Strong>«كديما» يصارع لاستعادة وحدته... ورئاسة الحكومة مع إغلاق صناديق الاقتراع في الانتخابات التمهيدية للحزب الحاكم في إسرائيل، بدأت علامات التشقق في صفوفه مع انسحاب شاؤول موفاز من الحياة السياسية، ما قد يصعّب على الفائزة تسيبي ليفني تأليف الحكومة وإبقاء رئاستها في يد «كديما»
لم تكد النتائج النهائية لانتخابات حزب «كديما» تظهر تفوّق وزيرة الخارجية تسيبي ليفني بفارق واحد في المئة، حتى أعلن منافسها شاؤول موفاز اعتزاله العمل السياسي «مؤقتّاً» ليحرف الأضواء الإعلامية عن الحدث الأساسي، ولا سيما أن أحداً لم يتوقع خطوة كهذه من قبل، ولم تكن مطروحة في الإعلام ولا في الغرف المغلقة ولا حتى كاحتمال ضئيل في الماضي.
وقال موفاز، خلال لقاء مع النشطاء في مدينة بيتح تكفا، «لقد قررت مع أفراد عائلتي أن اعتزل الحياة السياسية لفترة». وأضاف «أريد أن أدرس مستقبلي، أن افحص اتجاهات عمل إضافية»، موضحاً «لا أطلب منصباً في الحكومة أو في الكنيست. سأبقى عضواً في كديما، وسأفعل كل ما باستطاعتي من أجل الحزب»، موضحاً أنه لن يكون وزيراً في حكومة ترأسها ليفني إذا نجحت الأخيرة بتأليف حكومة بديلة.
موفاز، الذي خسر بفارق واحد في المئة عن تسيبي ليفني (431 صوتاً)، قال معقّباً على النتائج «أنا أقبل النتيجة، لا ألوم أحداً حتى من لم يصوّت لي. لا أكنّ ضغينة للوزراء أو لأعضاء الكنيست الذين دعموا ترشيح آخرين، لا أدّعي شيئاً ضد منظومة الانتخابات، لا ضد الإعلام ولا المستطلعين ولا المحللين. كلهم فعلوا كما تحتّم عليهم طريقهم». وأضاف «بودّي القول إنني ديموقراطي بروحي وأحترم كل نتيجة وأتمنى لليفني النجاح. ورغم أن الفارق كان ضئيلاً ونصحوني بالاستئناف ضد النتيجة بسبب وجود أعمال غش، لكني قررت أن مصلحة الدولة قبل كل شيء وخصوصاً في هذه الفترة التي توجد فيها سفينة الحكم في مياه عاصفة».
وأعربت ليفني عن أسفها لقرار موفاز. وكان من المتوقّع أن يلتقي الاثنان اليوم الجمعة، إلا أن الموقع الإلكتروني لصحيفة «يديعوت أحرونوت» قال إن موفاز ألغى اللقاء. وقال خصمه وزير الأمن الداخلي آفي ديختر «من المؤسف أن أسمع عن قراره بالاستقالة. لقد قدم الكثير لأمن الدولة».
وقال رئيس حزب «شاس» الديني إيلي يشاي «هذه خسارة ليس فقط لحزب كديما، بل لكل مواطني إسرائيل». كما أعرب رئيس حزب «الليكود»، بنيامين نتنياهو، عن «أسفه» أيضاً. وقال إن «موفاز إنسان معتبر، قدّم الكثير لأمن دولة إسرائيل في خدمته العسكرية الطويلة. قويّ القلب في الحروب والعمليات الكثيرة». بينما قال عضو الكنيست أوفير بينيس من حزب «العمل» إن «اعتزال موفاز من الحياة السياسية يعني بداية نهاية كديما».
وكانت النتائج النهائية للانتخابات، التي نشرت فجر أمس، قد أظهرت حصول ليفني على 16936 صوتاً يشكلّون 43.1 في المئة من أصوات المقترعين من أعضاء «كديما»، فيما حصل موفاز على 16505 أصوات تشكل 42 في المئة. وحصل وزير الداخلية مائير شيطريت على 8.5 في المئة، ووزير الأمن الداخلي آفي ديختر على 6.5 في المئة من أصوات المقترعين، الذين بلغت نسبتهم 53.7 في المئة من أصل نحو 74 ألفاً من المنتسبين إلى الحزب.
