استطلاع «غالوب» يبيّن أن 48% مطمئنون إلى المستقبل!رشا أبو زكي
انتصرت الخطابات الإعلامية لمسوّقي فكرة «لبنان النائي عن الأزمة العالمية» على الواقع المَعيش الذي يُفترض أن يُحدث صدمة في الشارع اللبناني، فقد حل لبنان في المرتبة الرابعة عالمياً في تصنيف أكثر الشعوب تفاؤلاًً بأن يكون عام 2009 أفضل من عام 2008، في نواح عدة، منها المؤشرات الاقتصادية والبطالة والسلام! وهذه النتيجة جاءت في استفتاء عالمي تقوم به منظمة غالوب العالمية سنوياً تحت عنوان «صوت الشعوب» بالتعاون مع شركة بارك. وقد أجريت مقابلات مع 45.700 شخص من 46 دولة، وتبين أنّ طابع التشاؤم العالمي من العام المقبل وصل إلى نسبة 35 في المئة، فيما وصلت نسبة التفاؤل إلى 27 في المئة.
وقد أجريَت الدراسة بين شهري تشرين الأول وكانون الأول الحالي، أي بعد تفجّر الأزمة المالية العالمية، وطُرح السؤال التالي «بالنسبة إليك، هل تعتقد بأنّ سنة 2009 ستكون أفضل من سنة 2008 أم أسوأ منها؟»... فكان أن أجاب 48 في المئة من اللبنانيين المشاركين في الاستفتاء (1200 شخص) بأنهم متفائلون بتطورات عام 2009!

في صدارة اللائحة!

وفيما أظهر استفتاء «صوت الشعوب 2008» أنّ 52 في المئة من الأشخاص الذين جرى استفتاؤهم في العالم يصفون عام 2009 بأنه عام الصعوبات الاقتصادية، ولفت 66 في المئة إلى أن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع هائل في نسبة البطالة، حل لبنان ضيفاً على لائحة البلدان العشرة الأولى الأكثر تفاؤلاً في العالم. فتصدرت كوسوفو اللائحة حيث سلّم 60 في المئة من المستفتين بأنّ عام 2009 سيكون أفضل من عام 2008. وفي المرتبة الثانية مدن الصين الرئيسية، حيث كانت نسبة المتفائلين فيها 53 في المئة، وتبعتها أوستراليا بنسبة 49 في المئة. وتبيّن أن نسبة المتفائلين في لبنان هي 48 في المئة، وقد حصلت كولومبيا على النسبة نفسها! ولفتت الدراسة الى أن لبنان يمثّل استثناءً، إذ يظهر ارتفاعاً في نسبة التفاؤل مقارنةً بالعام الماضي بنسبة 14 نقطة، بينما يختلف الأمر تماماً بالنسبة إلى معظم الدول الأخرى التي سجّلت تراجعاً... أما بقية البلدان المُدرجة على لائحة التفاؤل، فهي على التوالي: نيوزيلندا، روسيا والهند، البحرين وماسيدونيا. واحتلت الولايات المتحدة المرتبة الحادية عشرة في لائحة البلدان الأكثر تفاؤلاً (38%)، ما عكس املاً لدى الشعب الأميركي بالانتخابات التي لم تكن قد أُجريت بعد.
وعلّق الخبير الاقتصادي، شربل نحاس، على نتائج الاستفتاء، لافتاً إلى أن هذه الدراسة ليست تحليلية، وهي تنحصر فقط بنقل وجهة الرأي العام في البلدان المستهدفة بالاستفتاء، كما أنها تعدّ ردّات فعل على أحداث مباشرة. فمثلاً وجود إيسلندا في لائحة أكثر الشعوب تشاؤماً بالنسبة إلى عام 2009 يعود إلى إفلاس عدد من المصارف في هذا البلد، ووجود اليونان في اللائحة نفسها يعود كذلك إلى الأوضاع الاقتصادية السائدة هناك. أما نتيجة لبنان، فتُظهر تأثر الشارع بالخطابات السائدة، والتحاق اللبنانيين بالجو العام الذي يتمحور حول عبارة «الأوضاع ظابطة يا شباب»...

