الحركة الإسلاميّة تستغلّ التهدئة لاستنساخ نموذج «المحميّات الطبيعيّة» من لبنانحيفا ــ فراس خطيب
كتب محلل الشؤون العسكرية في صحيفة «معاريف»، عامير ربابورت، تقريراً نشر أمس أشار فيه إلى «ازدهار بناء الأنفاق في قطاع غزة»، مضيفاً أن «حركة حماس تستغل التهدئة في هذه الفترة من أجل بناء مدينة تحت الأرض».
وقال ربابورت، في مستهل تقريره الموسع: «هناك بناء في غزة، لا نراه، لكنه مزدهر. نحن نعرف هذا من خلال الطلب على الإسمنت من إسرائيل، فلا يمكن ملاحظة إلى أين يذهب الإسمنت من خلال البناء في الميدان». وأضاف أنه «في أنحاء القطاع، لا يوجد بناء متعدد الطبقات تقريباً، حتى إن عدد العمارات المنخفضة التي لا تزال قيد البناء حالياً قليل»، مستخلصاً أن «من لا يبني إلى الأعلى، فإنه يبني في الأعماق، وغالبية البناء ينفذ في هذه الأيام سراً، تحت الأرض». وبلهجة استنكارية، تساءل: «ماذا يمكن أن تبني حماس هنا؟ اسألوا مقاتلي حزب الله الذين أوجدوا المحميات الطبيعية في لبنان. فإن النقاط الخفيّة تحت الأرض، غير القابلة للاختراق، التي غيّرت قواعد اللعبة في صيف 2006، هي نفسها تجري الآن في أنحاء القطاع».
وتابع ربابورت أنه «في حال انهيار التهدئة ودخول الجيش الإسرائيلي إلى عمق غزة، فإن هذه الأنفاق ستضم آلاف المقاتلين الذين سيحاولون إلحاق خسائر كبيرة بالقوات الغازية».
وأشارت الصحيفة إلى أن تقديرات الاستخبارات العسكرية لعام 2009، التي عرضت أمام وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود بارك، أظهرت «أن احتمال تجدّد المواجهات بين إسرائيل وحماس مع حلول كانون الثاني المقبل، باتت عالية في أعقاب انتهاء مدة التهدئة المحددة لستة أشهر، بالإضافة إلى مواجهات متوقعة بين حماس وفتح مع انتهاء ولاية الرئيس الفلسطيني الحالي محمود عباس».
ولمّح ربابورت إلى أن «باراك والقيادة العسكرية الإسرائيلية ليسوا معنيين بتجدد المواجهات»، بل إن «باراك يعمل منذ الآن، بوساطة مصرية، على تمديد فترة التهدئة»، مضيفًا أن «حماس قوّت من قدرة الردع خاصتها في مقابل إسرائيل».
وقالت «معاريف» إن «إسرائيل بدأت العمل من هذا المنطلق، أقله بما يتعلق بموضوع الإسمنت»، إذ أصدر «نائب وزير الدفاع الإسرائيلي متان فيلنائي (العمل) تعليمات جديدة لتقليص كمية الإسمنت المنقولة من إسرائيل إلى القطاع». ويجري التفكير هذه الأيام بـ«وقف تزويد غزة بالإسمنت نهائياً».
وقال بوعز حيون، من أصحاب شركة «تمار» التي أقامها ضباط احتياط في سلاح الهندسة، إن «غزة هي مكان ممتاز لحفر الأنفاق. الأرضية رملية، ما يسهّل عمل الحافرين. فهم يستطيعون التقدم في عمق الأرض، حتى بواسطة أدوات بدائية، أو من خلال الأيادي».
ويقدر مسؤولون عسكريون إسرائيلون أن «حماس تبني الأنفاق لهدفين أساسين: «الهجوم والدفاع: بحيث تبنى الأنفاق المذكورة تحت مراكز المدن الكبرى في القطاع مثل رفح وغزة، في ظل تقديرات حماس بإمكان اندلاع مواجهات بينه وبين الجيش الإسرائيلي في تلك الأماكن في حال دخول قوات الاحتلال إلى هناك».
كذلك تشير التقديرات إلى أن «الأنفاق في داخل المدن أعدت لتمكين عناصر حماس من التحرك من شارع إلى شارع تحت الأرض، لمفاجأة الجيش الإسرائيلي كل مرة من مكان مختلف».
وبحسب التقديرات، هناك بناء خارج مراكز المدن، يقع تحت المحاور الرئيسية المؤدية للقطاع، التي يمكن أن تملأها حماس بمواد متفجرة، «لتفجيرها يوماً ما تحت قوافل ومركبات الجيش الإسرائيلي. ويضم البناء مئات النقاط من الكاتيوشا والقسام، محصنة من ضربة إسرائيلية جوية».
ورأى ربابورت أن «حماس تتخذ الطريقة القتالية التي اتبعها حزب الله أثناء حرب الثانية نموذجاً لها». ورأت الصحيفة أن «المحميات الطبيعية التي يمتلكها حزب الله في لبنان كانت تحدياً كبيراً لإسرائيل، حتى إن القوات الإسرائيلية امتنعت عن التعاطي معها حتى اليوم الأخير من الحرب». وقدر أن «بناء المنظومات الدفاعية الحالية التابعة لحماس، قد تكون ترتكز أيضاً على معلومات منقولة من غزة إلى حزب الله».
وشكك ربابورت في «امتلاك الجيش الإسرائيلي حلاً ناجعاً للتأقلم مع شبكة الأنفاق التي تبنيها حماس، وخصوصاً أن التجارب العالمية في الحروب ضد الأنفاق كانت محدودة»، في إشارة إلى الحرب الأميركية في فيتنام والروس في الشيشان.
وعن إمكان محاربة الأنفاق، قال حيون إنه «قبل خطة فك الارتباط، صُدِّق في الجيش الإسرائيلي على رؤية طُوِّرت في شركة تمار، يجري من خلالها التعامل مع قضية الأنفاق من خلال دفن مواد متفجرة في عمق 20 متراً داخل الأرض، وتنفيذ سلسلة من التفجيرات». وأضاف أن «التجربة أثبتت نجاحاً كبيراً، لكني لا أملك تفسيراً لماذا لا تُنَفَّذ. ربما لأن سلاح الهندسة ليس معنياً بتبني طريقة لم تُطَوَّر في داخله».
وفي تطرقه إلى الأساليب الأميركية لرصد وتفجير الأنفاق، من خلال منظومة «سونار»، أكد عضو الكنيست الإسرائيلي يتسحاك بن يسرائيل (كاديما)، الذي ترأس سابقاً مديرية تطوير الأساليب القتالية في وزارة الدفاع، «عدم وجود اليوم أساليب ناجعة للتعاطي مع مشكلة الأنفاق». وقال إن «سونار ليست ناجعة إذا أردنا اكتشاف فضاء يقع بضعة أمتار داخل الأرض».