طار النصاب قبل اقتراح إلغاء الضرائب على البنزينرشا أبو زكي
إضراب ناجح جزئياً، واعتصام ضعيف جداً أمام مجلس النواب... هكذا يمكن وصف التحرك الذي دعت إليه اتحادات النقل البري والاتحاد العمالي العام عبر إعلان الإضراب العام والاعتصام أمام مجلس النواب عند الحادية عشرة من قبل ظهر أمس، للضغط على النواب من أجل التصويت على اقتراح قانون قدمه النائب ميشال عون ويرمي إلى تحرير سعر صفيحة البنزين وخفض الرسوم وإلغاء الضريبة على القيمة المضافة على صفيحة البنزين... ففيما توقفت السيارات العمومية والفانات عن العمل فارضة حالة من شبه الشلل في معظم المناطق اللبنانية، انتظر عشرات الإعلاميين أمام ساحة رياض الصلح تظاهرة قطاع النقل، ولف عدد كبير من العناصر الأمنية ومكافحة الشغب المنطقة المستهدفة من جانب المتظاهرين. فكانت المفاجأة الكبرى أن عدد المتظاهرين يكاد لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة! أما الطامة الأكبر، فهي أن مجلس النواب «فرط عنقود نصابه» قبل الوصول إلى اقتراح القانون المتعلق بتحرير سعر صفيحة البنزين، وذلك «من دون قرار بتطيير النصاب» كما أكد معظم النواب... وهكذا، كان يوم أمس فارغاً من ناحية عدم تحقيق مطلب شعبي أساسي من جهة، ومن جهة أخرى أزيحت ورقة التوت عن حركة نقابية تتقلص يوماً بعد يوم!

تظاهرة مخجلة

الساعة الحادية عشرة تماماً، حوالى مئتي معتصم موجود في ساحة رياض الصلح، إلا أن الشعارات التي يحملونها لا تدل بتاتاً على أنهم سائقون، الاستماع إلى شعاراتهم يضرب الشك باليقين، إذ يتبين أن الموجودون في الساحة هم عمّال الأكراء في مؤسسة الكهرباء الذين جاؤوا بناءً على دعوة الاتحاد العمالي العام لرفع مطالب تثبيتهم في الملاك، وشمولهم بالضمان الاجتماعي، وإعطائهم الزيادة على الأجور التي لم يتقاضوها حتى الآن، وفق ما يشير إليه عباس ملاح لـ «الأخبار». أما المجموعة الثانية، فتتألف من عدد من الأساتذة المتعاقدون في التعليم المهني والتقني الرسمي، الذين قدِموا للاعتصام بهدف حثّ النواب على التصويت على اقتراح القانون رقم 136 الرامي إلى إقرار حقهم في التثبيت والانضمام إلى ملاك مديرية التعليم المهني والتقني، فيما تحلّقت مجموعة من اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني حول تمثال رياض الصلح رافعةً مطلب خفض سن الاقتراع، إضافة إلى مشاركة أفراد من نقابات واتحادات نقابية وعمال المدارس الرسمية. أين السائقون إذن؟ الانتظار يطول، والتشويق سيد الموقف، إذ إن الإعلاميين موعودون بتظاهرة «مليونية» ستنطلق من الكولا.
تخطت الساعة الحادية عشرة والنصف، وإذا بصوت المذياع الصادح بالأغاني الوطنية يقترب، وخلفه عدد من السيارات والأوتوبيسات التي تتراجع «لتلاقي صفة» بعيداً عن الاعتصام، يترجل أصحابها ويتقدمون نحو ساحة رياض الصلح، وإذا بعددهم «أقل من عدد المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي العام» كما يعلّق أحدهم!
الصدمة الكبيرة تمحو الملامح عن وجوه المشاركين في الاعتصامات المتفرقة... وكذلك على وجوه العناصر الأمنية المتراصّة، فـ«ظل تمثال رياض الصلح يكاد يغمرهم» يقول أحد المعتمصين، متابعاً «عن جد، الحركة النقابية بحاجة إلى نفضة، وإلا فسوف يبقى الوضع مخجلاً كما هو الآن». يحمل رئيس اتحاد نقابات السائقين العموميين عبد الأمير نجده مكبر الصوت ويقول «لا يزايدنّ أحد علينا في هذا الوضع، فنحن عندما ننزل إلى الشارع نقفل كل البلد واليوم أقفلناه». أضاف: إذا لم تحقّق مطالبنا فسنلجأ إلى المزيد من الإضرابات والتظاهرات من أجل تحقيقها. أما رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن، فأشار إلى أن «الاتحاد لن يقف مكتوف الأيدي أمام عدم إقرار عدد من مشاريع القوانين، وطالب برفع الظلم عن العمال».

