القاهرة - الأخبار«الرئيس مبارك في إيطاليا من أجل النيل». هذا ما تقوله مصادر مصرية في كواليس الإجابة عن سؤال يتردد بكثرة «كيف يسافر الرئيس مبارك إلى قصر فيلا ماداما في روما (للقاء رئيس الوزراء الإيطالي، سيلفيو برلكسوني)، ويترك أزمة المياه التي تهدد بإشعال حرب على النيل؟».
الإجابة التي لم تصل إلى العلن، تشير إلى معلومات مفاجئة كشفت قبل يومين عن أن السد الأثيوبي «تانا بليز» على النيل الأزرق تم بتمويل ايطالي.
معلومات التمويل من وجهة مصادر من خارج الحكومة المصرية صحيحة، لكن الحديث حول وضع أزمة النيل على أجندة زيارة مبارك الرسمية إلى ايطاليا، يعتبر غير مؤكد وليس دقيقاً إلى حد ما ، إلا إذا كانت الزيارة تهدف إلى «تحريك الدعم الأوروبي لمصر في إطار تسوية الخلافات حول توزيع حصص مياه النيل».
وتأتي زيارة مبارك في إطار آلية «الإجتماع الإستراتيجي» التي أقرت في العام ٢٠٠٧. وسيوقع على هامش الإجتماع الثالث من نوعه مابين ١٨ إلى ٢٤ اتفاقية تعاون .
إلا أن الملفت في الزيارة هو الوفد «الرفيع» المصاحب للرئيس المصري، ويتضمن مدير الإستخبارات عمر سليمان ورئيس ديوان رئيس الجمهورية، الدكتور زكريا عزمي، ووزراء الخارجية والإعلام والزراعة والصناعة والثقافة والتعاون الدولي. وهو ما يعني أن ملفات هامة مثل «الحرب على النيل» يمكن أن تطرح على طاولة المفاوضات مع برلسكوني، خاصة في ظل العلاقة القوية التي تجمع الطرفين، وانعكست في تقدم إيطاليا قائمة الشركاء التجاريين الأوروبيين لمصر، لتصبح في رأس اللائحة باستثمارات بلغت ٦ مليارات يورو.
وعلى الرغم من أن تأثير برلسكوني الأفريقي ليس ملحوظاً، إلاّ أن دور إيطاليا بوصفها من الدول المانحة لمشروعات الإستفادة من مياه النيل، وحضورها في دول الحوض الأفريقي، يشكل دافعاً للتحرك المصري باتجاهها لحل الأزمة التي تهدد «الأمن المائي» المصري.
الإبحار إلى أوروبا هو خطة مبارك الذي أصبح ملف النيل في يده، كما صرح مسؤولون في الحكومة المصرية، بعدما تعثرت شبكات العلاقة بين مصر والدول الأفريقية التي تشعر على ما يبدو بـ«غضب» من اكتفاء مصر بالحديث عن حقها التاريخي في مياه النيل والمعتمد علي اتفاقيات ١٩٢٩ و ١٩٥٢، التي تمنع اثيوبيا ودول المنبع الأخرى من إقامة مشاريع تخزين لمياه النيل، تطبيقاً لمبدأ عدم الإضرار الذي وقعِّت على أساسه الإتفاقيات.
وأفريقيا تريد من مصر أكثر من التاريخ. هذا ما بدا واضحاً في رسائل أثيوبيا عبر بناء السد، ورسائل أخرى من كينيا التي إستبقت زيارة متوقعة لرئيس حكومتها رايلا أودينجا، للقاهرة في الثالث والعشرين من الشهر الجاري، بالإعلان عن توقيع اتفاقية الإطار الذي اتفقت عليها دول المنبع ورفضها دولتي المصب السودان ومصر.
وكان وفد من أجهزة أمنية عليا في مصر، إلتقى الرئيس الكيني، مواى كيباكي، الأسبوع الماضي، دون أن ينجح في اقناعه بالتراجع عن قرار التوقيع على الاتفاقية لأن الرئيس أخبر الوفد المصري، بأنه لا يتدخل في أعمال حكومته.
في هذه الأثناء، وجهت مصر خطاباً إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، تشرح فيه موقفها من الاتفاقية الاطار. وأرسلت نسخاً من الخطاب إلى الدول المانحة ودول حوض النيل. كذلك كشفت صحيفة «روزاليوسف» الحكومية المصرية، عن رسالة تحذير أرسلتها الكويت التي زار أميرها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مبارك قبل ثلاث أيام، إلى دول المنبع، قالت فيها إنها تربط استثماراتها في دول حوض النيل بعدم المساس بالمصالح المصرية في مياه النيل.