يتّجه الناخبون العراقيون اليوم، لخوض الاستحقاق الانتخابي الذي استحوذ على أوسع اهتمام محلي منذ الاحتلال. المخالفات القانونية لا تُحصَر، والأحداث الأمنية عديدة، لكنها لا تزال مضبوطة
بغداد ــ الأخبار
رصد مراقبون للحملات الانتخابية في العراق، التي انتهت صباح أمس، العديد من الخروق التي يحاسب عليها القانون العراقي، الذي تضمن فقرات تجعل العديد من ممارسات معظم الكيانات السياسيّة الكبيرة ــ نظرياً ــ تحت طائلة القانون، ومنها ما رصدته «الرابطة العراقية»:
ففيما تحظر المادة 32 استعمال الصور والدعاية لرموز شخصية لغير المرشحين، فإن رئيس الحكومة نوري المالكي وسلفه إبراهيم الجعفري ونائب الرئيس طارق الهاشمي ورئيس «المجلس الإسلامي الأعلى» عبد العزيز الحكيم وغيرهم من قادة الكتل السياسية، ليسوا من المرشحين في هذه الانتخابات، بينما تملأ صورهم الملصقات الانتخابية أكثر من المرشحين أنفسهم، ما يجعلهم، والكيانات التابعة لهم، خاضعين للمساءلة القانونية، وفق هذه المادة.
وتمنع المادة 33 موظفي دوائر الدولة والسلطات المحلية، من القيام بالدعاية الانتخابية لمصلحة أي مرشح، واستعمال صفاتهم الرسمية أو نفوذهم الوظيفي أو موارد الدولة أو وسائلها أو أجهزتها، بما في ذلك أجهزتها الأمنية والعسكرية. والتساؤل هنا: بمن يستعين المالكي والجعفري والحكيم والهاشمي في حملاتهم الانتخابية (نيابةً عن المرشحين طبعاً)، سوى بالنفوذ الوظيفي وموارد الدولة ووسائلها وأجهزتها؟
وفي السياق، تحظّر المادة 34 من قانون الانتخابات، على أي حزب أو جماعة أو تنظيم أو كيان أو فرد، ممارسة أي شكل من أشكال الضغط أو التخويف أو التكفير أو التخوين أو التلويح بالمغريات أو منح مكاسب مادية أو معنوية أو الوعد بها. بينما تلجأ «القطط السمان» إلى التلويح بالمغريات أو تعد بالمكاسب المادية، مروراً ببطاقات الهواتف وشراء البطانيات والمدافئ، وانتهاءً بالتعيينات والوظائف.
ورغم أنّ المادة 35 تمنع استخدام دوائر الدولة ودور العبادة بأي وسيلة كانت لأغراض الدعاية الانتخابية، فقد استعملت جميع الأطراف دور العبادة، واستُغلّت الشعائر الحسينية للترويج لعدد من القوائم، كتقديم المنح إلى المواكب بشرط تسجيل أسماء المشاركين مع هذه القائمة أو تلك.
وفي المناطق السنية، استغلّت «الوقفَ» إحدى القوائم لتوجيه خطباء الجمعة للترويج لهم، أو إغلاق الجوامع وتوجيه المصلين في إحدى المدن لأداء صلاة الجمعة في ساحة يحضر فيها رئيس قائمة معروف.
وتمنع المادة 37 الإنفاق على الدعاية الانتخابية من المال العام، أو من موازنة الوزارات أو أموال الوقف أو من أموال الدعم الخارجي. وهنا لا بدّ من التذكير بإجماع أهل السياسة والإعلام في العراق، على أن حملة الانتخابات المحلية، هي الأكبر والأوسع منذ تأسيس الدولة الحديثة عام 1921. وبلغت المبالغ التي أُنفقتهاالأحزاب الحاكمة فيها، أرقاماً خيالية.
وفيما تبدو مواد القانون الانتخابي صارمة من حيث منع إلصاق الدعايات الانتخابية خارج الأماكن المخصصة لها، فإنه لم يبقَ في العراق مكان لم تلصق عليه الملصقات الانتخابية. وقد وصل الأمر إلى وضعها عند نقاط التفتيش العسكرية. وللطائفية هنا شكل يتلاءم وظروف الحملات. فنقطة التفتيش في مناطق سنية، تملأها ملصقات المرشحين والقوائم السنية. أما في نقاط التفتيش الشيعية، فنجوم الملصقات هم المرشحون الشيعة. وفي مدينتي الثورة والشعلة، تبقى صور المالكي محرّمة. أما الكرادة، فهي مقفلة أمام ملصقات مرشحي «المجلس الأعلى».
هذا من حيث المخالفات القانونية. أما أمنياً، فبالرغم من أنه لم تُسجّل مجازر واسعة النطاق حتى مساء أمس، علماً أنّ الاقتراع الخاص الذي حصل يوم الأربعاء الماضي، خلا من الأحداث الأمنية الكبيرة، فإن اغتيالات عديدة طالت عدداً من المرشحين، وصل إلى 5 حتى يوم أمس.
فقد اغتال مسلحون مجهولون أحد المرشحين لانتخابات محافظة ديالى، وهو عباس فرحان العزاوي، واثنين من أنصاره، في إحدى القرى التابعة للمحافظة. كما اغتال مسلحون مجهولون، حازم سالم أحمد، وهو مرشح عن قائمة «الوحدة الوطنية»، وآخر عن «جبهة التوافق» يُدعى عمر فاروق العاني. وكان مسلحون قد اغتالوا أول من أمس، ميادة البياتي، الناشطة والمرشحة في «الحزب الإسلامي العراقي». كما اغتيل موفق الحمداني، أحد مرشحي لائحة «العراق لنا» في نينوى.
وفي أحداث أمنية متصلة بالعملية الانتخابية أيضاً، هاجم مسلحون مجهولون منزل مسؤول مكتب «المجلس الأعلى الإسلامي» في محافظة واسط، أحمد الحكيم، وأحرقوا سيارته.
وكانت الحملات الانتخابية قد توقّفت بموجب القانون صباح أمس، من دون أن تتوقف الدعايات الترويجية من خلال الرسائل القصيرة على الهواتف المحمولة، على أن تُفتَح صناديق الاقتراع عند السابعة من صباح اليوم، وسط إجراءات مشددة، تضمنت حظر تجوال عاماً وإقفالاً للحدود والمطارات.