Strong>ترويكا الحكم تتفق على قانون تبتّه «الكتل» اليوممن شبه المؤكَّد أنّ أهالي الضحايا العراقيين الذين قُتلوا في تفجيري بغداد أول من أمس وأقاربهم، لم يأبهوا برسائل وبرقيات التعزية التي تهافتت على حكام العراق، فيما بدا أنّ مسؤولي هذا البلد انتظروا وقوع المجازر ليتفقوا على مشروع لقانون الانتخابات سيعرض على الكتل البرلمانية اليوم

بغداد ــ الأخبار
كبرت مأساة العراقيين، أمس، مع وصول عدد ضحايا تفجيري يوم «الأحد الدامي» في بغداد إلى 155 قتيلاً، فضلاً عن الجرحى الـ800. وفيما لفّ اللون الأسود المشهد العراقي في وداع القتلى، كان العالم يعبّر عن سخطه إزاء التفجيرات الأكبر منذ عام 2007، بينما لم يجد حكام بغداد سوى إغداق الوعود بالكشف عن الفاعلين المعلومين بالنسبة إليهم، أي «الحلف القاعدي ـــــ البعثي ـــــ التكفيري».
وفي الشق السياسي للمأساة، دلّت جميع التصريحات والتنديدات والاستنكارات على أنّ الخوف من خطر تأجيل انتخابات 16 كانون الثاني المقبل، والانسحاب الأميركي المقرر في نهاية 2011، يتعاظم بسبب الوضع الأمني. واللافت كان أنّ الجميع يربطون ما بين التفجيرات الكبيرة والفشل في الاتفاق على قانون للانتخابات. بناءً عليه، اتفق أركان الدولة العراقية، ممثلين بالرئيس جلال الطالباني ونائبيه، ورئيس الحكومة نوري المالكي ونائبيه، ورئيس البرلمان إياد السامرائي ونائبيه، على مشروع قانون يُنتظَر أن يعرض على نواب بلاد الرافدين اليوم، حسبما أعلن نائب رئيس مجلس النواب خالد العطية مساء أمس.
وفيما رفض العطية الكشف عن تفاصيل «التسوية»، اكتفى بالتأكيد أن النص الجديد «سيعرَض اليوم على رؤساء الكتل النيابية، وإذا وافقوا على التعديلات التي اتفق عليها الرؤساء الثلاثة، فسيُعرَض على التصويت العام».
وبقيت «التسوية» مجهولة المعالم، إلا أنّ من شبه المحسوم أنها تمحورت حول الوضع الانتخابي لكركوك، حيث يريد الأكراد أن يجري التصويت أسوة بغيرها من المحافظات، فيما العرب والتركمان يصرّون على إخضاعها لنظام تصويت خاص بها، في ظل عدم الاتفاق على مصيرها، من ناحية إبقائها خاضعة للحكم المركزي، أو إلحاقها بإقليم كردستان العراق.
وكان أهالي قتلى تفجيري وزارة العدل ومجلس محافظة بغداد وأقاربهم، على موعد مع وداع ضحاياهم في المقابر. وعلى وقع مراسم الدفن والجنازات، التي توزعت على مناطق عديدة من بلاد الرافدين، كانت المواقف الداخلية والعربية والأجنبية تنهمر على رؤوس العراقيين، علماً بأنّ العويل والبكاء لم يحولا دون استمرار الحديث الانتخابي.
وتعهّد وزير الدفاع العراقي، عبد القادر محمد جاسم، في ختام اجتماع أمني، الكشف خلال أيام عن نتائج التحقيق في التفجيرين. وقال إنّ «الأيام القليلة المقبلة ستشهد الكشف عن نتائج التحقيق» من دون أن يحدد تاريخاً معيناً. وخلص إلى الكشف عن عمل استخباري لوزارته يتعلق بـ«الأوكار الإرهابية التي تحاول زعزعة الوضع الأمني والتأثير فيه قبيل الانتخابات المقبلة».
وفي المواقف الدولية المندّدة، أرفق الرئيس الأميركي باراك أوباما رسالة التعزية التي أبلغها شفهياً لنظيره العراقي جلال الطالباني، بدعوة حثيثة للقادة العراقيين إلى الاتفاق على قانون للانتخابات. وبدا أن سرعة اتفاق الرؤساء الثلاثة على التعديل الجديد جاء بمثابة استجابة للطلب الأميركي الذي تلقاه الطالباني أثناء اجتماعه بالمالكي والسامرائي أول من أمس، حين اتفقوا على عقد جلستهم التي انتهت إلى اتفاقهم المبدئي أمس.
إدانة «شديدة» أخرى عبّرت عنها وزارة الخارجية الإيرانية للتفجيرين «الإرهابيّين» الهادفين إلى «ضرب الاستقرار في العراق». كذلك رأى المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، علي خامنئي، أن التفجيرات تهدف إلى بثّ الخلافات بين السّنة والشيعة.
وفي الرياض، أدان مجلس الوزراء السعودي «التفجيرين الإرهابيين اللذين استهدفا مقارّ حكومية في بغداد»، مجدداً «موقف المملكة الثابت والرافض للإرهاب مهما كان مصدره». ووجد وزير الخارجية السوري وليد المعلم من الضروري تكرار شجبه لاعتداءي وزارة العدل ومجلس محافظة بغداد، مكرراً تضامن سوريا الكامل مع الشعب العراقي.
وحذا وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط حذو معظم مسؤولي العواصم العالمية الذين سارعوا إلى استنكار التفجيرين وتقديم التعازي. وصدرت مواقف مشابهة عن الملك الأردني عبد الله الثاني والرئيس اللبناني ميشال سليمان ووزير الخارجية الكندي لورانس كنون، إضافة إلى إسبانيا وسويسرا وعدد آخر من الدول.
في هذا الوقت، كان أكراد العراق مشغولين بهمومهم الانتخابية، إذ أعلن النائب عن التحالف الكردستاني محمود عثمان أن كتلته التي ستضم كالعادة «الاتحاد الوطني الكردستاني» برئاسة الطالباني و«الحزب الديموقراطي الكردستاني» برئاسة مسعود البرزاني ستعلن قائمتها الانتخابية خلال الأيام القليلة المقبلة.
إلى ذلك، كشف موقع «الاتحاد الوطني الكردستاني» على الإنترنت أن وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو سيزور إقليم كردستان نهاية الأسبوع الجاري، للمشاركة في افتتاح القنصلية التركية في مدينتي أربيل وكركوك.