حسام كنفانيالنتائج الأوّليّة لحوار «حماس» مع المسؤولين المصريين أعادت خلط أوراق الحوار الفلسطيني، الذي يتّخذ اليوم شكلاً مختلفاً. ويبدو أن الحركة الإسلاميّة حققت بعض مطالبها، ما يطرح مجموعة من التساؤلات عن الخطوة اللاحقة وإمكان نجاحها

1) ماذا حقّقت «حماس» من مشاوراتها مع المصريين في القاهرة؟

الحركة الإسلامية ذهبت إلى القاهرة بمجموعة من «اللاءات»، أبرزها موجّه ضد الحكومة والانتخابات المبكرة، إضافة إلى مطلب رفعته منذ اليوم الأول للإعلان عن مشروع مصري لجمع الفصائل الفلسطينية، ألا وهو الوصول إلى اتفاق ثنائي مع «فتح» قبل الحوار الشامل. «حماس» نفذّت ما ترغب فيه، وفرضت حواراً ثنائيّاً مسبقاً مع «فتح» قبل الانتقال إلى الطاولة الموسّعة. وكان للاءاتها صدى واسع لدى المسؤولين المصريين، ولا سيما في ما يتعلق بشكل الحكومة المرتقبة بعد المصالحة: «حكومة توافق وطني من فصائل وتكنوقراط». أما الانتخابات المبكرة فكانت غائبة عن تصريحات أيّ من مسؤولي الحركة، وخصوصاً أن «حماس» ترفض تقليص ولاية المجلس التشريعي «يوماً واحداً». وبناءً عليه، كان حديث القيادي في الحركة الإسلامية، محمود الزهار، عن «خريطة طريق قد تستمر تسعة أشهر». فترة كافية لنهاية ولاية المجلس التشريعي والخوض بانتخابات في مواقيتها الطبيعية.

2) هل رضخت مصر لشروط الحركة الإسلامية بالكامل؟

يبدو في الظاهر أن القاهرة ليّنت من مواقفها أمام مطالب «حماس»، إلا أنها حصلت في المقابل على موافقة من الحركة على الإشراف العربي على إعادة بناء الأجهزة الأمنية، وهو ما كانت الحركة ترفضه في السابق. والقاهرة لم تمانع في نسف جدول أعمال الحوار، الذي كان قائماً قبل وصول وفد الحركة إلى مصر، وهو ما يفسّر نفي المسؤولين المصريين أخيراً لأيّ مواعيد تمّ تحديدها للحوار الشامل، رغم أن موعد الأسبوع الأول من شهر تشرين الثاني كان متداولاً منذ شهر، ما ينبئ بجولة، قد تطول، من المحادثات الثنائية.

3) إلى أيّ مدى يمكن لمصر و«فتح» المضيّ في تلبية مطالب «حماس»؟

التعاطي المصري مع الحركة الإسلامية ليس مفتوح السقف، إذ يرتبط بنقطة رفع الحصار عن قطاع غزة، وإلقاء تبعته عن كاهلها. وعلى هذا الأساس، فإن الموافقة المصرية على حكومة توافق وطني من الفصائل والتكنوقراط لا تعني بالضرورة الموافقة على تسلّم «حماس» مقاليد القيادة في هذه الحكومة، وخصوصاً أن الحركة لم تلبِّ إلى الآن الشروط الدولية لرفع الحصار. موقف القاهرة تتشارك به مع حركة «فتح»، التي وإن كانت تتدلّل في إعلان الموافقة على اللقاء مع «حماس»، إلا أنها في النهاية ستقبل، ما دام الأمر تمّ بتوصيّة مصرية. إلا أن نتائج الحوار الثنائي غير محمودة العواقب، وقد تمثّل انهياراً لمشروع طاولة الحوار برمّته. ومن هنا كان تحذير محمود الزهار من الإفراط في التفاؤل «لأن الشيطان يكمن في التفاصيل».

4) ما هي التفاصيل التي سيجري الحوار بشأنها؟

أربع نقاط رئيسة ستكون على جدول أعمال الحوار. والشيطان يكمن فعلاً في تفصيل كل واحدٍ منها. أولاً: في موضوع الحكومة، التي لا يبدو أن «حماس» مستعدة للتنازل عن رئاستها. وترى في «التكنوقراط» مسعى لإبعادها عن الساحة السياسية، لأن الرئيس محمود عبّاس سيكون متحكماً بمفاصل الحكومة وسياساتها. وحتى إن اقتنعت «حماس» بضرورة التخلي عن رئاسة الحكومة، فإن توزيع حقائب الوزارات الأساسية سيكون عقدة أساسية بين الطرفين.
ثانيّاً: الأجهزة الأمنية وإعادة بنائها، وعلى أيّ أساس سيتم ذلك. الإجابة لا تزال في طيّ الاختلاف، ولا سيّما أن للطرفين توجّهين متناقضين في مسألة دور الأجهزة. فالسلطة مرتبطة باتفاقات تكافح ظاهرة التسلح، وتشملها بالمقاومة، وهو ما لم ولن ترضى به «حماس». منظمة التحرير أيضاً عقدة أساسية في الحوار، وخصوصاً إذا ما بدأ حديث «حماس» عن نظام محاصصة في مجالس المنظمة على اعتبار أنها الفصيل الثاني، إن لم يكن الأول (بحسب رأيها)، على الساحة الفلسطينية.
النقطة الرابعة مرتبطة برغبة عباس في انتخابات مبكرة عاجلة، ومساومة «حماس» على الولاية الرئاسيّة ورفضها تقصير ولاية المجلس التشريعي. وهي نقطة لن يكون من السهل تجاوزها.

5) ما هي مواقف الفصائل الأخرى من العودة إلى الثنائيّة؟

نجاح الحوار الثنائي سيكون مدخلاً أساسياً لتتويج الحوار الشامل، الذي سيكون دور باقي الفصائل فيه المصادقة على ما تم الاتفاق عليه بين «حماس» و«فتح»، ما يمثّل تكراراً لما حدث في مكّة. إلا أن العديد من الفصائل، وعلى وجه الخصوص الجبهتان الديموقراطية والشعبية، ليست في وارد المشاركة في مثل هذه المصادقة، وقد تنسحب من الحوار الشامل، ليكون اتفاق القاهرة، في حال إقراره، نسخة منقّحة عن اتفاق مكّة.