يبدو أنّ باباً واسعاً فتحه اللقاء الذي كان سرياً بين وزير الخارجية التركية أحمد داوود أوغلو ووزير الصناعة الإسرائيلية بنيامين بن أليعازر في العاصمة البلجيكية بروكسل، على صعيد الجدار الذي بُني في العلاقات الثنائية بين الدولتين؛ ففيما يسعى حكام تل أبيب إلى ردم الهوّة التي سبّبها اللقاء بين رئيس الحكومة العبرية بنيامين نتنياهو ووزير خارجيته أفيغدور ليبرمان، رجّحت الصحف التركية عقد اجتماع ثانٍ بين داوود أوغلو وبن أليعازر بناءً على إعراب الأخير عن استعداد حكومته لدفع تعويضات لذوي شهداء «أسطول الحرية». وقال دبلوماسي تركي لصحيفة «حرييت دايلي نيوز» إنّه «سيكون هناك لقاء ثانٍ بينهما إذا اتخذت تل أبيب خطوة إيجابية إزاء أحد مطالبنا». إلا أنّ مصادر أخرى كشفت أنّ حكومة نتنياهو لن تستجيب لأي مطلب تركي (التعويض والاعتذار وإعادة سفن «أسطول الحرية» وتأليف لجنة تحقيق دولية وفك الحصار عن غزة) حتى تنهي لجنة «تقصي الحقائق» عملها وترسل تقريرها للحكومة العبرية.
لكنّ هذه الأجواء «الإيجابية» مهدّدة بالتبخّر إذا ما تواصل السجال بشأن مَن طلب لقاء بروكسل؛ ففيما أوضحت أنقرة أن داوود أوغلو استجاب لطلب إسرائيلي بالاجتماع مع بن أليعازر، شدد مكتب نتنياهو على أنّ تركيا هي من طلبت اللقاء. حتى إنّ صحيفة «يديعوت أحرونوت» نقلت عن مسؤولين إسرائيليين تأكيدهم أنّه «بعد تدهور العلاقات بين الدولتين، يبحث الأتراك عن وسيلة للنزول عن الشجرة بعدما أدركوا أنهم تورطوا مع العالم الغربي كله». وأضاف المسؤولون أن الجانب التركي يتوقع أن يساعده الجانب الإسرائيلي في ذلك من خلال الاعتذار عن الاعتداء الإسرائيلي، أو القيام ببادرة نية حسنة. ونقلوا عن مسؤولين أتراك قولهم أنّ بالإمكان التوصل إلى تسوية بين الدولتين. ووفق الصحيفة، فإنّ عودة تركيا إلى دور الوسيط في محادثات بين إسرائيل وسوريا كانت من بين المطالب التي نقلها داوود أوغلو لبن أليعازر.
ونال داوود أوغلو دعماً من الرئيس عبد الله غول الذي رأى أنه «لا ضرر من اللقاء الذي جرى في بروكسل لأنه أتى بطلب من الإسرائيليين»، مذكراً بأنّ «بإمكان وزراء الخارجية أن يلتقوا حتى في أوقات الحرب إن اقتضت الحاجة».
بدوره، اكد نتنياهو، في مقابلة مع القناة العامة الاولى في التلفزيون الاسرائيلي، ان «اسرائيل لا يمكنها الاعتذار لان جنودها اضطروا الى الدفاع عن انفسهم للافلات من عملية ضرب حتى الموت من جانب حشد». لكنه أضاف، في الوقت نفسه، أنه يريد تجنب حدوث المزيد من الضرر للعلاقات بين اسرائيل وتركيا.
كلام نتنياهو جاء بعد لقائه مع ليبرمان بهدف تهدئة الأخير الغاضب من إخفاء اللقاء السري بين الوزيرين التركي والإسرائيلي، وهو ما دفع بليبرمان إلى رفض الرد على اتصالات هاتفية من نتنياهو طوال يوم الخميس. وأوضحت «هآرتس» أنّ من أهم ما يريد ليبرمان معرفته من «بيبي»، ما إذا كان بن أليعازر مرّر تعهدات أو وعوداً إسرائيلية لتركيا.
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي)