تتجه إسرائيل نحو مواجهة التقرير الأممي الذي اتهمها بارتكاب جرائم حرب من خلال التشهير به وبرئيس لجنة التحقيق ريتشارد غولدستون، الذي عرّفت عنه صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية بأنه «يهودي ويعرّف نفسه بأنه صهيوني»
أطلقت إسرائيل، أمس، حملة دبلوماسية في مسعى لاحتواء الآثار «الضارة والسلبية» لتقرير لجنة الأمم المتحدة الذي اتهم إسرائيل و«المسلحين الفلسطينيين» بارتكاب جرائم حرب أثناء عدوان غزة، فيما طالبت «حماس» المجتمع الدولي بمحاكمة المسؤولين الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، إيغال بالمور: «سنبذل جهوداً دبلوماسية وسياسية كبيرة على الساحة الدولية لوقف واحتواء الآثار الضارة والسلبية لتقرير لجنة غولدستون». وأضاف «نخشى أن يضر هذا (التقرير) بصورتنا. لكن توصيات هذا التقرير متطرفة للغاية لدرجة أن فرص تطبيقها قليلة».
وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن القيادة الإسرائيلية تخشى على نحو خاص من توصية بأن يرفع مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة التقرير إلى مدعي المحكمة الجنائية الدولية، ما يمكن أن يؤدي إلى توجيه الاتهام لمسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى ضالعين في الحرب. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤول إسرائيلي قوله إن «الهدف هو تجنب منحدر يمكن أن يقود إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي».
وعقب صدور التقرير، عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتماعاً مع وزير خارجيته أفيغدور ليبرمان وعدد من المستشارين السياسيين والقانونيين. وذكرت «هآرتس» أن نتنياهو والرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز ووزير الدفاع إيهود باراك سيجرون اتصالات بنظرائهم في أنحاء العالم لإقناعهم بأن التقرير متحيز وغير متوازن.
في هذا الوقت، أكدت مندوبة إسرائيل لدى الأمم المتحدة، غابريلا شاليف، للإذاعة العامة الإسرائيلية، بقولها: «سنفعل كل ما بوسعنا لمنع أي ملاحقات قضائية نتيجة التقرير بالسعي لإظهار أنه غير نزيه ومنحاز سياسياً».
ورأى بيريز، في بيان، أن هذا التقرير «يسخر من التاريخ»، مشيراً إلى أن معديه «لا يميزون بين المعتدين والذين يدافعون عن أنفسهم». وأضاف أن «العمليات العسكرية التي نفذها الجيش الإسرائيلي هي التي أدت إلى ازدهار اقتصادي في الضفة الغربية وتحرير لبنان من رعب حزب الله ومكنت سكان غزة من العودة إلى الحياة الطبيعية، ومن يصنع السلام فهو المحق ومن يشن الحرب فهو المجرم».
إلا أن تسع منظمات دولية في إسرائيل دعت الدولة العبرية إلى أن «تأخذ على محمل الجد» تقرير غولدستون و«تجري تحقيقاً موضوعياً ومستقلاً».
من جهتها، دعت منظمة العفو الدولية الأمم المتحدة إلى مراجعة المحكمة الجنائية الدولية إذا لم تباشر إسرائيل و«حماس» بتحقيقات «موثوق بها» في الاتهامات التي وجهتها إليهما لجنة التحقيق الدولية.
وفي السياق، انتقدت صحف إسرائيلية «نفاق» هذا التقرير «المثير للاشمئزاز». وكتبت صحيفة «إسرائيل اليوم» اليمينية «أنها معاداة للسامية بوجهها التقليدي تحت غطاء احترام حقوق الإنسان. تُعَيَّن لجنة معادية ويُختار يهودي متزلف (غولدستون) ليرأسها ويرقص على وتيرة يفرضها معلمه».
بدورها، قالت نيكول غولدستون، ابنة رئيس اللجنة ريتشارد غولدستون، إن والدها خفف الاتهامات ضد إسرائيل التي تضمنها تقرير اللجنة. وقالت غولستون، التي كانت تسكن في إسرائيل، لإذاعة الجيش الإسرائيلي، إنه «لولا والدي لكان التقرير أشد وأكثر خطورة بالنسبة إلى دولة إسرائيل». وأضافت: «إن والدي أخذ على عاتقه المهمة من أجل العمل على تحقيق السلام... وأعرف بصورة أكيدة أنه يعتقد أنه يفعل ما هو أفضل بالنسبة إلى الجميع، والجميع يعملون لمصلحة دولة إسرائيل». وتابعت: «إن والدي يحب دولة إسرائيل، وكان من الصعب عليه، وقد ترأس اللجنة أملاً منه أن يتعاون الإسرائيليون معه وهو يريد المساعدة في إيجاد حل لدولة إسرائيل».
من جهتها، طالبت حركة «حماس» المجتمع الدولي بإحالة القادة الإسرائيليين أمام القضاء بتهمة ارتكاب جرائم حرب. وأكد المتحدث باسمها، فوزي برهوم، «أن تقرير الأمم المتحدة (يمثّل) دليلاً إضافياً وقاطعاً على ارتكاب الاحتلال الصهيوني جرائم حرب بحق الإنسانية في قطاع غزة». وأضاف: «على المجتمع الدولي محاكمة قادة العدو الإسرائيلي لكونهم مجرمي حرب».
أما القيادي في حركة «حماس»، إسماعيل رضوان، فقد رأى أن التقرير «افتقر إلى الجرأة والصراحة التي تقتضي المطالبة بتقديم قادة الاحتلال إلى محاكم جرائم الحرب الدولية». ورأى أن التقرير «حاول أن يسترضي العدو الصهيوني حين اتهم المقاومة بارتكاب جرائم حرب».
(أ ف ب، يو بي آي)