Strong>5 لجان ثلاثيّة لبحث الملفات الخلافية على مدى تسعة أشهر يُنتَقَل بعدها إلى الحوار الشامل لم تتبلور صورة الحوار الفلسطيني بعد. الجميع ينتظرون الرد «الفتحاوي» الرسمي على اقتراحات «حماس»، التي وصفها محمود الزهار بأنها «خريطة طريق» لإنهاء الانقسام، لكن آلياتها تشير إلى أنها أشبه بمناورة لكسب الوقت

حسام كنفاني
تلتقي التصريحات الفلسطينية في الأيام الأخيرة على «الإيجابيّة» التي انبثقت من لقاءات وفد حركة «حماس» في القاهرة مع المسؤولين المصريين، وما نتج منها من اقتراح لعقد لقاء ثنائي مع حركة «فتح» قبل الحوار الوطني الشامل.
غير أن هذه الإيجابية لا تزال رهن الرد «الفتحاوي» على اقتراح «حماس». رد لم يتظهّر رسمياً بعد، وسيكون محصّلة مشاورات الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، مع الفصائل الفلسطينية ومع أركان حركة «فتح».
المشاورات بدأت أول من أمس في دمشق، حيث حمل الرئيس الفلسطيني إلى القيادة السورية ثلاثة ملفات رئيسية، أولها مرتبط بعرض نتائج المفاوضات الفلسطينية ـــــ الإسرائيليّة والزيارة الأخيرة لأبو مازن إلى واشنطن، بهدف التنسيق بين المسارات التفاوضيّة في ظل المفاوضات غير المباشرة، المجمّدة حالياً، بين سوريا وإسرائيل برعاية تركيّة.
البند الثاني كان العلاقات الثنائية بين سوريا والسلطة، واستكمال ما كان قد ناقشه أبو مازن مع الرئيس بشار الأسد في زيارته السابقة في ما يتعلق بفتح خطوط الهاتف بين سوريا وأراضي السلطة واعتماد جواز السفر الفلسطيني وتحويل مكتب منظمة التحرير في دمشق إلى سفارة.
البند الثالث، والأساسي، كان الحوار الفلسطيني الذي بدأ الإعداد له في القاهرة وأهم ما تم التوصّل إليه خلال المشاورات الفصائليّة مع المسؤولين المصريين.
وأشارت مصادر وثيقة الاطلاع على مشاورات عباس في دمشق، لـ«الأخبار»، إلى أن أبو مازن «حمل اقتراحاً بأن تحال الورقة المصرية، التي يُنتَهى من صياغتها بعد المشاورات، على لجنة عربية برئاسة سوريا (رئيسة القمة العربية) لرعاية الحوار الشامل».
وأوضحت المصادر أن عباس يرمي من وراء اقتراحه إلى رمي كرة المصالحة الفلسطينية في الحضن السوري، وتوزيع المغانم السياسية لأي اتفاق لإنهاء الانقسام مناصفة بين القاهرة ودمشق. وأضافت أن أبو مازن يرغب أيضاً في دفع دمشق، في حال رعايتها للوساطة، إلى أداء دور محايد في الحوار.
وأشارت المصادر إلى أن شكل الحوار سيتحدّد بعد الموقف من اقتراح «حماس» على المصريين، الذين نقلوه إلى الرئيس الفلسطيني، الذي طلب بدوره مشاورة الفصائل وقادة «فتح» قبل الرد عليه.
وكشفت المصادر عن أن اقتراح «حماس» أو «خريطة الطريق» قائم على تأليف خمس لجان ثلاثية تضم مسؤولين من «حماس» و«فتح» ومصر مهمتها التشاور في خمس نقاط أساسيّة هي:
1 ـــــ الحكومة: الورقة المصرية، بصيغتها الأولية، تنص على حكومة تكنوقراط، إلا أن «حماس» تصر على حكومة فصائلية، وهو ما رفضه الرئيس الفلسطيني على اعتبار أن حكومة كهذه ستضم الضفة الغربية إلى قطاع غزة في الحصار الدولي. المشاورات الأولية في القاهرة أوصلت إلى حكومة مستقلين مع تمثيل فصائلي. وأشارت المصادر إلى أن «حماس» قبلت بشكل أولي برئاسة مستقلة للحكومة، حتى لو كان رئيسها سلام فياض، إلا أن تفاصيل التشكيل ستكون محل نقاش، ولا سيما أن الرئيس الفلسطيني يشترط قبول «حماس» بشروط الرباعية الدولية قبل الانضمام إلى الحكومة.
