بسام القنطارأطلقت وزارتا البيئة والمال والبنك الدولي «عملية تقييم الأداء البيئي في لبنان»، في مؤتمر عقد أمس في وزارة البيئة شارك فيه الوزيرين طوني كرم ومحمد شطح. وسيعمد فريق عمل مشترك يرأسه المدير العام لوزارة البيئة بيرج هاتيجيان إلى التنسيق مع خبراء من البنك الدولي لتقييم الأداء البيئي في قطاع المياه والصرف الصحي وأثره في نوعية المياه، وقطاع النفايات الصلبة، على أن يجري إصدار تقرير مفصّل في شباط 2010 يتضمّن خطة عمل تلحظ الاستثمارات المطلوبة في هذة القطاعات. إلى ذلك أعلن مدير إدارة المشرق في البنك الدولي هادي العربي، أنه «لدى اكتمال الخطة سوف يُقترح دعوة الدول المانحة لعقد مؤتمر بيئي لتبني خطة العمل ومباشرة تمويلها».
وخلال الجلسة الافتتاحية قرأ الوزير كرم مداخلة مكتوبة بينت أن كلفة التدهور البيئي في لبنان وصلت إلى حوالى 3,4 % من الناتج الإجمالي المحلي، أي ما يفوق معدل نمو إجمالي هذا الناتج، وأن تدهور المياه والهواء احتل المرتبتين الأولى والثانية في الكلفة المذكورة.
ولفت كرم الى تراجع مرتبة لبنان بالنسبة إلى مؤشر الاستدامة البيئية حتى بلغت 129 من بين 146 دولة عام 2005، في ما ظهر عام 2006 مؤشر بيئي جديد، تحت اسم مؤشر الأداء البيئي، وقد احتل لبنان المرتبة 90 من بين 149 دولة عام 2008. كما أن المؤشرات الدولية لم تنظر إلى الاقتصاد والبيئة كلاً على حدة، بل ربطت بينهما ربطاً نسبياً من خلال مؤشر Adjusted Net Savings الذي سجل في لبنان أرقاما سلبية بلغت: (11,10 -) عام 1993، و(15,38-) عام 2006».
أما شطح، فقدّم مداخلة شفهية أمل فيها «أن يترجم إطلاق عملية تقييم الأداء البيئي، إلى نتائج عملية في ما يتعلق بتحضير الموازنات وتقييم البيئة ضمن الموازنات». وأشار إلى أن «المشكلة المالية الكبيرة التي يعانيها لبنان والمتمثلة في الدين والعجز الكبيرين، لا يمكن معالجتها إلا بإنفاق فاعل وشفاف وفي محله، وبنمو قابل للاستمرار».
غادر الوزيران القاعة «الخضراء» في مبنى اللعازارية وأُخليت الساحة لخبراء من البنك الدولي. خبير اقتصاديات البيئة في البنك الدكتور علاء سرحان عرف عملية تقييم الأداء البيئي ومنهجية العمل في لبنان، مشيراً إلى أن وزارة البيئة طلبت أن يشتمل التقييم إضافة إلى نوعية المياه والصرف الصحي والنفايات قطاعات النقل والطاقة وإدارة الموارد الطبيعية وتدهور الأراضي. وأعلن سرحان أن البنك الدولي يتواصل مع «الإسكوا» من أجل المشاركة في عملية التمويل.
بدوره تولّى مستشار البيئة في البنك الدكتور شريف عريف عرض النموذجين المصري والتونسي في تقييم الأداء البيئي. وحلّل عريف مجموعة من الجداول تظهر إنفاق الحكومة التونسية في قطاع المياه وعدم انعكاس هذا الإنفاق على الأداء الزراعي، الأمر الذي أظهر تقييم الأداء، وعولج في السنوات اللاحقة، كما بيّن شريف الخطة المالية الطويلة لإدارة النفايات المنزلية الصلبة في مصر، والتي سوف تستفيد من عائدات الكربون الناتجة من توليد غاز الميثان من مطامر النفايات وقدرة هذه العائدات على تغطية جزء من الإنفاق في قطاع النفايات الصلبة.
المستشار البيئي في البنك، فادي دوماني، عرض نتائج تقدير كلفة التدهور البيئي للمناطق الساحلية في شمال لبنان، والممتدة من العريضة إلى تحوم. وخلص التقرير إلى توصية بضرورة تشريع قانون لحماية شاطئ عكار على غرار قانون محمية شاطئ صور في جنوب لبنان، كما أوصى بضرورة التحول إلى وقود أقل تلويثاً في توليد الطاقة، وذلك سيؤدي إلى الاستفادة من صندوق المنح الذي ستُنشئه الأمم المتحدة ضمن آليات المعاهدة الدولية بشأن تغيّر المناخ، التي من المتوقع أن تقر في الدنمارك أواخر العام الحالي.
وفي ختام المداخلات تولّى هتجيان إدارة مناقشة مفتوحة بشأن الشراكة بين مختلف الوزارات والجهات المعنية في مراحل إعداد التقييم وتحديد الأولويات. وتضمنت المناقشة تساؤلات عدة طرحها عدد من المشاركين، حيث أبدى ممثل الاسكوا تخوّفه من قدرة الفريق على الوصول إلى نتائج ملموسة ضمن الخطة الزمنية المطروحة، فيما طُرحت تساؤلات أخرى تتعلق بالمخاطر التي ستواجهها عملية تقييم الأداء، فيما لم يجرِ تبني استراتيجة موحدة لوزارة البيئة، وفي ظل تعثر تنفيذ خطط طويلة الأجل بسبب تغيير الوزراء والعهود وتخبّط الإدارات المحلية وضعفها عن الإدارة المستدامة للمشاريع، إضافة إلى انعكاس الأزمة العالمية على برامج التمويل والمنح على المدى الطويل.