اقتراح قانون معجّل مكرّر لتسديد فروق سلسلة الرواتبعلى الرغم من استبعاد الكثيرين لإقراره في جلسة المجلس النيابي اليوم، فإنّ اقتراح القانون الذي تقدّم به تكتّل التغيير والإصلاح لتسديد فروق سلسلة الرتب والرواتب، سيكشف المواقف الحقيقية لجميع الكتل النيابية من هذا الملف، الذي تتصل به مصالح آلاف الموظفين والمتعاقدين في القطاع العام والأساتذة في الجامعة اللبنانية
رفع رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون من مستوى التحدّي في مواجهة خصومه، وحلفائه، ممن شاركوا في السلطة في عهد الوصاية، ولا سيما تيار المستقبل وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية، فضلاً عن حزب الله... فتقدّم باقتراح قانون معجّل مكرّر لتعديل المادة 14 من قانون 717 الصادر في تشرين الثاني من عام 1998، وهي المادّة التي غطت أوسع عملية تواطؤ سياسي ضد مصالح شريحة واسعة من المواطنين ــ الناخبين، عبر حرمان موظفي ومتقاعدي ومتعاقدي ومتعاملي وأجراء القطاع العام وأساتذة ومستخدمي الجامعة اللبنانية وجنود وضباط الجيش والقوى الأمنية (...) المفعول الرجعي لتصحيح الأجور المقرر اعتباراً من 1/1/1996، فهذه المادّة، التي صاغها وزير المال آنذاك فؤاد السنيورة بطلب من رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري وبموافقة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري وبصمت مريب من كل الوزراء والنواب ما عدا القلّة القليلة منهم، ربطت تسديد حوالى 1200 مليار ليرة مستحقة لهذه الشريحة بتوفير التمويل اللازم «وكأن التمويل يتوافر وحده في دولة مديونة تسخّر مواطنيها لخدمة الدائنين من غير الموطفين)، ما مثّل انتهاكاً صارخاً للمبادئ الحقوقية وللقوانين المرعية الإجراء، ولا سيما قانون التجارة، الذي يصنّف ديون الموظفين كديون ممتازة تفوق درجتها ديون المصارف وسواها.

ضربة معلم

يمكن وصف خطوة عون بأنها «ضربة معلم»، فالكتل النيابية المتسابقة على إثبات وزنها التمثيلي وصحّة تمثيلها، ستكون مجبرة على إعلان مواقفها الصريحة من هذا الملف في جلسة المجلس النيابي المقررة اليوم، إلا إذا قبل عون بسحب اقتراحه، وهي محاولة يجري العمل عليها، ولا سيما أن عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب أنور الخليل قال في حديث إذاعي أمس إن «أياً من مشاريع القوانين واقتراحاتها المطروحة على مجلس النواب اليوم لا يمثّل موضوعاً متفجراً، لكي تقيم الكتل مواقف متعارضة وشديدة التعارض مع بعضها بعضاً»، وعلى الرغم من عدم إشارته إلى الخلافات المتعاظمة في شأن مشروع التقاعد والحماية الاجتماعية المطروح على الجلسة، فإنه أشار بوضوح إلى اقتراح القانون المتعلق بتسديد الفروق، وقال إن هناك مواقف عدة في هذا الملف، أهمها موقف الحكومة، «فإذا جرى التوافق على أن ما لديها من أموال يكفي لكي تسدد هذه المبالغ، فإن الحكومة ستدفع هذه الأموال متأخرة».

