عدد كبير لا يفيد من التقديمات أو رفع الأجور رشا أبو زكي
يشير قانون الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، إلى تلازم ارتفاع الاشتراكات أو انخفاضها مع تحرك الحد الأدنى للأجور، ما يحقّق نظرياً توازناً معيناً بين مداخيل الصندوق، وكلفة التقديمات التي يوفّرها للأجراء والمستخدمين. وبطبيعة الحال، فإن ارتفاع اشتراك الضمان لا يكون ذا تأثير كبير على الأجراء، إلّا أنه يشمل بطريقة غير مفهومة فئة لم تصل بعد إلى مرحلة الدخول إلى سوق العمل، وهم طلاب الجامعات... إذ يشير قانون الضمان في ما يتعلق بالعناية الطبية في حالات المرض والأمومة، إلى أن الإفادة تشمل الطلاب اللبنانيين والطلاب الذين لا يحملون جنسية معيّنة أو من جنسيات تحت الدرس، وذلك في مؤسسات التعليم العالي والمعاهد الفنية. إضافةً إلى الطلاب الأجانب المقيمين وذلك وفقاً «لاتفاقات تعقد بين لبنان والدول التي ينتمون إليها».
فيما ينظّم المرسوم رقم 6785/1973 إفادة الطلاب الجامعيين اللبنانيين من تقديمات الضمان الاجتماعي الطبية في حالتي المرض والأمومة، انطلاقاً من أن إفادة الطلاب الجامعيين من تقديمات الضمان الطبية تهدف إلى منح هؤلاء العناية الطبية انسجاماً مع الدور العام للضمان الاجتماعي الذي كان المفترض فيه وفقاً لقانون إنشائه شمول جميع اللبنانيين أو معظمهم. وبذلك يدفع الطلاب اشتراكاً سنوياً يمثّل 30 في المئة من الحد الأدنى للأجور، أي ما كان يوازي 90 ألف ليرة حين كان الحد الأدنى للأجور 300 ألف ليرة، ليرتفع إلى 150 ألف ليرة حالياً بعدما ارتفع الحد الأدنى للأجور إلى 500 ألف ليرة. أما تقديمات الصندوق لهذه الفئة فتشمل الاستشفاء في المستشفيات والدواء والمعاينات لدى الأطباء.

لغط... واعتراضات

وتماشياً مع روح قانون الضمان، أصدرت المديرية العامة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مذكرة في 9 تشرين الأول من العام الماضي تتعلق بمراعاة الحد الأدنى الجديد للرواتب والأجور، على أن يرتفع الاشتراك السنوي لطلاب التعليم العالي والمعاهد الفنية، اعتباراً من العام الدراسي 2008 ــ 2009 من 90 ألف ليرة إلى 150 ألف ليرة... هذا الموضوع، أدى إلى لغط كبير بين الطلاب، الذين رأوا أنّ قرار زيادة 60 ألف إضافية على اشتراك الضمان يفوق قدراتهم على التحمّل، ولا سيما في ظل ارتفاع أكلاف المعيشة والنقل والسكن وتضاؤل فرص العمل المناسبة لأوضاعهم الدراسية...
المشكلة أن طلاب الجامعة اللبنانية سبق لهم أن سدّدوا اشتراك الـ90 ألف ليرة حين تسجّلوا في كليات الجامعة، لكن المذكرة الإدارية التي أصدرها رئيس الجامعة اللبنانية زهير شكر في 24 تشرين الثاني قطعت الشك باليقين، فوقع عدد كبير من الطلاب في مشكلة عدم قدرتهم على سداد الفارق المفروض، وخصوصاً أنهم لا يفيدون لا من قريب ولا من بعيد من زيادة الحد الأدنى للأجور. وتعدّ نسبة الطلاب الذين لم يسدّدوا حتى الآن فرق الاشتراك كبيرة نسبياً، ولأسباب تتفاوت بين طالب وآخر، بحيث ثمة فئة لا تملك المال اللازم لدفع الفرق، إضافة إلى فئة لا تعلم بوجود هذا القرار بسبب عدم وجودها الدائم في حرم الكليات، وخصوصاً تلك التي لا تفرض الحضور الإلزامي، وفئة لا تريد دفع الفارق بسبب اعتراضها على القرار أو عدم اكتراثها له.
وقد سادت شائعات خلال الأسبوع الماضي، بحرمان الطلاب الذين لم يسدّدوا بعد فرق اشتراك الضمان، الامتحانات الجامعية، لكن مصادر «الأخبار» أكدت أن عدداً لا بأس به من الممتحنين لم يدفعوا الزيادة وسُمح لهم بخوض الامتحانات بصورة طبيعية، وإن كان بعض مسؤولي شؤون الطلاب كانوا يزورون القاعات ويذكّرون الطلاب بالدفع.