2 ـــــ الأجهزة الأمنية: تبحث اللجنة في معايير إعادة بناء الأجهزة، إذ إن «حماس» تشترط ألا تكون إعادة البناء حكراً على قطاع غزة، مع العلم أنها تؤكّد نجاحها في إصلاح الأجهزة الأمنية في القطاع، وتطالب بنقل التجربة إلى الضفة الغربية، وهو ما ترفضه السلطة.
3 ـــــ القوات العربية: «حماس» لم تحسم خيارها في هذه المسألة، وإن أقرت بالمساعدة العربية في إعادة بناء الأجهزة الأمنية، غير أن رئيس المخابرات المصرية، عمر سليمان، متحمّس للفكرة وتعهّد تأمين غطاء عربي للقوات، التي ستكون بمعظمها مصريّة، مع مشاركة أردنية وقطرية، ومهمتها الإمساك بالأمن إلى حين بناء الأجهزة.
4 ـــــ لجنة الانتخابات: ستكون مهمتها البحث في ولاية الرئيس الفلسطيني ودراسة الدعوة إلى انتخابات مبكرة، رئاسيّة وتشريعية.
5 ـــــ لجنة منظمة التحرير: مكلّفة دراسة إصلاح منظمة التحرير والتحضير لانتخابات مجلس وطني جديد وتوزيع مقاعد اللجنة التنفيذية مع مراعاة أحجام القوى الجديدة في اللجنة.
وأشارت المصادر إلى أن اقتراح «حماس» يقوم على إعطاء فرصة لهذه اللجان من ستة أشهر إلى تسعة أشهر للتوصل إلى ورقة تفاهم، تنقل إلى طاولة حوار شامل. وأضافت «أن فترة التسعة أشهر تشمل تخفيف الحصار عن القطاع، وهو ما تسعى له حماس لتحسين وضعها داخلياً، كذلك فإن الفترة ستكون كافية لانتهاء ولاية التشريعي».
وأضافت المصادر أن «الاقتراح الحمساوي لا يزال قيد التداول، وأن المصريين لا يزالون متمسكين بالورقة التي أعدوها في السابق، لكنهم حولوا الموافقة أو الرفض إلى الرئيس الفلسطيني». وتابعت أن «أبو مازن غير راغب في حوار ثنائي في المرحلة الحالية، وخصوصاً في ظل الانقسامات التي تعتري حركة فتح، وهو يسعى إلى توحيد الحركة قبل التوجه إلى أي حوار ثنائي». والمواقف داخل «فتح» غير موحدة في ما يتعلّق بالرد على اقتراح «حماس».
كذلك فإن الجبهتين الشعبية والديموقراطية أبلغتا عباس رفضهما لصيغة الحوار الثنائي باعتباره خرقاً لما تم الاتفاق عليه في اللجنة التنفيذية للمنظمة. واشترطتا توقيع «حماس» على الموافقة على انهاء الانقسام قبل الدخول في آليات ذلك.
وأكدت مصادر في منظمة التحرير أن الجبهتين تعدان لحملة لمنع عباس من الموافقة على اقتراح «حماس». وتهدّدان بفتح ملفات تمسه، بدءاً من منظمة التحرير، وصولاً إلى السلطة الوطنية.
وبناءً عليه، فإن موعد الخامس والعشرين من الشهر الجاري للقاء «حماس» و«فتح» ليس نهائياً، وهو خاضع للتجاذب والتشاور، ما يبقي الحوار، إلى اليوم، في إطار المراوحة والمناورة.