الفساد هو المسيطر

وتظهر دراسة غالوب عن الأسئلة الأساسية التي طرحت على الشعوب في العالم، أن 19 في المئة من اللبنانيين الذين شاركوا في الاستفتاء لا يملكون الأموال الكافية لتأمين الطعام خلال عام 2008، فيما 11 في المئة لم يستطيعوا خلال العام الحالي تأمين الأموال لشراء المواد الأساسية للمنزل، وأشار 45 في المئة من اللبنانيين إلى أنهم عاملون، و69 في المئة من هؤلاء مقتنعون بعملهم، و58 في المئة منهم يؤدّون أعمالهم بطريقة مميزة، فيما لفت 57 في المئة من العاملين إلى أنهم يلقون تشجيعاً في مراكز عملهم، وقال 12 في المئة من اللبنانيين إنهم راضون عن نوعية العمل في بلدهم، وأجاب 94 في المئة منهم أن الفساد موجود في قطاع الأعمال، و87 في المئة منهم أن الفساد يسيطر على الحكومة، ورأى 2 في المئة من اللبنانيين المشاركين في الاستفتاء أن الاقتصاد الوطني في حالة جيدة خلال عام 2008، و4 في المئة لفتوا إلى أن الاقتصاد سيتحسن في المستقبل. وأشار 6 في المئة منهم إلى أن عام 2008 ليس مناسباً للبحث عن العمل، وصرّح 55 في المئة من اللبنانيين بأنهم يثقون بالنظام المصرفي في بلدهم، و24 في المئة منهم مقتنعون بإجراءات خفض الفقر. فيما أشار 9 في المئة فقط إلى أنهم استطاعوا توفير الأموال خلال عام 2008... وعلى الرغم من كل ذلك فهم متفائلون بتحسّن الأوضاع في العام المقبل!

تناقض بين الأجوبة والواقع

وقد احتل لبنان وفق دراسة غالوب المرتبة 4،6 من أصل 10 من ناحية اعتبار المواطنين أن الحياة (في فترة إجراء الاستفتاء) تعدّ سيئة. فيما حلّ في المرتبة الـ5،2 من ناحية اعتبار المواطنين أن الظروف ستتحسن في السنوات الخمس المقبلة. وأشار 83 في المئة من المستهدفين في الاستفتاء إلى أنهم راضون عن أوضاعهم الصحية، و19 في المئة أجابوا أنهم يعانون مشاكل صحية. و81 في المئة مقتنعون بالسكن الذي هم فيه حالياً. ولفت 47 في المئة من اللبنانيين المشاركين في الاستفتاء إلى أنهم يحصلون على المعايير الأساسية للحياة، و18 في المئة أجابوا أن هذه المعايير ستتحسّن في المستقبل. وأشار 57 في المئة إلى أنهم يملكون هاتفاً ثابتاً في المنزل، و76 في المئة يملكون هاتفاً خلوياً، و56 في المئة يملكون كومبيوتر، و24 في المئة متصلون بشبكة الإنترنت.
أما عن نوعية المياه، فقد أشار 37 في المئة من اللبنانيين المشاركين في الاستفتاء إلى أن نوعية المياه جيدة، و45 في المئة أن نوعية الهواء جيدة. فيما لفت 20 في المئة من المشاركين في الدراسة إلى أنهم يريدون الانتقال من بلدهم. وأجاب 42 في المئة بأنهم قلقون، و31 في المئة بأنهم حزانى. فيما أشار 50 في المئة من اللبنانيين إلى أنهم يشعرون بالضغط، و36 في المئة إلى أنهم غاضبون، و24 في المئة يعانون التعصيب.
وعلى الرغم من سوء هذه الخدمات، فقد أشار 72 في المئة من المستفتون إلى أنهم راضون عن النظام التعليمي في لبنان، و62 في المئة أنهم راضون عن نظام النقل العام، و100 في المئة أنهم يملكون إمدادات للكهرباء، و100 في المئة يملكون تلفازاً في منازلهم!


27 في المئة

هو مستوى التفاؤل العام الذي سُجِّل في استفتاء «صوت الشعوب»، بعدما كان 38% العام الماضي. ويعيد الاستفتاء هذا التراجع إلى الأزمة المالية في الأسواق العالمية التي أثرت بوضوح على الإجابات، وقد تجلّى ذلك من خلال تغيّر ترتيبات الدول


متشائمون جداً