بين التوازن... والمنطق

وفي هذا الإطار، تسعى بعض المجموعات الطلابية إلى تنظيم تحركات ضاغطة لوقف مفعول قرار زيادة اشتراكات الضمان على الطلاب الجامعيين، وهذا ما يرى أحد أعضاء مجلس إدارة الضمان (ممثل للعمّال)، أنّه محقّ إلى حد ما، لكنه يشير إلى أن قيمة الاشتراك للطلاب زهيدة، وخصوصاً أنها سنوية لا شهرية، وبالتالي فهي لا تمثّل عبئاً على الطالب، إلّا أن إلغاءها قد يزيد الخلل الحاصل في العجز المتراكم في الضمان. ويشرح أنه منذ تأسيس الضمان جرى تحديد نسبة الاشتراك على أن تكون 23،5 % من الحد الأدنى للأجور، على أن ترتفع نسبة الاشتراكات في حال العجز، وأن تزيد التقديمات في حال الوفر، وبالتالي ارتفعت نسبة الاشتراك في المرض والأمومة بعد العجز الذي أصاب هذا الصندوق، لكن عام 2001 جرى الترويج لضرورة اتخاذ قرارات وإجراءات تحفّز الاستثمارات الخاصة، فتركّز الحديث على وجود كلفة مرتفعة على المؤسسات من جرّاء الاشتراكات الإلزامية. وفي أول نيسان من العام نفسه، قررت الحكومة خفض معدل الاشتراكات من 15 إلى 9 % في فرع ضمان المرض والأمومة، ومن 15 إلى 6 % في فرع التعويضات العائلية، ما أدى إلى تدني إيرادات الفرعين بنسبة 17% و40% على التوالي، فانخفضت مباشرة من 627.2 مليار ليرة في عام 2000 إلى 394.9 مليار ليرة في عام 2003، فأصبح الصندوق في حالة عجز بنيوي، أي إن الاشتراكات لم تعد تغطي التقديمات، حتى لو أصبحت الجباية 100%.
ويرى عضو مجلس الإدارة أن خفض الاشتركات جاء خلافاً للقانون، إلا أنه بعد زيادة الحد الأدنى للأجور أخيراً عادت الاشتراكات إلى الارتفاع، وبالتالي، فإن الحديث عن خفض في اشتراكات الطلاب التي تتألف من حوالى 50 ألف طالب مشترك في الضمان الصحي، سيؤدي إلى مشكلة حقيقية في التوازن المالي، وخصوصاً أن قيمة العجز الحاصل أصبحت تتعدى الـ400 مليار ليرة، ولكنه يشير إلى أن هذا المطلب مشروع ومنطقي باعتبار أن هذه الفئة لا تفيد من زيادة الحد الأدنى للأجور، كما أن عدد الطلاب المستفيدين من الضمان، لا يتجاوز تقريباً الـ40 في المئة من العدد الإجمالي للطلاب المنتسبين إلى الصندوق، وبالتالي هناك فئة كبيرة من الطلاب تتحمل عبء زيادة الاشتراك من دون الإفادة من التقديمات.
ويلفت إلى أن تعديل قرار مجلس الوزراء، يتطلب مطالبات حثيثة من هيئات الطلاب ترفع إلى وزارة التربية، على أن يجري عرض هذه المطالب من جانب وزير التربية على طاولة مجلس الوزراء ليصار إلى إصدار مرسوم بذلك.


147 ألف طالب

هو عدد الطلاب المسجّلين في جميع مؤسسات التعليم العالي في لبنان، التي تضم نسبة 89.2% من اللبنانيين، بينهم 71 ألف طالب في الجامعة اللبنانية، 14 ألفاً في جامعة بيروت العربية، و10 آلاف طالب في جامعة القديس يوسف ، و7 آلاف في الجامعة الأميركية...


الطلاب في المرحلة الثانية