القاهرة ــ خالد محمود رمضاناتهم نجل الزعيم الليبي، معمر القذافي، سيف الإسلام، في مقابلة هاتفية مع «الأخبار»، العرب بالتآمر على المقاومة الفلسطينية واللبنانية، محذّراً من أن يؤدي هذا التآمر إلى عودة النفوذين الإيراني والتركي إلى المنطقة.
وقال القذافي إن «العرب يتآمرون على المقاومة، والعرب يتصافحون مع الإسرائيليين، والآن من يدعم المقاومة ويتخذ مواقف تجاه إسرائيل، هما تركيا وإيران، وبالتالي رويداً رويداً، بهذه العقلية العربية وبهؤلاء الحكام العرب، أنا متأكد أنّه سيرجع المدّ التركي والإيراني ونفوذهما»، مضيفاً «سيصبح قرارنا وحياتنا يأتيان من إسطنبول وطهران، وتعود إيران شرطي الخليج وترجع الهيمنة التركية على العرب، وهذا ما هو حاصل ما دام العرب بهذه العقلية وبهذا التشرذم الحالي».
ودعا سيف الإسلام العرب إلى أخذ العبر الديموقراطية من إسرائيل، قائلاً «في إسرائيل عندما تحدث أخطاء أو هزيمة، يُقال المسؤولون، وتُجرى انتخابات وتغيَّر الحكومة وتُعاقب من خلال آلية ديموقراطية، وبالتالي المجتمع دائماً في عملية تقويم ذاتي». وأضاف «هذا ما ينقص العرب»، مشيراً إلى «بقاء الحكومات ووجوه القادة (العرب) هي نفسها رغم الهزائم والحروب والفشل، والأخطاء نفسها والعقلية نفسها بلا تغيير».
وأشاد سيف الإسلام بانسحاب رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أرودغان، من جلسته الشهيرة مع الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز، في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي في سويسرا، اعتراضاً على عدم السماح له بالردّ على «أكاذيب بيريز بشأن غزّة». وقال إن «ما فعله أردوغان لم يفعله أي مسؤول عربي، وأيضاً ما تفعله إيران من دعمها للمقاومة في فلسطين ولبنان لا يقوم به العرب». وكشف عن أن السلطات المصرية منعته من محاولة دخول قطاع غزّة، خلال أيام العدوان لأسباب أمنية «خوفاً على حياته»، مشيراً إلى أنه «يتفهم هذه المبررات».
وتحدث القذافي، الذي لا يتولى أي منصب رسمي أو تنفيذي في الحكومة الليبية، عن قرار انسحابه من الحياة السياسية في ليبيا، الذي اتخذه خلال خطاب ألقاه في مدينة سبها الليبية قبل نهاية العام الماضي، قائلاً إنه «كان قراراً شخصياً من دون تدخل من والدي»، مبرّراً قراره بأنّه «لا يريد أن يكون عقبة في طريق الإصلاح والتغيير في ليبيا»، الذي يجب أن ينبع من «إرادة الشعب، ومن يقف في طريقه (الإصلاح) سيمنى بالهزيمة لا محالة».
ورأى سيف الإسلام أنّه من الخطأ أن تتمحور الدولة حول شخص واحد فقط أو مجموعة أشخاص، وطالب بإعادة النظر في جميع الهياكل الإدارية والتنظيمية للدولة وبإطلاق الديموقراطية وكتابة دستور جديد للبلاد بمشاركة جميع أبناء الشعب.
وأقرّ سيف الإسلام بوجود تيار مواجه للإصلاح في ليبيا، لكنّه «ليس كبير العدد ولا يمثل حزباً أو جبهة، بل مجموعة أشخاص تجاوزهم الزمن». وقال إنه يفكّر في الإقامة خارج ليبيا لبعض الوقت من أجل «التفرّغ لمشاريعه الفكرية والأكاديمية الخاصة» التي لم يفصح عنها، مؤكّداً أنّ ذلك لا يعني ابتعاده عما يجرى في ليبيا.
وعن العلاقات الليبية ـــ السويسرية التي تدهورت بسبب توقيف السلطات السويسرية شقيقه الأصغر هنيبعل وزوجته العام الماضي بتهمة الاعتداء على خادمين لهما، نأى سيف الإسلام بنفسه عن هذه القضية، معتبراً أنّ لا تطور على صعيد حل هذه الأزمة. وادّعى أنّه نجح في تحويل ليبيا من دولة محاصرة ومقاطعة إلى دولة لديها مقعد داخل مجلس الأمن، مشيراً إلى أن الكرة الآن في ملعب الدولة الليبية للاستفادة مما حققه من تطبيع للعلاقات وفك للألغام التي كانت تعترض طريق علاقات ليبيا مع الولايات المتحدة وأوروبا.
وفي قضية اعتقال أحد أقرب مساعديه السابقين، الدكتور جمعة عتيقة، الذي أصدر النائب العام الليبي مطلع هذا الأسبوع قراراً باعتقاله لمدة 45 يوماً بتهمة التورط في تنظيم سياسي محظور واغتيال السفير الليبي الأسبق في العاصمة الإيطالية، روما، عمار ضو، عام 1984، تعهد نجل القذافي العمل على إطلاق سراحه. وقال «إذا تصور أحد أن غيابي عن البلاد يعني الاعتداء على أي مواطن ليبي، فهذا وهم، أنا لهم بالمرصاد ولن أتخلى عن الدفاع عن دولة القانون والمؤسسات والديموقراطية في ليبيا».
وشغل عتيقة منصب المدير السابق لجمعية حقوق الإنسان التابعة لمؤسسة القذافي للتنمية، الذي يرأسها سيف الإسلام. وكان قد وجّه رسالة خطية إلى الزعيم الليبي تلقت «الأخبار» نسخة منها، لفت فيها إلى أنّه لم يكن يدور في خلده حينما لبى نداء القذافي بالعودة إلى الوطن عام 1988 أنّه سوف يتعرّض لما تعرّض له. وقال «اليوم وبعدما عدت إلى ممارسة حياتي الطبيعة مسهماً في الشأن العام، أجد نفسي في مواجهة اتهام وتلفيق لا أساس له من الواقع أو القانون يتعلق بتهمة جنائية جرى استدعائي للتحقيق بشأنها».