نص الاقتراح

إذاً، فقد تقدّم رئيس تكتل التغيير والإصلاح باقتراح قانون معجل مكرر بمادة واحدة ترمي إلى تعديل القانون رقم 717/98، وذلك بعد عقد من مصادقة المجلس النيابي على هذا القانون.
وتنص المادة الوحيدة على إلغاء أحكام المادة 14 من القانون، والاستعاضة عنها بالنص الآتي «يلحظ في الموازنة الاعتمادات اللازمة من أجل تأدية المفعول الرجعي المستحق اعتباراً من 1/1/1996 للمستفيدين من أحكام هذا القانون».
وجاء في الأسباب الموجبة التي أرفقها عون باقتراحه: «إذا أردنا استعمال لغة المواطنين لتوجيه السؤال المتعلق بتطبيق حيثيات هذا القانون نقول بكلمتين: أين الحقوق؟ وخاصة أن تلك الحقوق تتعلق بطبقة متميزة ومتمايزة من المواطنين، عنيت بها موظفي الملاك الإداري العام وأفراد الهيئة التعليمية في الجامعة اللبنانية، فمنذ عام 1998يطالبون بحقوقهم المستحقة لهم (...) ولمّا كان واجبنا الوطني يملي علينا أن لا نهمل مطالب، لا بل حقوقاً قانونية، بانتظار توافر الإمكانات لدى الخزينة، التي لم تتوافر لتاريخه (...) فيما مزاريب المجالس تهدر المال العام (...) وبما أننا أمام تحضير مشروع الموازنة المرتقبة (...) نتقدم بمشروع القانون الرامي الى تعديل القانون 717/98».
وأُرفق هذا الاقتراح بنص عريضة لإعطائه صفة المعجل المكرر، وقد استندت إلى جدول أعمال مجلس النواب الذي تضمّن في بنده السادس مشروع القانون الرامي إلى رفع الحدّ الأدنى للرواتب في الإدارات والوظائف العامة.

التجاذبات السياسية

ودعا «عرّاب» هذا الاقتراح، النائب إبراهيم كنعان، إلى إبعاد هذا الملف عن التجاذبات السياسية والانتخابية.
وفي موقف صريح أضاف «لا نريد غداً أن نسمع حججاً وأسباباً تقنية وسياسية ودستورية وأعباءً، حرام، من يستطيع أن يوفر المبالغ الكبيرة لدفع الكثير من المصاريف العديدة. ومن يستطيع أن يضع الضرائب المباشرة وغير المباشرة على المواطنين يستطيع أن يؤمن للمواطن، وخصوصاً للموظف في الإدارة، حقوقه».
ومقابل هذا الموقف الداعي إلى استبعاد المصالح الانتخابية والتحالفات السياسية عن هذه القضية، يرى كثيرون أنّ عون وضع كل القوى في مأزق كبير: ستوضع قوى 14 آذار، إذا رفضت إقرار التعديل، في خانة الرافض لتطبيق القانون وحماية حقوق المواطنين. مع العلم أنّ هذه القوى تعيش حالة إرباك كبيرة في صفوف كتلها النيابية. وفي الخانة نفسها حركة أمل، ما يطرح أسئلة عن تحالف أو تفاهم كل من التيار الوطني الحرّ وحزب الله مع الرئيس نبيه بري، علماً أنّ الاتصالات غير المباشرة التي أجراها عدد من نواب التغيير والإصلاح تؤكد دعم كل الكتل لهذا الاقتراح.
ويقول أحد المتابعين لشؤون المجلس النيابي، إنّ القانون 717 أنشئ كي لا يطبّق، ما يدخل القلق إلى قلوب المواطنين والمطالبين بحقوقهم، من أن تجري صفقة جديدة على حساب القانون اللبناني، ويتوقّع المصدر أن يؤجّل بتّ هذا التعديل، ليتسنّى للجميع مراجعة الموضوع ودراسته، وخاصةً وزير المال، «الذي يجد نفسه اليوم أمام مأزق كبير، فمن جهة عليه مراعاة نمط السياسات الاقتصادية السابقة، ومن جهة أخرى، تلوح الانتخابات النيابية أمام تيار المستقبل وحلفائه».
(الأخبار)


850 مليون دولار

يشير مصدر مطّلع على سير العمل في وزارة المال، إلى أنّ الجداول المالية التي أعدّت لتحديد المبلغ المستحق على الدولة بلغ ما يقارب 850 مليون دولار أميركي. وأنّ الوزارة تدرس إمكان تسديد هذه المستحقات من خارج موازنة عام 2009، أو إدخالها إلى الموازنة وتجزئة صرفها


«يريد أن يحبّبنا بنفسه»