وبعد ظهور النتائج النهائية، قالت ليفني إن «كديما أثبت أنه توجد سياسة مختلفة». ورأت أن الحسم تمّ في نهاية المطاف بأيدي المؤيدين «الذين لا مصلحة لهم سوى مصلحة الدولة». وأضافت «أعتبر أن هذه مسؤولية تدفعني نحو المنصب (رئيس الوزراء) بوجل مقدس». ورأت أن «خصومي في كديما، شاؤول (موفاز) وآفي (ديختر) ومائير (شيطريت)، كانوا خصوماً للحظة، ومنذ اليوم نحن معاً ولدينا قرارات مشتركة».
وقالت ليفني إن «المهمة الوطنية هي إحداث استقرار بأسرع وقت، فهناك تهديدات أمنية غير بسيطة وعدم استقرار اقتصادي»، وخصوصاً في أعقاب الأزمة الاقتصادية الحاصلة في الولايات المتحدة. وأضافت إن «هذه ليست مسؤوليتي وحدي، بل مسؤولية رفاقي في كديما وأعضاء الكتل في الكنيست أيضاً».
وأكدت ليفني أنها ستبدأ «اعتباراً من يوم غد (اليوم) لقاء ممثلي الكتل الأخرى في الكنيست لتشكيل تحالف جديد في أسرع وقت من أجل مواجهة التحديات الخطيرة» أمام إسرائيل.
ويبدو أن أولى العقبات أمام ليفني في مهمة تأليف الحكومة قد زالت مع إعلان مكتب رئيس الوزراء إيهود أولمرت أن الأخير سيخطر الحكومة الإسرائيلية يوم الأحد باستقالته، وأن عليه بعدها أن ينتظر عودة الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز، من الخارج ليستقيل رسمياً ويبدأ الفترة الانتقالية.
ومن المتوقع أن يعود بيريز من نيويورك الأحد المقبل، عشية رأس السنة العبرية، ما يعني أن تقديم الاستقالة سيتأجل إلى مطلع الشهر المقبل بانتظار انتهاء العيد اليهودي.
وبحسب القانون الإسرائيلي، فإنه إذا قدّم أولمرت استقالته، فإن رئيس الدولة يقوم بتوكيل المرشح البديل، تسيبي ليفني، بتأليف الحكومة، وفي هذه الحالة فإن استقالة أولمرت تصبح سارية المفعول بعد تأليف الحكومة.
وبحسب التقديرات، فإن فرص ليفني في تشكيل ائتلاف مستقر لا تبدو كبيرة للوهلة الأولى. فقبل كل شيء، سيتعيّن عليها أن تتغلب على التحفظات التي يثيرها «شاس» كشرط للمشاركة في حكومة جديدة. وفي هذا الإطار، لم يستبعد رئيس الحزب، إيلي يشاي، الانضمام إلى حكومة برئاسة ليفني، التي التقته في وقت متأخر من مساء أمس.
من جهة أخرى، يرى معلّقون أن التوتر الذي نشأ أخيراً بينها وبين وزير الدفاع إيهود باراك يدل على أن انضمام حزب «العمل» الذي يرأسه الأخير إلى حكومة برئاستها ليس أمراً مسلّماً به. وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس أن باراك قال في أحاديث مغلقة إنه يفضل تقديم موعد الانتخابات رغم الخطر الكامن فيها على حزبه. وكانت مواقف لنواب في كتلة حزب «العمل» قد أعربت عن تأييدها لإجراء انتخابات مبكرة، مسجلين اعتراضهم على أن يحسم «خمسة عشر ألف منتسب لكديما» هوية الحكومة الإسرائيلية.
وكما كان متوقعاً، أعلن حزب «الليكود» رفضه المشاركة في حكومة تؤلّفها ليفني، داعياً إياها، على لسان نتنياهو، إلى تحديد موعد للانتخابات العامة.
(الأخبار، يو بي آي)