رغم اجتماع دام ساعات بين وفد «حماس» والمسؤولين المصريين في القاهرة، إلا أن الردّ «الحاسم» على المبادرة المصرية أُجّل بسبب الحاجة إلى المزيد من النقاشات، فيما تصاعد التوتر العسكري في غزة، في ظلّ المناكفات بين «حماس» و«فتح»
القاهرة ــ خالد محمود رمضان
غزة ــ قيس صفدي
لم يؤدّ الاجتماع الأوّلي بين وفد «حماس» في القاهرة ورئيس جهاز الاستخبارات المصرية عمر سليمان إلى نتيجة ملموسة، بل أُجّل تسليم رد الحركة الإسلاميّة بسبب الحاجة إلى مزيد من النقاش، مع رفض الحركة الإسلامية هدنة تمتد عاماً ونصف عام.
وقالت مصادر مصرية وفلسطينية لـ«الأخبار» إنه «بعد اجتماع أوّلي دام نحو أربع ساعات بين وفد حماس وسليمان، اكتشف الجانبان أن هناك حاجة إلى مزيد من الوقت لمناقشة المبادرة». وأوضحت أن «الطرفين اتفقا على معاودة الاجتماع، في محاولة للتغلّب على العقبات التي تعترض طريق المحادثات التي تعقد في أجواء من السرية».
وعلمت «الأخبار» أن «حماس ترفض هدنة لوقف إطلاق النار مع إسرائيل لمدة عام ونصف عام، واقترحت في المقابل عاماً واحداً للهدنة فقط، فيما تصرّ على فصل الهدنة عن الاتفاق مع السلطة الفلسطينية على إطلاق الحوار الموسّع في القاهرة».
وأشارت المصادر إلى أن «سليمان أمضى وقتاً طويلاً في تحذير حماس من مغبّة المضي قدماً في مشروع رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل لإطلاق قيادة بديلة لمنظمة التحرير الفلسطينية»، معتبراً أن «إنشاء هذه القيادة سيكون وبالاً على الشعب الفلسطيني وعلى القضية». ولفتت إلى أن «مطالبة حماس بفتح فوري لمعبر رفح لا تزال تمثّل نقطة خلاف إضافية مع مصر. إذ تطالب الأخيرة حماس بالتراجع عن سيطرتها على غزة أوّلاً، والسماح لعناصر تابعة للسلطة الفلسطينية بإدارة المعبر أو عقد محادثات لتأليف حكومة وحدة وطنية».
وأكد سليمان لوفد «حماس» أن «القاهرة لن تعيد فتح المعبر إلا في هذا الإطار، إضافة إلى تنفيذ اتفاقية عام 2005 بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل والاتحاد الأوروبي».
في هذا الوقت، طغى صوت المناكفات والاتهامات بين «الأفرقاء» الفلسطينيين على التصعيد العسكري بين الاحتلال وفصائل المقاومة، والتهديدات الإسرائيلية المتنامية. وأعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية في حكومة «حماس» المقالة إيهاب الغصين، أن «الأجهزة الأمنية نجحت في ضبط مجموعة من فتح، يرأسها محمد الهباش، ابن شقيق وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة رام الله محمود الهباش، كانت تقوم بجمع معلومات عن المقاومة قبل أيام من بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في 27 كانون الأول الماضي، ومن ثم إرسالها إلى ضباط في سلطة رام اللّه الذين سلّموا تلك المعلومات إلى الاحتلال».
وأكد غصين أن «الأجهزة الأمنية تعكف حالياً على ملاحقة أفراد مجموعات متهمين بالتخابر والعمل ضد المقاومة لمصلحة الاحتلال، كانوا قد فرّوا خلال الحرب»، مشدداً على أنه «سيُقدَّم جميع المتهمين إلى القضاء في أسرع وقت ممكن».
في السياق، اتهم وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة «حماس» أحمد الكرد سلطات الاحتلال وأطرافاً فلسطينية لم يسمّها، «بمنع تدفّق المساعدات الخارجية إلى القطاع لإغاثة السكان بعد الحرب الإسرائيلية». ووصف المساعدات الإغاثية التي وصلت إلى غزة بأنها «محدودة وتقتصر على المساعدات الطبية»، فيما المواد الغذائية والتموينية مكدّسة في مدينة العريش المصرية، وفي معبر العوجة.
