أظهر جديد المواقف الإسرائيلية من تقرير غولدستون وجود تنافس بين وزير الدفاع إيهود باراك ورئيس الأركان غابي أشكينازي، على رفض توصياته بإنشاء لجنة تحقيق، في وقت حدّد فيه مجلس حقوق الإنسان في الجمعية العامة للأمم المتحدة موعداً لمناقشة التقرير
مهدي السيد
واصل وزير الدفاع الإسرائيلي ورئيس حزب العمل إيهود باراك، أمس هجومه الشديد على تقرير غولدستون، ورفضه الدعوات المتزايدة في الداخل الإسرائيلي إلى إنشاء لجنة تحقيق مستقلة استجابة لتوصيات التقرير. وقال، خلال اجتماع كتلة حزبه في الكنيست، إن «تقرير غولدستون يحاول تقويض شرعية إسرائيل وتكبيل يديها في الحروب المقبلة».
وشدد باراك على أن «إسرائيل ستشرع في حملة ضد شرعية التقرير الذي يحاول تقويض شرعية إسرائيل وتكبيل يديها في عمليات (عسكرية) في المستقبل». وأضاف «لن نسمح بإنشاء لجنة تحقيق سيضطر أي ضابط أو جندي للمثول أمامها، وقد حقق الجيش الإسرائيلي ويحقق في عملياته بطريقة أفضل من أي جيش آخر نعرفه».
ويرى بعض المعلقين في إسرائيل أن إيهود باراك يبدو في هذه المرحلة كمن يتنافس مع رئيس الأركان غابي أشكينازي على مسألة مَن هو أكثر تصميماً في الدفاع عن الجيش الإسرائيلي. ويشير المراسل العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، إلى وجود رابط بين موقف باراك، والاتهامات الأخيرة التي وجّهها إليه مراقب الدولة في تقريره الأسبوع الماضي، والتي تشير إلى الإسراف المالي الكبير الذي قام به خلال مشاركته في الصالون الجوي في باريس، الأمر الذي أضر كثيراً بوزير الدفاع، ولذلك يحاول من خلال مواقفه الأخيرة «الحصول على نقاط في الرأي العام الإسرائيلي». يُضاف إلى ذلك الأجواء المتوترة بين باراك وأشكينازي على خلفية العديد من القضايا.
إلى جانب موقف باراك، يرى هرئيل أن «الرجل الأساس في مرحلة بلورة الرد الإسرائيلي على غولدستون هو أشكينازي، الذي يصر على معارضته تعيين لجنة تحقيق، وربما يلوح بالاستقالة إذا ما فُرضت عليه، وخصوصاً أنه يرى في تعيين لجنة تحقيق إعراباً عن عدم الثقة بقادة الجيش، وعرض التحقيقات الداخلية وكأنها كاذبة».
ومع ذلك يشير هرئيل إلى أنه «في حال استمرار الضغط على الجيش الإسرائيلي، فثمة للجيش خط انسحاب: الموافقة على تعيين لجنة فحص فقط». ويرى أن مثل هذه الخطوة «ستكون دفاعية من قبل إسرائيل، إزاء الادعاءات ضدها في الساحة الدولية. وحسب هذا الاقتراح، فإن لجنة من القانونيين ستفحص التحقيقات الداخلية للجيش الإسرائيلي وتتحدث مع الضباط الذين أجروها».
بدوره، رأى الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز، أن ارتفاع عدد الأطفال الفلسطينيين الشهداء خلال العدوان على قطاع غزّة «سببه استخدامهم من قبل حماس كدروع بشرية، فيما إسرائيل تعرف كيف تحمي أولادها».
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن بيريز قوله، أمام طلاب ثلاث مدارس في شمال إسرائيل، إن «وسائل الإعلام تتحدث عن أنه قتل في الجانب الفلسطيني أولاد أكثر وعندنا لم يقتل أولاد، وأنا أقول إن هذا صحيح، والسبب هو أننا نعرف كيف نمنح الأمن لأولادنا وندافع عنهم ولا نستخدمهم كدروع بشرية ولا نرسلهم أمامنا».
من جهة ثانية، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، شدد في حديث أجراه مع وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان على أن على إسرائيل أن تشكل لجنة فحص للأحداث المذكورة في تقرير غولدستون فتظهر بذلك بأنه لا حاجة لمواصلة معالجته في مؤسسات الأمم المتحدة، ولأن «من مصلحة إسرائيل إجراء مثل هذا الفحص».
وفي بيان نشره مكتب ليبرمان في أعقاب الحديث، ظهرت أقوال حادة للغاية من وزير الخارجية ضد تقرير غولدستون، حيث طلب من الأمين العام منع نقل التقرير للبحث في مجلس الأمن أو الجمعية العمومية للأمم المتحدة. ومع ذلك، فإن مكتب ليبرمان لم ينشر رد بان الذي يبدو أنه لم يتأثر بطلب وزير الخارجية الإسرائيلي، بحسب «هآرتس».
وأكد دبلوماسي عربي في الأمم المتحدة أن لجنة حقوق الإنسان في الجمعية العامة للأمم المتحدة ستناقش يوم الجمعة المقبل تقرير لجنة غولدستون. وأضاف أن «كل الدلائل والمشاورات بين الكتل السياسية المختفلة تشير إلى أن الجمعية العامة مجمعة على التقرير وتريد اعتماده بالرغم من المقاومة الأميركية له، بعدها يتم فتح جلسة نقاش عامة من المتوقع أن تبدأ الأسبوع المقبل حول توصيات التقرير حيث تعبر الدول المختلفة عن مواقفها الوطنية».
وأوضح المصدر الدبلوماسي نفسه أنّ «الجمعية العامة ستنظر مطلع تشرين الثاني المقبل، وعلى الأرجح في الرابع منه، في تقرير غولدستون».