تقنيات تمثّل 15% من سعر الهاتف والمستهلك لا يفيد منها!رشا أبو زكي
أمام كونتوار البيع في أحد المحال الكبرى لأجهزة الهاتف الخلوي في بيروت، يتنافس الزبائن على شراء أفضل أنواع الهواتف، سؤال واحد يردده محمد ببغائياً «ما هي التقنيات الموجودة في الهاتف؟»... أما الجواب فيأتي بسرعة البرق من البائع، يدخل من أذن ليخرج من الأذن الأخرى، تعلق بعض الكلمات في الذاكرة «GPS، VIDEO CALLING، MOBILE TV...» يصمت محمد ويحاول أن يستجمع قواه العقلية لاستيعاب ما سمعه منذ لحظات، ومن دون تردد يومئ برأسه موافقاً على شراء الهاتف... البائع لا يعلم إن كانت التقنيات المتوافرة في الهاتف معمولاً بها في لبنان، هكذا يقول لـ«الأخبار»، ويلفت إلى أنه يعلم ما يحويه الهاتف من تقنيات وليس ما توفره شركات الخلوي للزبون من هذه التقنيات... عملية الشراء تمت، سعر الهاتف مرتفع بطبيعة الحال، ومحمد سعيد بهاتفه، ولكن ماذا سيستخدم من تقنياته؟ الجواب الأكيد: سيستخدم القليل القليل! فلبنان حتى الآن لا يعرف ما يسمى «الجيل الثالث» في تقنيات الاتصالات، فيما الهواتف الحديثة تضج بهذه التقنيات، يشتريها المواطنون، يدفعون ثمنها، ولا يستخدمونها...
فبعد الجيل الثالث انطلق الجيل الرابع من تقنيات الاتصال الخلوي، فيما لبنان ثابت في مكانه المتخلّف تقنياً منذ أكثر من 10 سنوات عند الجيل الثاني... طالبو التقنيات الحديثة في الهاتف الخلوي ليسوا غالبية في السوق اللبنانية، ولكن نسبتهم ليست بقليلة، وهم ضحايا الإعلانات الضخمة للهواتف التي تنتشر على الطرق، وضحايا مسوّقي الهاتف في المحال الذين يبيعون سلعتهم من دون إعلام الزبون أن معظم التقنيات الموجودة في الهاتف غير معمول بها في لبنان، فيما سعر هذه التقنيات تمثّل بحسب رئيس نقابة أصحاب شركات تجارة الخلوي طوني الهبر ما بين 10 إلى 15 في المئة من سعر الهاتف الخلوي، وربما في حالات كثيرة، ولا سيما عندما يكون الهاتف مشبعاً ببرامج الإنترنت والمالتي ميديا!
«ALFA» ستقدّم
قريباً خدمات تعتمد على تقنيات الجيل الثالث، و«mtc touch» بدأت بذلك فعلياً
والتقنيات الحديثة أو الجيل الثالث في الاتصالات أصبح سوقاً بحد ذاته، إلا في لبنان، إذ يؤكد عضو مجلس إدارة الهيئة المنظمة للاتصالات باتريك عيد، أنه من ضمن خدمات الجيل الثاني أطلق لبنان خدمة الـ MMS في عام 2005، إلا أن هذه الخدمة أهملت ولم تُطوّر، فمثلاً يمكن استخدام هذه التقنية لكي يدفع صاحب السيارة أجرة ركن السيارة في المواقف العامة من ضمن فاتورة هاتفه الخلوي، إلا أن إجراءً كهذا يتطلب وجود شبكة جيدة وسرعة في نقل الرسائل... وهذا ما يفتقده لبنان! والوهن الحاصل في تقنيات الاتصال عبر الخلوي في لبنان يستحق رواية، إذ هناك تقنيات منتشرة بقوة حتى في الدول المحيطة بلبنان، إلا أن المشترك اللبناني محروم منها، ومنها بحسب عيد، تقنيات الاتصال عبر الصورة مع مشترك أو مع أكثر من مشترك في الوقت عينه، وكذلك إمكان التقاط الأقمار الاصطناعية لمشاهدة التلفزيون عبر شاشة الهاتف... وكذلك إمكان نقل المعلومات عبر الهاتف من خلال الإنترنت السريع «DSL» بحيث تصل السرعة في هذه التقنية ما بين 4 إلى 8 ميغابيت في الثانية. كما تتوافر في أسواق المنطقة والعالم، خدمات «تحديد الموقع»، ومنها الـ GPS، بحيث يمكن المشترك أن يحدد موقعه أو موقع مشترك آخر على مسافات مختلفة تراوح بين 6 إلى 30 متراً، وهذه الخدمة فيها تقنيات متعددة، وليست فقط للترفيه بل تتعلق بكل تفاصيل الحياة. ويلفت عيد إلى أن خدمات نظام الجيل الثالث أو الرابع الموجودة أصلاً في الهواتف، توفر للمشترك إمكانية النفاذ إلى معلوماته المصرفية، أو التواصل مع البورصات العالمية، ونقل المعلومات والصور الحيّة بسرعة فائقة. ويلفت عيد إلى أن معظم الأجهزة الخلوية الموجودة في السوق مجهزة بتقنيات الجيل الثالث والرابع، وغالباً ما تُسوّق الهاتف على أنه يحوي تقنية الـ GPS وهي تعطي معلومات للمشترك للتنقل في البلد عبر شاشة الخلوي، كما أنه إذا أراد المشترك اللبناني إرسال صورة كبيرة عبر هاتفه تبوء محاولته بالفشل، لأن شبكات الاتصال في لبنان غير مجهزة سوى لاستخدام الجيل الثاني الذي يسمح بنقل صور صغيرة...
المشاكل إذاً معروفة، وسبب التخلف هو عدم قبول الحكومة في السابق التوظيف في مشروع تأهيل شبكات الخلوي والمحطات لاستيعاب تقنيات الجيل الثالث في الاتصالات، بحجّة أن القطاع مطروح للخصخصة القطاع، «وبعد التأخير أنجزت وزارة الاتصالات تجهيز المحطات منذ حوالى الشهرين فقط خلال عملية توسيع الشبكات»، بحسب المسؤول في وزارة الاتصالات جيلبير نجار، «ورفع الملف إلى الحكومة قبل مرحلة تصريف الأعمال، وبدأت دراسة إن كانت ستعطي إشارة الانطلاق لتقديم هذه الخدمات أو تتركها للشركات الجديدة التي ستستلم القطاع بعد إجراء الخصخصة»... ولم تفعل!
أما عيد فيلفت إلى أن هناك تدابير تتعلق بالهيئة وأخرى تتعلق بالشركات، إذ إنه على الهيئة تخصيص ترددات لاسلكية لتقديم خدمات الجيل الثالث. لافتاً إلى أن الهيئة صرحت في أكثر من مناسبة أنها جاهزة للموافقة على طلبات تقديم خدمات الجيل الثالث بعد دراستها، لمنح الترددات اللازمة.
وفيما تشير شركة «ألفا» لـ«الأخبار» إلى أنها ستباشر في تقديم خدمات تعتمد على تقنيات الجيل الثالث، على أن يعلن عنها في حينه، فإن شركة «mtc touch » بدأت بذلك فعلياً، وفق مديرة العلاقات والاتصالات في الشركة غادة بركات، التي لفتت إلى أنmtc touch طورت البنية التحتية لشبكتها التي أصبحت ضمن الجيل 2.75 (2.75G)، وذلك عبر تجهيزها بتقنية EDGE (Enhanced Data rates for GSM Evolution) في تغطية شاملة لكل الأراضي اللبنانية منذ أواخر عام 2008، كما جهّزت شبكتها الرئيسية بحل متطور لتأمين أداء أفضل لتبادل البيانات، ما أدىّ إلى أداء يناهز أداء شبكة من الجيل الثالث. كما أن الشركة بصدد وضع مخططها للقيام بتجربة الجيل (3.9G) على أجزاء من شبكتها، إلا أنّ هذا المشروع بحاجة إلى موافقة من وزارة الاتصالات ومن الهيئات المختصة التي يمكن أن تسمح باستخدام الترددات اللازمة للجيل 3.9G. وإذا ما تمّت هذه الموافقة، فسوف تتمكن mtc touch سريعاً من القيام بهذه التجربة.


12 دولة

هو عدد الدول العربية التي توفّر وفق دراسة لمجموعة المرشدين العرب تقنيات الجيل الثالث وهي البحرين ومصر والعراق والكويت وليبيا وموريتانيا والمغرب وعمان وقطر والسعودية والسودان والإمارات، أما أكثر الخدمات المقدمة فهي خدمة الإنترنت المحمول.


لا سلة للخدمات