بدوره، حمل ممثّل «حماس» في لبنان أسامة حمدان على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، معتبراً أنه «فقد الشرعية الشعبية، وأن حماس اكتسبتها عبر صناديق الاقتراع والنصر في غزة». وانتقد «من يدّعي أنه رئيس»، قائلاً إنه «رئيس على الدم الذي سفك وعلى الأرواح التي بذلت».
وبموازاة الخلافات والاتهامات المتبادلة داخلياً، خيّمت أجواء من الحذر والترقب على الشارع الغزّي، في ظل تهديدات إسرائيلية متنامية تلت سقوط صاروخ «غراد» في مدينة عسقلان (المجدل)، إضافة إلى قذائف هاون استهدفت بلدات إسرائيلية متاخمة للقطاع، من دون أن يعلن أي من الفصائل مسؤوليته عن إطلاق الصاروخ والقذائف.
في المقابل، أطلقت الزوارق الحربية الإسرائيلية المنتشرة في عرض البحر نيران أسلحتها الرشاشة وقذائفها تجاه مراكب الصيد قبالة سواحل مدينة خان يونس، جنوب القطاع، من دون وقوع إصابات، فيما اضطرت عشرات العائلات إلى هجر منازلها القريبة من الحدود الفلسطينية المصرية، بعد تلقّيها إنذارات من جيش الاحتلال عبر الهواتف بإخلائها تمهيداً لقصف المنطقة التي تضم مئات أنفاق التهريب.
إلى ذلك، كشفت الأجهزة الأمنية المصرية نفقاً أرضياً يعبر الحدود الدولية في منطقة «القمبز» المجاورة لمنطقة صلاح الدين في رفح، لتهريب الوقود إلى قطاع غزة، فتمّ تدميره وإغلاق فتحته من الجانب المصري.


باراك ونتنياهو يهدّدان

رغم استمرار تساقط الصواريخ على المستوطنات الجنوبية المحيطة بقطاع غزة، رأى رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت أن «تغييراً حصل في الوضع الأمني في الجنوب بعد عملية الجيش الإسرائيلي في غزة»، معرباً عن «سعادته بذلك».
وأوضح أولمرت، خلال جولة في مدينة عكا، أن «حماس تلقّت ضربة قاسية من قبل حكومة إسرائيل التي أرأسها»، مضيفاً «قبل عامين قلت لكم إن الشمال سيكون هادئاً فاستهزأوا بي، والآن الشمال مزدهر، وهذا ما سيكون في الجنوب». وشاطر وزير الدفاع إيهود باراك، أولمرت رأيه بشأن الضربة القاسية التي تعرّضت لها «حماس» بحسب رأيه، معتبراً أنها «تجمع حطامها الآن». واعتبر، خلال جولة على الحدود الشمالية، أن الحركة «معنية بالهدوء، لكن استمرار إطلاق الصواريخ هو حقيقة لا ينبغي تجاهلها». وأضاف «إذا كان هناك هدوء فسيُردّ عليه بالهدوء، وإذا اتضح أن هناك حاجة إلى ضربة إضافية، ربما تكون أقوى، فإنها ستأتي في التوقيت والشكل المناسبين».
بدوره، توعّد رئيس حزب «الليكود» بنيامين نتانياهو بـ«إسقاط سلطة حماس في قطاع غزة»، في حال تولّيه منصب رئيس الوزراء بعد الانتخابات التشريعية المقررة في العاشر من الجاري. وقال خلال زيارة لعسقلان «يجب إسقاط سلطة حماس في غزة»، مضيفاً «سنتحرك بطريقة تؤدي إلى سقوطها وإلى إنهاء تهديد الصواريخ لعسقلان وبلدات جنوب البلاد». ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن نتنياهو قوله «في السنوات الأخيرة، أوصلتنا السياسة العمياء لحزب كديما (الحاكم) إلى ما نحن عليه اليوم»، مضيفاً أنه «يجب إحداث تغيير سياسي».
(الأخبار)