لم يتطرق القانون الرقم 63 المتعلق بزيادة الحد الأدنى للأجور إلى زيادة الإيجارات السكنية «بسبب خطأ في الصياغة القانونية» وفق لجنة الإدارة والعدل، لكن ذلك يؤدي قانوناً إلى عدم زيادة الإيجارات السكنية حتى تصحيح الخطأ
رشا أبو زكي
خلقت المادة الأولى من قانون رفع الحد الأدنى للأجور وزيادة غلاء المعيشة الرقم 63 الذي صدر في الجريدة الرسمية في 8 كانون الثاني 2009، والمبهم إلى حد بعيد، الكثير من الالتباسات القانونية... فوفق المادة الـ6 من قانون الإيجارات الرقم 92/160 «ترتبط وتزاد تباعاً بدلات الإيجار بنسبة تعادل نصف نسبة الزيادة الطارئة في كل مرة على الجزﺀ الأول من الراتب المحددة في المراسيم المتعلقة بزيادة غلاﺀ المعيشة وتحديد أجور المستخدمين اعتباراً مــن تاريخ العمل بكل زيــادة»، ما يعني أن بدلات الإيجار ترتفع بنسبة توازي نصف الزيادة التي تطرأ على الشطر الأول من الراتب... إلا أن المرسوم الرقم 500 الصادر في 14 تشرين الأول 2008 المتعلق بتعيين الحد الأدنى للأجور وزيادة غلاﺀ المعيشة، لم يحدد نسبة الزيادة على الشطر الأول من الأجور، خلافاً لجميع مراسيم زيادة غلاء المعيشة الصادرة سابقاً، لا بل أضاف على أساس الأجر زيادة على غلاء معيشة بمبلغ مقطوع قدره 200 ألف ليرة، وبالتالي غاب الانسجام القانوني الذي كان سائداً بين زيادة غلاء المعيشة وزيادة الإيجارات. وفي مطلع العام الحالي صدر القانون 63، ليخلق في مادته الأولى مخرجاً قانونياً يتيح زيادة الإيجارات، فكان أن صدر القانون من دون الإشارة إلى الإيجار السكني!
فالثغرة التي أصبحت تحكم علاقة الأجور بالإيجارات السكنية زادت التباساً، إذ أعلنت الحكومة في القانون الرقم 63 أنه «يرفع الحد الأدنى للأجور إلى 500 ألف ليرة، أي بزيادة نسبتها 66%، وتطبق على بدلات الإيجار المنصوص عليها في المادة الـ13 من القانون الرقم 160/92 نصف نسبة الزيادة الملحوظة في الفقرة السابقة وذلك اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون». هذا النص أدى إلى العديد من التأويلات، فأولاً، إن المادة الـ 13 من القانون 160/92 وفق الباحث الاقتصادي والقانوني بول مرقص، تتعلق بإيجارات الأبنية التجارية والصناعية، وبالتالي لا تتعلق بالإيجارات السكنية الواردة في المادة 6 من القانون رقم 92/160، التي لم تُذكَر في القانون الأخير رقم 63!
ويوضح مرقص أن هناك وجهتي نظر قانونيتين تتعلقان بهذا الموضوع، الأولى هي السديدة وتقول بأنه ما دام القانون الجديد استند أو عُطف على المادة الـ 13 المتعلقة بالإيجارات الصناعية والتجارية فقط، فإن الإيجارات السكنية معفاة من الزيادة. أما الوجهة الثانية وهي لمصلحة المالكين القدامى، فتتذرع بأن القانون القديم لا يشترط نصاً خاصاً للزيادة على الإيجارات، إذ إن الزيادة تحصل تلقائياً دون حاجة لنص في كل مرة، إلا أن المشكلة هنا في نسبة الزيادة التي يجب احتسابها. ويشدد مرقص على ضرورة صدور قانون توضيحي عن مجلس النواب لتوضيح إن كانت الإيجارت السكنية خاضعة هي الأخرى للزيادة، وحتى ذلك الحين، فإن القانون يطبق كما هو، أي من دون أن تلحق الزيادة الإيجارات السكنية.
وبعكس الأُمنيات، فقد أعلنت لجنة الإدارة والعدل، أنها في صدد «مناقشة قانون الأجور رقم 63 مجدداً، لتصحيح خطأ ورد في النص الذي نشر في الجريدة الرسمية، وستُقترَح إضافة فقرة على القانون، بحيث تشمل الزيادة الإيجارات السكنية قبل عام 1992، وبمعدل 33%، أي بمعدل نصف قيمة الزيادة على الحد الأدنى للأجور!». وقال رئيس اللجنة النائب روبير غانم إنه تقرر «أن يُعطى وزير العدل إبراهيم نجار مهلة عشرة أيام، ثم يعود إلى اللجنة بصياغة للمواد المتعلقة بالتمديد من جهة وبالزيادة من جهة ثانية، آخذاً في الاعتبار موضوع الإنصاف والعدل وتأمين الحقوق والمساواة قدر الإمكان».
المشاكل لا تنتهي هنا، إذ إن المستأجرين يشددون على فكرة أن نص القانون 160/92 يشير إلى أن كل زيادة على الجزء الأول على الراتب يلحق نصفها على بدلات الإيجارات في المادة الـ 6 للسكن والمادة الـ 13 لغير السكن، الا أن الأجور زادت بمبلغ مقطوع بقيمة 200 ألف ليرة، من دون أي اعتبار للشطور، وبالتالي لا زيادة على الجزء الأول من الراتب. وهذا ما أشار إليه رئيس لجنة المستأجرين في لبنان نبيل العرجا الذي رأى في اتصال مع «الأخبار» أن استناد القانون الـ63 إلى المادة الـ13 من القانون 160/92 باطل، ويذهب العرجا إلى أبعد من ذلك، لافتاً إلى أن القانون الـ63 قابل للتفسير والتأويل، فهل تكون الزيادة 33% على الـ200 ألف ليرة؟ أم على الـ500 ألف ليرة؟ أم تكون الزيادة على كامل الإيجار؟
ومن جهة أخرى، يحاول المالكون الحصول على مفعول رجعي للزيادة، بدءاً من تاريخ تطبيق زيادة الحد الأدنى في أيار من عام 2008، فيما القانون الـ63 واضح في هذا الشأن، بحيث إن المفعول الرجعي «يطبق من تاريخ العمل بهذا القانون» أي من 1 كانون الأول 2008!
ويلفت مرقص إلى أن القانون الـ63 ينص على أن نسبة الزيادة هي 33% على بدلات الإيجار، مشيراً إلى أنه لا يمكن أحداً سوى المجلس الدستوري إبطال القانون، ومتى صدر يصبح إلزامياً ويجب العمل به كما هو، ولو كان مبتوراً أو مجتزأً حتى تعديله، «ولو كان للأسف يخرق مبدأ المساواة والعدالة».
أما أمين سر اللجنة حسيب قيلوح، فيرى أن المرسوم رقم 500 والقانون رقم 63 جاءا جائزةَ ترضية للملاكين الكبار، وهم ينتمون بمعظمهم إلى فئة الأثرياء والخليجيين والأجانب، وذلك على حساب المستأجرين الذين أكثر من 95% منهم لبنانيون، مشيراً إلى أن القانون والمرسوم كليهما صيغا لإلغاء ما يُسمّى «الخلو» الذي يُعَدّ صِمام أمان لشريحة كبيرة من اللبنانيين. ويضيف: «نحن 170 ألف عائلة، ونمثل قوة سياسية وشعبية، وما يقومون به في الحكومة سينعكس عليهم في الانتخابات المقبلة».