الجزائر | يبدو أن آثار الصراع بين أقطاب الحكم في الجزائر انتقلت إلى مستويات أدنى، في ظل السجال القائم بين رجل الأعمال ايسعد ربراب، المحسوب على رئيس الاستخبارت (توفيق) الذي أحيل أخيراً إلى التقاعد، وبين علي حداد، الذي يعتبر من الموالين لسعيد بوتفليقة، شقيق رئيس الجمهورية، والأخير مدعوم من وزير الصناعة عبد السلام بوشوارب.
بعد ذلك، أتت قضية الجنرال المتقاعد حسين بن حديد، التي أوصلته تصريحاته إلى السجن ثم وضعه تحت الإقامة الجبرية في انتظار مقاضاته، وذلك عقب اعتقال الجنرال حسان في الأسابيع الماضية، والاثنان من الرافضين لاستمرار عبد العزيز بوتفليقة في الحكم.
يتابع الجزائريون المعركة الكلامية وتبادل الاتهامات بين شخصيات من دائرة المال والأعمال، باهتمام شديد، ويرون أن ما يحدث بين ربراب، ونظيره حداد، هو امتداد لما يجري في هرم السلطة من تغييرات أدت إلى تحييد عدد كبير من الجنرالات في الجيش والاستخبارات، بمن فيهم رئيس الجهاز محمد مدين، المشهور بـ«توفيق».
في هذا السياق، يرى الناشط السياسي جمال بن عبد السلام أن «المعركة الحالية» هي من آثار التغييرات في المخابرات، وبالتحديد رحيل الفريق توفيق، على اعتبار أن طرفي النزاع ينتميان إلى الأجنحة المتصارعة في السلطة. وقال: «أظن أن المعركة ستتواصل، لأن النظام يرتب بيته من الداخل ثم سيرتب الساحة استعداداً للمرحلة المقبلة ولمواجهة التحديات والمخاطر التي تواجهه».
وكانت حركة «النهضة» الإسلامية قد قالت إن «ما يحدث يستدعي تجاوز عقلية تصفية الحسابات إلى عقلية تصفية الأجواء بالديموقراطية وتوسيع الحوار». وأضافت: «كان الأجدر تصفية الأجواء الاقتصادية بمحاصرة الفساد وتحرير الاقتصاد من هيمنة المجموعات الانتهازية».
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة وهران، كمال عبد الرزاق، أن الصراع بين رجال الأعمال هو من «إسقاطات التغييرات التي أجراها الرئيس بوتفليقة على الجيش، وخصوصاً المخابرات، فأسعد ربراب، معروف بعلاقته بتوفيق، واتضح ذلك من تصريحاته النارية ضد حكومة عبد المالك سلال، ثم الرئاسة».
أما اعتقال الجنرال حسين بن حديد، وقبله الجنرال حسان، المحسوبين على توفيق، فإنه أثار خوف عدد من الجهات، كحزب «العمال»، الذي قال إن الغرض الأساسي من ذلك هو «نشر الرعب وسط المجتمع، والاتجاه نحو الديكتاتورية المبرمجة». كما اعترض على طريقة اعتقال الجنرال بن حديد «برغم التضحيات الجليلة التي قدمها الرجل لحماية الجزائر».
ولكن «العمال» استبعد أن يكون هناك أي سيناريو توريث في الجزائر، حاصراً ما يجري بأنه «صراع بين شقيق الرئيس وطرف من المخابرات... الجزائر جمهورية وليست نظاماً ملكياً، كما أن الاستقلال جاء بعد تضحيات الشهداء الجسيمة ولا يمكن تسليمها بهذه السهولة».
وكان الجنرال المتقاعد حسين بن حديد قد اعتقل بسبب تصريحات أدلى بها وأطلق فيها النار على شقيق الرئيس ومستشاره السعيد بوتفليقة، ونائب وزير الدفاع الوطني وقائد أركان الجيش الوطني، الفريق أحمد فايد صالح، ورجل الأعمال علي حداد.

مبادرة لتحالف يدعم بوتفليقة

دعا الأمين العام لحزب «جبهة التحرير الوطني» الحاكم، عمار سعداني، إلى تشكيل تحالف سياسي يضم الأحزاب والمنظمات والشخصيات ورجال الأعمال، لدعم رئيس البلاد، الذي يواجه حملة من المعارضة، تطالب برحيله بسبب وضعه الصحي الصعب.
جاء ذلك في كلمة لسعداني في افتتاح أعمال اللجنة المركزية للحزب في العاصمة أمس، قال فيها إن الحزب «يقترح تشكيل جبهة عمل جديدة تعمل ببرنامج فخامة رئيس الجمهورية في شكل مبادرة سياسية وطنية للتقدم في انسجام واستقرار».
وهذه المبادرة الثانية التي تطلقها أحزاب الموالاة لدعم بوتفليقة، بعد دعوة الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديموقراطي (ثاني أكبر أحزاب البلاد) أحمد أويحي، منذ أشهر لتشكيل تحالف يضم أحزاب الموالاة، لكن الحزب الحاكم تحفظ عليها بدعوى أنها حصرت التحالف في الأحزاب الممثلة في الحكومة فقط دون فتحها لأحزاب ومنظمات أخرى.
(الأناضول)