لماذا لم يعلن شطح موقفه في ملف الفروقات؟
لم يكن موقف رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة في جلسة مجلس النواب أمس مفاجئاً، فالجميع يعلم أنه لا يفكّر إطلاقاً في تسديد حقوق الموظفين وأساتذة الجامعة والعسكريين بالمفعول الرجعي المستحق عن تصحيح الأجور منذ عام 1996، فكيف إذا كان اقتراح تسديد هذه الحقوق آتياً من تكتل التغيير والإصلاح الذي يناصبه العداء؟ لقد أعلن السنيورة صراحة أن «الفروقات» الموعودة طارت منذ إقرار القانون 717 عام 1998، وأن حلم المستفيدين منها بالحصول عليها لن يتحقق ما دام للسنيورة علاقة ما باتخاذ القرار... كل ذلك كان متوقعاً من مسؤول لا يقيم أي اعتبار لحقوق الناس، وهو على أتمّ الاستعداد للكذب من أجل تبرير موقفه والدفاع عنه، ولكن ما لم يكن متوقعاً هو أن يعمد السنيورة، وبطريقة سافرة، إلى إجبار وزير ماله محمد شطح على الصمت، ومنعه من الإدلاء بموقفه في هذا الملف!
فالوزير شطح كان قد صرّح لصحيفة «السفير» عشية جلسة المجلس النيابي «إن القانون ٧١٧/٩٨ في مادته الرابعة صدر ملتبساً وهو اتسم بالضبابية»، وقال «لا أعتقد، وهذا رأيي الشخصي، أن هذه الضبابية كانت مفيدة على مدى عشر سنوات»، وتابع «أنا من القائلين اليوم بأنه لا بد من التوصل إلى حل لهذه القضية»، وأعلن «من جهتي، سأبادر إلى طرحه في مجلس الوزراء في الوقت المناسب»، واستطرد «إذا قررت الحكومة مساراً معيناً لإعطاء الفروقات، عن طريق البرمجة أو غيرها، فإن المطلوب من الجميع أن يأخذوا في الاعتبار أن قدرة الخزينة على توفير مبلغ ١٢٠٠ مليار ليرة (حوالى ٨٠٠ مليون دولار) ليست بالأمر السهل، وخاصة أننا أمام تبعات مباشرة لموضوع زيادة الأجور، ولذلك سيصار إما إلى التقسيط أو ربما نؤجل بتّ الملف إلى ما بعد الانتخابات النيابية، وفي كل الأحوال هناك اجتهادات مختلفة وكلها قابلة للمناقشة والمهم أنه لا يجوز ترك الموضوع ملتبساً كما حدث قبل عشر سنوات عبر إحالة الأمر إلى حين تكون مالية الدولة مرتاحة أو فائضة، وهو أمر يعرف الجميع أنه لن يكون متيسّراً في المدى المنظور».
قد لا يكون هذا الموقف مناسباً للموعودين بتقاضي الفروقات، إلا أنه يفتح «كوّة» في جدار الانتظار المجاني، إذ لو أتيح للوزير شطح تكرار هذا الموقف أمام النواب، لكان بالإمكان التوصل إلى تسوية تقضي بإلزام الحكومة بمواعيد وآليات محددة وشفّافة لتسديد الفروقات... إلا أن السنيورة المستاء من محاولات شطح التمايز عنه والاقتراب أكثر من رئيس تكتل المستقبل سعد الحريري تعمّد الانفراد بالرد على اقتراح القانون المتعلّق بهذه النقطة، على عكس التقاليد التي تقضي بأن يقوم وزير المال بإيضاح الصورة وتبيان مدى استعداد الخزينة العامّة وقدرتها على الاستجابة لموجبات إقرار هذا القانون.
(الأخبار)