تضييق على المدارس المكتظّة والمهترئة ومنع الترخيص لأخرى جديدةالقدس المحتلة ـ أحمد شاكر
اضطر الفلسطيني أبو محمد غيث إلى التوقف عن تعليم ابنه في مدارس القدس المحتلة لعدم وجود مكان يتسع لهذا الطالب في ظل معاناة شديدة يعيشها المقدسيون نتيجة الإجراءات الإسرائيلية التي تحاصرهم في كل شيء، حتى في تعليمهم.
ويقول أبو محمد، لـ«الأخبار»، إنه اضطر إلى أن يوقف ابنه محمد عن التعليم نتيجة ازدحام الصفوف الدراسية والإجراءات الإسرائيلية الصعبة ولعدم مقدرته على دفع التكاليف الباهظة للدراسة في المدارس الخاصة. ويشير إلى أن «إسرائيل لم تتوقف لحظة واحدة عن زيادة التضييق على المقدسيين في ظل وضع سيئ يعيشونه داخل المدينة المقدسة»، موضحاً أن «هناك نقصاً كبيراً في الصفوف الدراسية في القدس وفي المدارس نتيجة منع السلطات الاسرائيلية للسلطة الفلسطينية من إقامة المدارس عبر رفض ترخيصها بحجج واهية».
وقدرت مصادر محلية في القدس المحتلة، لـ«الأخبار»، احتياج المدينة إلى 1300 غرفة تعليمية، كي يصبح الوضع طبيعياً، مشيرة إلى أن الرخصة هي العقبة الكبيرة التي تضعها سلطات الاحتلال. وأضافت «كل شيء في القدس المحتلة يحتاج إلى رخصة».
ويقول الأمين العام لـ«الجبهة الإسلامية المسيحية للدفاع عن القدس والمقدسات»، الدكتور حسن خاطر، إن «أكثر من تسعة آلاف طالب مقدسي من مختلف المراحل حرموا من التعليم في بداية العام الدراسي الحالي، لعدم قدرة المدارس العربية في المدينة على استيعابهم».
وأوضح خاطر أن «سلطات الاحتلال تسعى من وراء التضييق على قطاع التعليم إلى ضرب الوجود العربي في المدينة المقدسة، وتخريج أجيال محرومة من العلم والتعلم الأمر الذي يسهل عليها مهمة تهويد المدينة وتهجير من بقي من أبنائها». وأشار إلى أن «قطاع التعليم في القدس يشهد نقصاً حاداً في عدد المدارس، ونقصاً أكبر في عدد الصفوف الدراسية».
وكشف خاطر عن وجود مدارس في المدينة لها صفوف موزعة على بنايات سكنية عديدة، وأخرى مكتظة وتفتقر إلى أبسط الشروط الصحية والتعليمية، محمّلاً الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكبيرة عن هذا المصير الخطير الذي آل إليه قطاع التعليم. وأشار إلى «الخلل الكبير الذي يعانيه هذا القطاع، جراء الحصار الشديد الذي يفرض على المدينة المقدسة، وإقدام سلطات الاحتلال على إغلاق المدارس المتوفرة على قلتها، كما حدث أخيراً لمدرسة عبد الله بن الحسين في حي الشيخ جراح».
وترفض إسرائيل منح تراخيص لمدارس جديدة رغم الإلحاح المتواصل والحاجة الماسة، إضافة إلى عدم سماحها بتوسيع أو تطوير المدارس الموجودة، التي يفتقر قسم كبير منها إلى أبسط الشروط الإنسانية والأمنية، إضافة إلى استمرار وتصعيد سياسة التضييق على المدارس القائمة من خلال الغرامات والمخالفات الباهظة، وإصدار أوامر وإنذارات الهدم، كما حصل أخيراً لإحدى مدارس بيت صفافا.
وطالب خاطر بضرورة الإسراع بوضع خطة طوارئ لإنقاذ هذا القطاع من الانهيار، وحماية حقوق المواطن المقدسي في التعليم. كما دعا القادة العرب إلى شراء أو بناء عقارات في القدس ووقفها على قطاع التعليم.
بدورها، أشارت نائبة المدير العام في وزارة التربية الفلسطينية، سعاد القدومي، إلى أن «قطاع التعليم في القدس العربية يعاني مشاكل في الأبنية والغرف وذلك لصعوبة الحصول على رخص للبناء من البلدية لبناء مدارس، ولعدم توافر أراض لهذه الغاية تلجأ الوزارة إلى شراء أو استئجار مبان سكنية لاستعمالها مدارس، لذا فهي غير ملائمة من الناحية التعليمية».
وقالت القدومي إن «بناء جدار الفصل العنصري حول المدينة المقدسة والحواجز العسكرية الثابتة على جميع مداخل المدينة تؤثر سلباً على المسيرة التعليمية، إذ تعوق وصول الطلبة والمعلمين إلى مدارسهم الواقعة داخل الجدار، وخصوصاً أن أكثر من 20 في المئة يحملون الهوية الفلسطينية، هذا عدا عن المدارس الواقعة في مواقع متضررة تضرراً مباشراً ويفصلها الجدار عن المدينة المقدسة كالمدارس في بلدة الشيخ سعد، والمدارس في بلدة الزعيم الواقعة شرقي مدينة القدس، والمدارس في مخيم شعفاط وعناتا، وكذلك مدارس الرام وضاحية البريد، التي فصلها الجدار العنصري عن المدينة». ونبهت القدومي إلى «مشكلة في غاية الأهمية تواجه التعليم في مدارس القدس العربية»، وهي تسرّب الطلبة من المدارس. وقالت إن «هذه المشكلة وغيرها تؤدّي دوراً عائقاً وسلبياً للنتاجات التربوية». وطالبت «بإعطاء أهمية كبرى للتعليم في القدس، ورفع مستواه، وذلك من خلال العمل الجاد على إنقاذ المؤسسات التعليمية التي توشك على الانهيار لتعرّضها للهجمة الدائمة من السلطات الإسرائيلية مترجمة بالطوق الأمني، ومحاولة تدخلها المتكرر في المدارس العربية، وبناء جدار الفصل العنصري حول المدينة المقدسة لعزلها عن امتدادها الجغرافي مع المدن الفلسطينية في الضفة الغربية».