الجزائر | تواصل السفيرة الأميركية لدى الجزائر، جوان بولاشيك، لقاءاتها مع تمثيليات المجتمع المدني والطبقة السياسية لتشكيل «صورة واضحة» عن الوضع في البلاد، كما يقول مراقبون. آخر تلك اللقاءات كان بين بولاشيك ورئيس حزب «طلائع الحريات»، علي بن فليس، الذي كان رئيس الحكومة الأسبق ومنافس الرئيس، عبد العزيز بوتفليقة، في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
يقول مقربون من الرجل، إن بن فليس شرح لممثلة البيت الأبيض «محتوى وأهداف مخطط الخروج من الأزمة (الاقتصادية والسياسية) الذي سبق أن عرضه على الرأي العام»، وكشف عقب اللقاء أن الزيارة كانت بطلب من الأميركيين. لكن مصادر من داخل «طلائع الحريات» سربت جزءاً من محتوى الحديث بين الطرفين على عكس ذلك.
تقول المصادر إن السفيرة عبّرت عن «ترحيب واشنطن بتولي بن فليس رئاسة الجزائر خلفاً لبوتفليقة، في حال حصول انتخابات رئاسية مبكرة»، بل قالت بصريح العبارة إن بلادها «لا تمانع أن يكون بن فليس خليفة لبوتفليقة، لأن برنامج حزبه يستند إلى منطلقات أساسية تتعلق بحماية الحريات، وأميركا تدعم هذا الإطار».

التقت بولاشيك بن فليس و«مجتمع السلم» المحسوب على «الإخوان»

وكانت بولاشيك قد التقت قبل أسبوعين برئيس حركة «مجتمع السلم»، المحسوبة على «جماعة الإخوان المسلمين»، عبد الرزاق مقري، في مقر الحزب. وأوضح مقري، أنه تحدث في اللقاء عن «مسار ونشاط» حركته التي تعتبر أكبر حزب إسلامي في البلاد. وقال مقري في بيان إن «هدف السفيرة الأميركية من اللقاء التعرف إلى الحركة من الناحية التاريخية والفكرية والسياسية، وما يتعلق بمواقفها وآرائها في الشأن السياسي والاقتصادي»... على أن اللقاء أيضاً كان بطلب منها.
وسبق لبولاشيك أن فتحت ملفات سياسية مع قوى سياسية، وذلك خلال بعض اللقاءات في الأشهر الماضية، وخاصة مع أكبر وأقدم حزب معارض، هو «جبهة القوى الاشتراكية»، الذي ذكر أن السفيرة في لقائها الذي جمعها بالسكرتير الأول للحزب، محمد نبو، وبعض أعضاء الأمانة الوطنية، تناولت الوضع في منطقة غرداية (جنوب)، وحاولت جمع أكبر قدر من المعلومات الإضافية عن تفاصيل الصراع والجانب الديني والتاريخي للمنطقة، كذلك قالوا إنها تحدثت عن سبل التنمية في عدد من ولايات الجزائر.
لكن السفيرة الأميركية حاولت ألا تجذب الانتباه إلى طلبها مقابلة أحد الأحزاب الموالية للسلطة، فيما تؤكد مصادر أن ملف تعديل الدستور وما تشهده الساحة السياسية من حراك، كان أهم النقاط التي ناقشتها مع رئيس حزب «تجمع أمل الجزائر»، عمار غول. وسربت مصادر لـ«الأخبار»، أن بولاشيك طلبت توضيحات حول تأخر مشروع تعديل الدستور، لكن غول قال إن سبب التأخر أن الرئيس يريد للدستور أن يكون توافقياً.
في هذا السياق، رأى رئيس حزب «جيل جديد» المعارض، جيلالي سفيان، أن تحركات السفيرة الأميركية «أمر عادي وليس سابقة»، لأنها «عادة ما تقوم بزيارات للأحزاب من الموالاة أو المعارضة». ويستدرك: «لعل تزامن حراكها مع التغيرات الأخيرة فتح باب السؤال عن وجود تدخل أجنبي»، متهماً السلطات بأنها «من فتح المجال أمام القوى العظمى للتدخل في الشؤون الداخلية».
كذلك اتهم سفيان «نظام بوتفليقة بأنه مدعم من الخارج في ظل امتيازات يقدمها من أجل البقاء في الحكم»، مستدلاً بـ«شكوى تقدم بها بوتفليقة إلى وزير الشؤون الخارجية الإسباني مانويل غارسيا مارغالو، بخصوص منافسه القوي في رئاسيات أفريل (نيسان) 2014 علي بن فليس».
في المقابل، قال الأمين العام لحركة «الإصلاح»، فيلالي غويني، إن التغييرات التي أجراها الرئيس على عدد من المؤسسات العسكرية والأمنية «جعلت الممثليات الدبلوماسية للقوى العظمى وخاصة الولايات المتحدة تسارع لتحسس الوضع ومعرفة آراء مكونات المجتمع وفي مقدمتها الأحزاب»، مضيفاً أن النشاط الدبلوماسي للسفارات ولقاءاتها مع القوى السياسية «أمر عادي ويندرج في إطار النشاط الدبلوماسي إذا كان الأمر بانتظام».
ولكن غويني رأى أن غير العادي هو «النشاطات الموسمية لسفارة الولايات المتحدة التي تسعى إلى عقد لقاءات مع أحزاب المعارضة المنظوية تحت لواء تنسيقية الحريات والانتقال الديموقراطي»، بينما يرى مراقبون أن هذه التحركات توحي بترتيبات سياسية ستحصل في البيت الجزائري قريباً، خاصة في ظل استمرار التغييرات التي يجريها بوتفليقة وآخرها في ملف القضاء والأمن، وسط الحديث عن انتخابات رئاسية مسبقة ستنظم في 2016.




في أعقاب عزل مسؤولين كبار في الجيش وجهاز المخابرات، وسط أنباء عن قرب إقالة الحكومة الحالية، أعلنت الرئاسة الجزائرية حركة جزئية في «الوظائف السامية» في سلك القضاء أجراها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بصفته رئيساً للمجلس الأعلى للقضاء. وعلى عكس الحركة الموسعة السنة الماضية، حمل بيان الرئاسة، أول من أمس، الأسماء الجديدة في مناصب المبعدين.
(الأخبار)