القاهرة | تتوالى الانسحابات من المشاركة في الانتخابات البرلمانية المصرية، وكان أول هذه الانسحابات الذي فجّر الأزمة انسحاب قائمة «صحوة مصر»، التي شكلها صفوف الوسط من السياسيين، الذين لا هم ثوريون بالمعنى الدارج للمصطلح، ولا ينتمون إلى أي من «الحزب الوطني»، أو «جماعة الإخوان المسلمين».
البيان الصادر عن «صحوة مصر»، التي عكف على تشكيلها عضو لجنة الخمسين الواضعة للدستور عبد الجليل مصطفى، أرجع قرار انسحابها إلى تضارب قرارات «اللجنة العليا للانتخابات» دستورياً، وهو ما كشفه حكم المحكمة بإلزام المرشحين الذين سبق لهم إجراء الكشف الطبي بإعادته على نفقتهم الخاصة. وقال البيان إن هذا الأمر «يضرب في مقتل مبدأين دستوريين هما المساواة وتكافؤ الفرص».
وجاء قرار المشرفين على القائمة بالانسحاب من العملية الانتخابية «بظروفها وإجراءاتها الحالية»، على أن يلجأوا إلى القضاء بغية تصويب «الاعوجاج الذي يشوب الإجراءات المنظمة لهذه الانتخابات». وكانت اللجنة قد شكلت أربع قوائم على مستوى الجمهورية تحمل اسم «صحوة مصر»، وجعلت شعارها (قوتنا في نقائنا)، وقالت إنها تهدف إلى مواجهة القوائم التي شكلها «فلول نظامي حسني مبارك من المتربحين بنفاق أي سلطة بغية حماية منافعهم، وبقايا جماعة الإخوان والسلفيين».
عموماً، لم يكن انسحاب «صحوة مصر» الوحيد فقط، بل تبعه إعلان حزب «النور» السلفي، الذي سبق أن أكد أكثر من مرة استعداده لتقديم قوائمه الأربع على مستوى الجمهورية، لكنه أعلن دمج قائمتي الصعيد والدلتا في قائمة واحدة، وخوض الانتخابات بقائمتين بدلاً من أربع.
وبرغم تبرير «النور» موقفه في بيان رسمي بالقول إن «خوض الحزب بقائمتين فقط هو رغبة في إرساء مبدأ الشراكة الحقيقية لجميع القوى الوطنية المخلصة، خاصة في هذه الفترة الحرجة التي يمر بها بلدنا الحبيب»، أكدت مصادر لـ«الأخبار» أن الأمر ليس كذلك، وأن التضييق الأمني هو السبب الرئيسي في «عدم استكمال قوائمهم».
كذلك، إن القائمة الوحيدة الصلبة حتى الآن، والمتعارف ضمنياً أنها القائمة التي تدعمها الدولة أمنياً وإعلامياً، هي «في حب مصر»، التي يقودها اللواء سامح سيف اليزل، وتقدمت بـ240 مرشحاً على قوائم الجمهورية، وتضم قائمتها الأساسية 120 شخصاً، والعدد نفسه للقائمة الاحتياطية.
هذه القائمة، رغم خسارتها حزبين من الأحزاب المتحالفة معها (المصريين الأحرار ــ يموله رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، والحركة الوطنية ــ أسسه أحمد شفيق وهو آخر رئيس وزراء في عهد مبارك)، فإنها لم تبال بالأمر، واستبدلت مرشحي الأحزاب بجدد خلال 48 ساعة فقط.
وقال المتحدث باسم «المصريين الأحرار»، شهاب وجيه، لـ«الأخبار»، إن الحزب «قرر وقف دعمه للقوائم الانتخابية التي ستدفع بها اللجنة التنسيقية لقائمة في حب مصر، وذلك لرفض قياداتها ضم شباب الحزب إلى القوائم في انتخابات البرلمان، وهو ما يتنافى مع التوجه الذي دعا إليه الرئيس (عبد الفتاح) السيسي، بتمكين الشباب في مؤسسات الدولة».
وأضاف وجيه: «موقف القائمة هو الذي أدى إلى اتخاذ الحزب قراره بالانسحاب من القائمة»، مشيراً إلى أن مشكلة «المصريين الأحرار» مع «في حب مصر» ليست في عدد المقاعد المخصصة للحزب في القوائم، لكنها في «الأشخاص المشاركين على مستوى الجمهورية ورفض ضم الشباب».
من جانب آخر، تقدم الأمين السابق لتنظيم «الحزب الوطني» المحلول، أحمد عز، بأوراق ترشحه إلى «لجنة الانتخابات» في محافظة المنوفية، التي قبلت أوراقه بعد امتلاكه حساباً جارياً في البريد، كذلك حصل على رمز «السفينة».

أحمد عز تقدم
بأوراقه عبر الترشح الفردي بالاستناد إلى «حساب بريدي»

وبرغم أن التكهنات كانت تشير إلى أن عز، الصادر بحقه حكم نهائي من «المحكمة الإدارية العليا» بحرمانه الترشح، سيدخل عبر مقاعد القوائم لتحرر مرشحيها من فتح حساب بنكي، فإنه لم يفعل بل قدم أوراقه كمرشح فردي. والمفاجأة أن ترشح عز والتحايل على أحكام القضاء، ولو كانت نهائية، لم يكلف عز سوى «حساب بريدي ــ دفتر توفير» يصرف منه على الدعاية الانتخابية»، وكان قد فتحه في شهر شباط الماضي أثناء الاستعداد للترشح للانتخابات التي توقفت في آذار الماضي.
وقد تشهد الأيام المقبلة، وفق مراقبين، مخاطبة النائب العام لهيئة البريد لإغلاق حساب عز تنفيذاً لقرار التحفظ على أمواله، وهو ما يعني تكرار استبعاده من الانتخابات مرة ثانية، لكن من دون تأكيد.
من جهة ثانية، يعقد حزب «الوفد» مساء اليوم (السبت) اجتماعاً لهيئته العليا لمناقشة آليات العملية الانتخابية ودعم المرشحين، وذلك بعدما خُصص له رمز «النخلة»، وهو الرمز المعروف له منذ عام 1984، بصورة موحدة على مستوى الجمهورية. وأكد المتحدث باسم «الوفد»، بهجت الحسامي، أن الحزب سيشكل غرف عمليات في مختلف المحافظات التي له مرشحون في دوائرها، مضيفاً أن عدد مرشحي الحزب حتى أمس بلغ 260، «جرى اختيارهم وفق الكفاءة... غرف العمليات القانونية والإعلامية ستكون تحت إشراف رئيس الحزب السيد البدوي بذاته».
وبشأن التنسيق المادي أو الإعلامي مع قائمة «في حب مصر» التي يوجد ثمانية من أعضاء «الوفد» فيها، قال الحسامي لـ«الأخبار»: «اللي هيطلبوه مننا هنعمله، سواء دعم مركزي من الحزب أو من المرشحين ضمن القائمة بشخصهم... هم يتميزون بالسرية التامة ونحترم ذلك، ونتعامل معهم بشكل تكامل لا تنافس».