطات الأردنية عن خمسة مهندسين «معتقلين» لديها ولهم علاقة بملف دعم الأسرى الأردنيين لدى الاحتلال.
(الأخبار)