شلل في المناطق

الصورة القاتمة في بيروت، لم تنسحب على المناطق اللبنانية، إذ أفاد مراسل «الأخبار» في البقاع نقولا أبورجيلي أن «معظم السائقين العمومين وأصحاب الباصات في البقاع لبّوا الدعوة التي وجّهها الاتحاد العمالي العام ونقابات قطاع النقل البري في لبنان للإضراب والتظاهر السلمي، وقد تفاوتت نسبة المشاركة بين منطقة وأخرى في البقاع، حيث سجّلت أعلاها منطقة البقاع الشمالي، التي تأثرت بحركة الاحتجاج تأثّراً لافتاً، تمثّل بإقفال مدارسها بنسبة 90%، بعدما امتنع أصحاب الباصات عن نقل الطلاب إلى المؤسسات التعليمية الرسمية والخاصة، إضافةً إلى تظاهر عدد من السائقين العموميين وأصحاب الفانات، صباحاً مقابل مستشفى رياق العام، فيما اقتصرت تحركات المحتجين من منطقتي البقاع الأوسط والغربي، على تجوال عدد من السيارات العمومية مطلقة أبواقها في شوارع مدينتي شتورا وزحله، وانتهت هذه المسيرة بالتجمع أمام مكتب نقابة السائقين العموميين في سهل حوش الأمراء، وهناك ألقى عدد من السائقين كلمات شدّدوا فيها على تحقيق مطالبهم.
فيما أفاد مراسل «الأخبار» في بعلبك علي يزبك أن السائقين العموميين وسائقي فانات المدارس والجامعات نفّذوا إضراباً عاماً في محافظة بعلبك الهرمل، وتأثرت حركة النقل بالإضراب، كما أقفلت المدارس أبوابها. ونفّذ السائقون اعتصاماً في دورس عند المدخل الجنوبي لمدينة بعلبك استمر عدة ساعات، وتركّزت المطالب على إلغاء الضرائب والرسوم التي تشمل هذه الشريحة من العمال في رزقها، إضافة إلى مكافحة اللوحات العمومية المزوّرة.
وفي الضاحية الجنوبية، كان الوضع مشابهاً، حيث نفّذ سائقو السيارات والفانات العمومية منذ الصباح، إضراباً عاماً توقفت خلاله حركة السير في المنطقة، ولوحظ أن المواطنين كانوا يتنقّلون سيراً على الأقدام.
كذلك نفّذ سائقو السيارات العمومية والباصات في الشمال اعتصاماً تحذيرياً، بناءً على دعوة نقابة السائقين في ساحة النور ـــ طرابلس. ونظّمت اتحادات ونقابات سائقي السيارات العمومية في الجنوب مسيرة سيارة، شاركت فيها عشرات السيارات، وانطلقت من محلة البص ـــ صور وصولاً إلى سرايا صور، حيث نفّذ اعتصام ورُفعت اللّافتات الداعية إلى تحقيق مطالب السائقين العموميين.


76 ألفاً

هو عدد السائقين المتضررين من قرار الحكومة فرض رسوم مرتفعة وضرائب على المحروقات، إذ يشير رئيس اتحاد نقابات السائقين العموميين عبد الأمير نجدة إلى أنه يوجد 34500 سائق تاكسي، و4000 سائق فان، 15 ألف سائق كميون، و2236 سائق أوتوبيس


اقتراح القانون