كلّ شيء مباح لدى رئيس وزراء العدو. بنيامين نتنياهو ذهب، يوم أمس، إلى تبرئة أدولف هتلر من نيته الابتدائية بحرق اليهود في أوروبا، وكل ذلك لحسابات سياسية ظرفية. فحوّل نتنياهو الشعب الفلسطيني، الذي هو في الواقع الضحية الثانية للمحرقة بعد الضحايا الذين تم حرقهم بالفعل، إلى المسؤول عن دماء اليهود في أوروبا!
لم يتورع نتنياهو عن تبرئة هتلر من التخطيط الابتدائي للمحرقة ما دامت هذه الكذبة تخدمه في صراعه مع الفلسطينيين. ولتبرير وضع العراقيل أمام أي محاولة تهدف للتوصل إلى اتفاق نهائي مع السلطة الفلسطينية، وانسحاب إسرائيل من جزء من أراضي الضفة المحتلة، برّأ نتنياهو الزعيم النازي أدولف هتلر من أنه كان ينوي إبادة اليهود، وإنما جلّ هدفه كان طردهم. ولكن «من أقنعه بذلك هو المفتي الحاج أمين الحسيني»، الأمر الذي أثار ردود فعل إسرائيلية داخلية دفعت نتنياهو إلى محاولة التنصل من السقطة التي حولته إلى موضع تعليق في الساحتين السياسية والإعلامية في إسرائيل.

نتنياهو: هتلر في عهده لم يكن يرغب في إبادة اليهود

نتنياهو رأى في كلمة له، أمام «المؤتمر الصهيوني» في القدس، أن هتلر «في عهده لم يكن يرغب في إبادة اليهود. لقد أراد طرد اليهود، والحاج أمين الحسيني ذهب إلى هتلر وقال له: إذا طردتهم فسيأتون جميعاً إلى هنا. عندها سأله هتلر: إذاً ما الذي نفعله معهم؟ فأجاب المفتي: أحرقهم».
هذا الكلام أثار عاصفة سياسية في إسرائيل استدرجت ردود فعل مضادة. فقد هاجم رئيس المعارضة و«المعسكر الصهيوني»، يتسحاق هرتسوغ، رئيس الحكومة، واصفاً كلامه عن مسؤولية الحسيني بأنه «تشويه تاريخي خطير. أطلب من نتنياهو تصحيحه فوراً، كونه يُقزّم قضية الكارثة النازية». وأضاف هرتسوغ: «نتنياهو نسي أنه ليس فقط رئيس وزراء إسرائيل، بل أيضاً رئيس وزراء الشعب اليهودي»، محذراً من أن كلام نتنياهو «يسقط مثل الثمرة في أيدي منكري المحرقة النازية»، ومشدداً على أن العدو الكبير لإسرائيل هو هتلر.
كذلك أعربت عضو الكنيست زهافا غلاؤون عن دهشتها من كلام نتنياهو، وقالت إن «من الأفضل إخراج 33,771 يهودياً من القبر، والذين قتلوا في أيلول عام 1941، قبل شهرين من لقاء المفتي بهتلر أساساً، وإخبارهم بأنّ النازيين لم يكونوا ينوون إبادتهم أبداً». ولفتت غلاؤون إلى أنه ربما كان على نتنياهو «قول ذلك لأقربائي من ليتوانيا الذين قتلهم النازيون مع مئتي ألف من أبناء الجالية اليهودية هناك، أيضاً قبل أن يلتقي المفتي وهتلر».
في المقابل، حاول نتنياهو التنصّل من الموقف الذي أدلى به ضد الفلسطينيين، عندما ردّ على انتقادات المعارضة الإسرائيلية بأنه أعفى هتلر من المسؤولية عن المحرقة، بالقول: «لم تكن لدية نية لإعفاء هتلر من مسؤوليته الشيطانية عن إبادة يهود أوروبا. بالقدر نفسه من العبث تجاهل الدور الذي أداه المفتي، أمين الحسيني، مجرم الحرب، الذي عبر تشجيعه وتحفيزه ساهم في إبادة يهود أوروبا»، زاعماً أن هناك أدلة كثيرة على ذلك.
ولم تقتصر الردود على المسؤولين الإسرائيليين، بل شملت أيضاً المتحدث باسم المستشارة الألمانية، شتيفن زايبرت، الذي ردّ على سؤال حول تصريحات نتنياهو بالقول إن «كل الألمان يعرفون أن تاريخ القتل الإجرامي للنازيين هو الذي أدى إلى المحرقة النازية». وأضاف زايبرت: «هذا ما يدرس في المدارس الألمانية وعن حق، ويجب عدم نسيانه أبداً»، مشدداً على عدم وجود مبرر «لتغيير رؤيتنا للتاريخ... هذه مسؤولية ألمانية».
في سياق آخر، أقرّ قائد «هيئة الأركان العسكرية الإسرائيلية»، غادي ايزنكوت، بأنه لا يوجد «حل عسكري واضح» أمام جيش العدو للأحداث الجارية في القدس والضفة المحتلتين. وأوضح، خلال مقابلة مع القناة الثانية الإسرائيلية، أمس، أن الشبان الفلسطينيين الذين نفذوا عمليات ضد إسرائيل ليسوا منظمين ولا يوجد أي فصيل فلسطيني ينتمون إليه. ولكنه استدرك بالقول: «دور الجيش هو توفير الأمن وإعادة الهدوء إلى المنطقة. سنجد حلاً للوضع الأمني الحالي، ولكن الأمر سيستغرق وقتاً».
(الأخبار)