فحص الميلامين السّامّ غير متوافر في «مختبر الأبحاث»
محمد وهبة
منع وزير الزراعة إلياس سكاف في قرار أصدره منذ ثلاثة أيام، حمل الرقم 417/1، استيراد الحليب ومنتجاته من جمهورية الصين الشعبية حتى إشعار آخر، وذلك بعدما أُعلن تلوّث الحليب المجفف الذي تنتجه بعض الشركات الصينية، إذ كانت تخلطه بمادة الميلامين السامة بهدف اجتياز اختبارات الجودة، إذ يُظهر الميلامين، بشكل كاذب، وجود نسبة كبيرة من مادة البروتيين، فيما يسبب قصوراً في عمل الكلى يؤدي إلى الوفاة.
والمعروف أن مادة الميلامين تستخدم في تصنيع أدوات المطبخ البلاستيكية وهي تشكل خطراً كبيراً على الصحة إذا تناولها البشر بكميات كبيرة، ففي الصين أُصيب أربعة أطفال، بعد شرب الحليب أو أكل منتجات يدخل في صناعتها، بمشاكل في الكلى أدت إلى وفاتهم، كما سجل مرض آلاف الأطفال للسبب نفسه. وقد حظرت دول كثيرة استيراد الحليب الصيني وسحبت كل الكميات من أسواقها المحليّة، إضافة إلى المنتجات التي استُخدم الحليب الصيني في صناعتها مهما كان مكان صنعها.
هذا الأمر دفع لبنان، متأخراً، إلى إصدار قرار حظر استيراد الحليب الصيني ومنتجاته أيضاً، فقد رفعت وزارة الزراعة كتاباً إلى وزارة الاقتصاد، منذ ثلاثة أيام، تشير فيه إلى وجود شركات تجارية كثيرة تستورد الحليب المجفف من الصين، طالبة حجز كميات الحليب المجفف المستوردة من الصين ووقف عملية تداولها وبيعها في انتظار إخضاعها للفحص بهدف التأكد من سلامتها الغذائية أو عدمها لسحبها نهائياً من السوق.
وبحسب مصادر في وزارتي الزراعة والاقتصاد، فقد أخذت عيّنات من الحليب المجفف الموجود في الأسواق المحليّة، وعيّنات من بعض أصناف حلويات الشوكولاتة المستوردة التي يدخل في صناعتها الحليب، وذلك منذ أكثر من عشرة أيام، ولكن لم تصدر نتائج الفحوص حتى اليوم، إذ تبيّن أن مختبر الأبحاث العلمية لا يمكنه إجراء مثل هذا الفحص بسبب عدم توافر المادة الأساسية التي تستخدم في مثل هذا الفحص، علماً بأن لديه الآلات التي تمكّنه من القيام به! ويتم العمل حالياً على استقدام المادة المطلوبة في هذا الفحص، ما يؤخر صدور نتائج فحوص العيّنات حوالى عشرة أيام إضافية.
وتفيد إحصاءات الجمارك اللبنانية، أن مستوردات لبنان من الحليب الصيني المجفف تشكّل 3 في المئة من مجمل مستوردات الحليب المجفف، وتوازي 380 طناً بقيمة 2.189 مليار ليرة (1.45 مليون دولار). لكن هذه الكمية ليست الخطر الوحيد بحسب ما يقول رئيس جمعية حماية المستهلك في لبنان زهير برّو، فهو يلفت إلى أن مستوردات الحليب المجفف من أوستراليا والهند يجب أن تُحتَسب ضمن المحظورات لأن لديها المشكلة نفسها الموجودة في الحليب الصيني، ما يرفع حجم الكميات الملوثة بمادة الميلامين السامة والتي يستوردها لبنان من الدول الثلاث (الصين، أوستراليا والهند) إلى 943 طناً.
ويستوجب هذا الأمر تجميد بيع كل هذه الكميات «المعروف من اشتراها وأين ذهبت، وذلك في انتظار إجراء الفحوص اللازمة عليها واستبيان حقيقة وضعها والتأكد من تلوّثها أو خلوّها من مادة الميلامين»، ولذلك يدعو برّو المواطنين كافة إلى منع أولادهم من تناول الحليب المجفف المجهول المصدر أو أي نوع من الغذاء والحلويات التي يدخل في صناعتها الحليب من دون التأكد من مصدره.
وفيما عمم رئيس نقابة أصحاب الصناعات الغذائية على المصانع التي تستخدم الحليب في منتجاتها، ضرورة وقف استخدام الحليب المستورد من الصين، لا يزال غير واضح عدم خلو الشوكولاتة الموجودة في الأسواق المحليّة بكثافة، من مادة الميلامين، ولا سيما بعدما اكتشف أكثر من بلد في العالم وجود كميات زائدة من مادة الميلامين في حلويات تصنعها شركة «كادبوري» التي تملك مصانع في الصين وأوروبا. فقد أعلنت الشركة الإنكليزية في وقت سابق سحب 11 منتجاً صيني الصنع من الصين وهونغ كونغ وتايوان وأوستراليا، فيما تبيّن وجود عشرة منتجات مصنّعة في الصين وملوّثة بالميلامين وهي شوكولاتة «إم آند إم» و«سنيكرز» من إنتاج شركة «مارس» و«كيت كات» من إنتاج شركة نستلة وبسكويت «ريتز ساندوتش كراكر تشيز»...
وكان قد كُشف عن تلوّث الحليب بمادة الميلامين في فحوص أجربت على مجموعة «ييلي» وشركة «منجنيو» ومجموعة «برايت للألبان» ومقارّها في إقليم منغوليا الداخلية، وامتدت الأزمة إلى أوستراليا حيث قالت الهيئة الأوسترالية النيوزيلندية، للتأكد من المعايير الغذائية، إن المورّدين الأوستراليين بدأوا في سحب مسحوق حليب «كيرين ميلك تي» المصنّع في الصين لأنه ملوّث بالميلامين، وكذلك في اليابان حيث تبيّن أن منتجات شركة «كيرين بيفيريدج» ملوّثة أيضاً.