البيت الأبيض عقد جلسات مع فياض ودحلان بشأن احتمالات خلافة أبو مازناستحدثت السلطة الفلسطينية وحركة «فتح»، أمس، «أزمة» شُغلت بها، عنوانها «عدم رغبة محمود عبّاس في الترشّح للرئاسة». أزمة تأتي في ظل أخرى يعيشها الرئيس الفلسطيني بعد التراجع الأميركي عن شروط المفاوضات، والتماهي المصري مع واشنطن، الذي حاول وزير الخارجية أحمد أبو الغيط «تصحيحه»، باعتبار أن تصريحاته «أسيء فهمها»

حسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس، قراره، وأعلن عزمه عدم الترشح لولاية ثانية في الانتخابات التي دعا إلى إجرائها في 24 كانون الثاني المقبل، فيما حاول البيت الأبيض دعمه معنوياً، واصفاً إياه بأنه «شريك حقيقي» للولايات المتحدة. وقال عباس، في خطاب ألقاه في رام الله مساء أمس، «أبلغت الإخوة في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ومركزية فتح بعدم رغبتي في ترشيح نفسي للانتخابات الرئاسية المقبلة». وأضاف «آمل أن يتفهّموا رغبتي هذه، علماً بأن هناك خطوات أخرى سأتخذها في حينه»، مشدداً على أن هذا الموقف «ليس من باب المساومة أو المناورة»، ولافتاً إلى أن «المواقف المعلنة للولايات المتحدة بشأن الاستيطان وتهويد القدس معروفة، إلا أننا فوجئنا بمحاباتها للموقف الإسرائيليكلام عباس سبقه بيان لأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عبد ربه، أكد فيه أن أبو مازن «عبّر عن رغبته في عدم الترشح»، وذلك خلال اجتماع المنظمة أمس، متحدثاً عن محاولات لحثّه على التراجع عن قراره.
بدوره، أكد عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، نبيل شعث، قبل ساعات من موعد إعلان عباس، أن خلفية قرار أبو مازن عدم الترشح تعود إلى «الإحباط الشديد الذي يشعر به من العالم كله، عرباً وعجماً».
في المقابل، حاول البيت الأبيض تقديم الدعم المعنوي لعباس، عبر الإعلان أنه «يُعدّ شريكاً حقيقياً للولايات المتحدة». إلا أن المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس رفض الإدلاء بأي تصريحات بشأن انعكاسات قرار عباس على مساعي الرئيس الأميركي باراك أوباما في دفع عملية السلام في الشرق الأوسط.
مع هذا، لا يبدو أن إدارة أوباما تشعر بقلق كبير تجاه عدم ترشّح أبو مازن. وقالت مصادر أميركية إن البيت الأبيض يفضّل في هذه الحالة رئيس حكومة تصريف الأعمال سلام فياض أو محمد دحلان لخلافة عباس. وأضافت أن مسؤولين في البيت الأبيض عقدوا جلسات استراتيجية مع كل من فياض ودحلان بشأن احتمالات خلافة عباس في عام 2010.
بدورها، رأت حركة «حماس» أن تلويح عباس بعدم رغبته في الترشح هو شأن داخلي في حركة «فتح». وقالت الحركة، في بيان، إنّ هذه الخطوة هي «رسالة عتب موجهة إلى أصدقائه الأميركيين والإسرائيليين بعد تنكّرهم له وتحويله إلى مجرد أداة».
وقال البيان «الأَولى بمحمود عباس بدلاً من التوجه إلى الأميركيين، التوجه إلى الشعب الفلسطيني ومصارحته بفشل مسيرة التسوية وإعادة الاعتبار إلى خيار المقاومة».
وفي السياق، حاول وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط توضيح تصريحاته التي أطلقها أول من أمس، خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيرته الأميركية هيلاري كلينتون، والتي قال فيها إن «الرؤية المصرية هي أننا يجب أن نركّز على نهاية الطريق وألا نضيع الأمر في التمسّك بهذا أو ذاك لبداية المفاوضات».
وأكد أبو الغيط أن تصريحاته «أُسيء تفسيرها»، وأن بلاده تشترط حصول العرب والفلسطينيين على ضمانات أميركية ودولية «مكتوبة» بأن الهدف من المفاوضات مع إسرائيل هو إنشاء دولة فلسطينية «في حدود 1967 بما فيها القدس»، قبل بدء هذه المفاوضات.

أبو الغيط «يصحّح» موقف القاهرة: المفاوضات بعد ضمانات دولية
ولفت أبو الغيط إلى أن «بدء المفاوضات يأتي إما بالتجميد الكامل للاستيطان، وهو المطلب الذي نبقى عليه ونستمر بالمطالبة به، وإما إذا حصلنا على ضمانات قاطعة مكتوبة ومدعومة دولياً بأنّ الدولة الفلسطينية تقوم على خطوط 1967، بما فيها القدس، عندئذ تكون القضية قد حسمت لمصلحة الفلسطينيين، عندها يبدأون بالمفاوضات والمجتمع الدولي يناصرهم من خلال قرار لمجلس الأمن».
وأكد أبو الغيط أنه «إذا ما حصلنا على هذه الضمانات وتأكدنا من أن المجتمع الدولي يناصرها ويدعمها ويتبنّاها، عندئذ فقط نتجه إلى المفاوضات، ولا ننظر إلى شيء آخر».
إلى ذلك، أعلن مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط جيفري فيلتمان أن كلينتون نجحت في جولتها في الشرق الأوسط التي استمرت خمسة أيام. وقال، في الطائرة التي أعادتها إلى واشنطن، إن الأطراف «ركّزوا، قبل رحلتها التي بدأت السبت، على السلبية وعلى أنه لا يمكن عمل ما هو مستحيل».
وأضاف فيلتمان أن كلينتون «بتخصيصها وقتاً للقادة الإسرائيليين والفلسطينيين والعرب، عملت بما عاد معه الفاعلون مجدداً نحو الهدف النهائي: حلّ بدولتين وسلام حقيقي، وما يجب أن يقوموا به لتحقيق هذا الهدف».
وذكرت صحيفة «هآرتس»، أمس، أن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز اتصل هاتفياً بالرئيس الفلسطيني، وطالبه باستئناف المفاوضات الإسرائيلية ـــــ الفلسطينية، والموافقة على عقد لقاء مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
(رويترز، أ ف ب، يو بي آي)