«قطع العلاقات الدبلوماسية بين تركيا وإسرائيل سيزيد من زعزعة استقرار المنطقة» أجرى الرئيس السوري، بشار الأسد، أمس مباحثات مع رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو، بحث خلالها ضرورة تركيز الجهود لرفع الحصار عن غزة، بالتزامن مع تأكيده أنّ قطع العلاقات بين تركيا وإسرائيل يزعزع استقرار المنطقة
شدّد الرئيس السوري، بشار الأسد، أمس من إسبانيا، على أن السلام لا يمكن أن يتحقّق في منطقة الشرق الأوسط إلّا إذا كان شاملاً ويضمن إعادة الحقوق، وفي مقدمتها الجولان. وأكّد الأسد، في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو، أنّ المحور الأساسيّ لمباحثاته مع المسؤولين الإسبان تركّز على كيفية التحرك في الظروف الحالية التي تعانيها منطقة الشرق الأوسط، «سواء لإطلاق عملية السلام أو لتخفيف احتمالات الحرب وهما محوران متوازيان».
ولفت الأسد إلى أنّ «منطقة الشرق الأوسط مضطربة وسوريا تقع في قلبها من الناحيتين الجغرافية والسياسية، وهي على احتكاك مباشر مع معظم المشاكل الشائكة والمعقّدة في المنطقة».
وأوضح «أنّ ظروف الاستقرار التي نبحث عنها منذ عقود في منطقتنا تبدو في هذه الأشهر التي مرت، وحتى هذه اللحظة، متراجعة، وفرص السلام تراجعت لمصلحة المزيد من فرص الحرب»، مشيراً إلى أنّ «هذه الظروف تعطي الزيارة إلى إسبانيا واللقاء مع رئيس الوزراء ثاباتيرو أهمية خاصة في مثل هذا الموضوع».
وأكّد الأسد الموقف السوري التقليدي، بأنه «لا يمكن أن يكون هناك سلام إذا كان هناك احتلال، كما أنه لا يمكن أن يتحقق السلام من دون إعادة الحقوق، وفي مقدمتها إعادة الجولان السوري المحتل كاملاً».
ولفت الأسد إلى «أنّ السلام الحقيقي لا يمكن أن يتحقّق إلّا إذا كان شاملاً، وبالتالي عندما نتحدّث عن السلام على المسار السوري فلا بدّ أن نتحدث عن السلام على المسار الفلسطيني»، متسائلاً «كيف يمكن أن نطلق المفاوضات على المسار الفلسطيني في ظل انقسام فلسطيني».
وقال الأسد إنّ «هناك اهتماماً إسبانياً بإتمام المصالحة الفلسطينية، ونحن أيضاً لدينا الاهتمام نفسه لإعادة إطلاق هذه المفاوضات التي ستدعم مباشرةً المسار السوري وصولاً إلى السلام الشامل». وتساءل «كيف يمكننا أن نرى هذا السلام في ظل حصار لا إنساني على غزة، حيث يوجد مليون ونصف مليون إنسان محاصرون دون أدنى مقوّمات الحياة الإنسانية».
وأوضح الأسد أنه طلب من ثاباتيرو، «من خلال علاقتهم بإسرائيل ومن خلال وجودهم كعضو في الاتحاد الأوروبي، أن يؤدّوا دوراً لرفع هذا الحصار»، معرباً عن اعتقاده «بأنّ المواقف الأوروبية الأخيرة، وخصوصاً بعد الهجوم الإسرائيلي على قافلة الحرية التي كانت تنقل مساعدات إنسانية إلى غزّة، تساعد في هذا الاتجاه».
وأشار الأسد إلى أنّ قطع العلاقات الدبلوماسية بين تركيا وإسرائيل سيزيد من زعزعة استقرار المنطقة. وأوضح أنّ تركيا «لاعب رئيسي، وأنّ قطع العلاقات بينها وبين إسرائيل سيكون خسارة للوساطة من أجل السلام في المنطقة»، لافتاً إلى أنه «لم يتمكّن أيّ طرف من أداء نفس الدور الذي أدّته تركيا»، وعازياً السبب إلى أنّ «هذه الدولة تعيش في منطقتنا وتعرف كل التفاصيل». وأضاف «بذلك أستطيع أن أقول إنّ تراجع دور تركيا، وتراجع عملية السلام على المسار السوري لا شك في أنهما سيؤثّران في استقرار المنطقة. ولكن لا نستطيع أن نأخذها بهذه البساطة. من أدى إلى تراجع الاستقرار هو التهديدات الإسرائيلية».
وأوضح الأسد أنّ مباحثاته مع ثاباتيرو تناولت مؤتمر قمة المتوسط، الذي سيُعقد في شهر تشرين الثاني المقبل. وأكد أنه «لا نستطيع أن نفصل هذا الموضوع عن موضوع السلام، لأنّ قمة المتوسط من المفترض أن تكون استمراراً أو تطويراً لعملية برشلونة التي بدأت عام 1993».
ولفت الأسد إلى أنّ مباحثاته مع ثاباتيرو تركّزت على «كيف نجعل هذه القمة تطلق أعمالاً وليس فقط مواقف سياسية»، لافتاً إلى أنّ «قمة المتوسط بحاجة إلى تحقيق السلام أو على الأقل إطلاق مفاوضات السلام لكي تكون ناجحة».
كذلك تطرّق الجانبان إلى الملف النووي الإيراني. وقال الأسد «عبّرنا عن قلقنا من عدم الاستجابة للاتفاقية التي وُقّعت بين البرازيل وتركيا وإيران، باعتبار أنّ هذه الاتفاقية باب فُتح لكي نذهب باتجاه الحل»، معتبراً «أنّ هذا الباب ما زال مفتوحاً على الرغم من كل التعقيدات التي أضيفت بعد رفض هذا الاتفاق».
وأعرب الأسد عن أمله في أن يستغلّ «الاتحاد الأوروبي هذا الاتفاق لإضافة المزيد من الاستقرار إلى منطقتنا، التي لا تتحمّل المزيد من التعقيد والمشاكل».
من جهة ثانية، أعلن ثاباتيرو أنّ وزراء خارجية إسبانيا وفرنسا وإيطاليا سيزورون قطاع غزة خلال الشهر الحالي «للتحقّق» من تخفيف الحصار الذي وعدت به إسرائيل.
(سانا، أ ف ب)