أكثر من 50 فريقاً للاعبي كرة القدم ينضوي قسم منها تحت لواء 35 نادياً في عين الحلوة. رقم يعكس «ولع» أهل المخيم بهذه اللعبة «الشعبية»، برغم أنهم محرومون من التحليق خارج إطار المخيم
سوزان هاشم
ارتدت أزقة عين الحلوة حلة «المونديال». اخترقت أعلام المنتخبات المشاركة في مباريات كأس العالم لكرة القدم، لون المخيم وأعلام الفصائل الفلسطينية وشخصياتها. لا عجب أن تكون عيون أبناء المخيم متوجهة كغيرها نحو مرمى الكرة العالمي. فهذه الرياضة الشعبية هي «الأكثر إثارة لشغف أهلنا في المخيم»، كما يقول عاصف موسى رئيس جمعية الغد، مشيراً إلى أن المخيم «يعجّ بالفرق الرياضية التي تفوق الخمسين فريقاً» منها ما هو مؤلّف بطريقة عفوية من بعض الشبان ومنهم منظم عبر نوادي المخيم التي يبلغ تعدادها 35 نادياً، تتنافس في ما بينها في المخيم أو خارجاً مع فرق لبنانية في دوريات محلّية على صعيد المناطق فقط دون الارتقاء إلى مجال أوسع، إذ إن هذه النوادي أصلا غير مرخصة من السلطات اللبنانية، حالها كحال الجمعيات وغير ذلك التي يحظر على الفلسطينيين إنشاؤها خارج حدود مخيماتهم.
يتجمّع كل من حسان الغماز ومحمود الحسن وخليل عمار وغيرهم من فتيان عين الحلوة، ضمن فريقين متنافسين ليبدأوا اللعب. منذ الصباح الباكر، وكأولاد البرازيل أو البلدان الأفريقية الفقيرة، حفاة الأقدام غير عابئين بما يمكن أن يغرز في أقدامهم من أحجار وزجاج وغيره. فوحدها حماسة مداعبة الكرة ومهارة إدخال هدف في مرمى الفريق الآخر، تتغلب على ما عداها في المخيم.
هنا، على حدّ تعبير موسى «الولد بيخلق من بطن أمه وبيركض إلى الملعب». ويقول إن «الكبير والصغير مولع بهذه اللعبة»، التي تلعب «مجاناً على أرض ملعبيه، (ملعب أبو جهاد الوزير وملعب الكرمل)، وهي المساحات الحرة وشبه الوحيدة في هذا المخيم الضيّق، التي نجت من زحف البناء العشوائي، علماً بأنه يجري التنسيق مسبقاً مع اللجنة الرياضية في المخيم التي تتولى تنظيم أدوار الفرق لأخذ مواعيد مسبقة، منعاً لأي إشكال بين الفرق» كما يقول موسى.
وبرغم حماسة اللاعبين وشغفهم بلعبة كرة القدم، تبقى هناك حسرة كبيرة تنغّص قلوب بعض رياضيي المخيم الحالمين، إذ يقف طموحهم عند سياج المخيم.
يسأل أحمد عزّواي (15 عاماً)، لماذا لا يتاح له أو لغيره من أبناء المخيم، أن يضحوا نجوم الملاعب، مثل «ميسّي، كاكا أو زيدان»؟ بيد أن أحمد يعود ليجيب عن نفسه، «حلم مستحيل إذ إننا نفتقر إلى منتخب فلسطيني، ويبدو الوضع أكثر تعقيداً في بلاد اللجوء في ظل الغيتوات المفروضة علينا».
أما سبب «ولع» أبناء المخيم بلعبة كرة القدم، فهي «لعبة شعبية أصلاً، وغير مكلفة وهو ما يتناسب وأحوال أبناء المخيم، وتعتبر اللعبة متنفّساً لهؤلاء المحاصرين ما وراء الحواجز»، يقول مسؤول نادي النهضة عدنان ورد، شارحاً مدى أهميّة الرياضة لهؤلاء الشبان، التي تعتبر، إضافة إلى كونها وسيلة تسلية وتمضية وقت، طريقة تقيهم «طرق الانحراف التي يمكن أن ينزلقوا إليها في ظل الضغوطات الاجتماعية التي تكبل حياتهم اليومية»، أما الربح السريع الذي ينجم عن تلك اللعبة لدى إحدى الفرق، فهو «فشة خلق إضافية»، كما يقول ورد.
يأسف المشرف على الفرق الرياضية في مخيم عين الحلوة تيسير بركة، «لعدم السماح بالترخيص للنوادي الفلسطينية الرياضية حالها كحال الجمعيات التي يحظر على الفلسطيني أن ينشئها، أو أن ينضوي تحتها، وهو ما يجعل الكرة الفلسطينية تراوح مكانها داخل حدود المخيم».


هرطقة

يرى المحامي نعمه جمعة، أن منع الفلسطيني من إنشاء ناد رياضي هو مخالفة واضحة وصريحة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ويأتي ذلك من جملة المخالفات في سياق كيفية التعامل مع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، مستغرباً «كيف أن اللبنانيين يتباهون بأنهم من واضعي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، في الوقت الذي يخالفون أهم بنوده التي تنص على الحقوق الاجتماعية والسياسية لأي أجنبي من دون أي تمييز»، واصفاً ما يمارسه اللبنانيون بـ«هرطقة فادحة».