غزة | حذرت الأمم المتحدة في، مؤتمرها السنوي للتجارة والتنمية «أونكتاد»، من انعدام الحياة واستحالتها في قطاع غزة خلال السنوات الخمس المقبلة، وجاء ذلك في تقرير عرض كامل صور الحياة في القطاع. وركز تقرير «أونكتاد» على الحصار الخانق على غزة، وتأثيره على التنمية والاقتصاد. وأشار التقرير إلى أن العمليات العسكرية الإسرائيلية، تسببت في تدني المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية إلى أدنى مستوى منذ خمسين عاماً.

ومن المعروف أن القطاع من أكثر المناطق اكتظاظاً في العالم، حيث يعيش مليوني فلسطيني، والرقم في ازدياد، في بقعة لا تزيد عن 365 كلم مربع. هذه الكثافة السكانية العالية، أثرت في كل صور الحياة وأبرزها التعليم. يقول جهاد أحمد، وهو مدرس مادة اللغة العربية في مدرسة تتبع لـ«وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين ــ الأونروا»، إن مدارس الوكالة «تشهد ازديادا في عدد الطلاب مطلع كل عام، ما يؤدي إلى تكدس الطلاب في الفصل، ثم تراجع نسبة وصول المعلومة إلى الطالب وتحصيله العلمي».
وبالطبع، فإن قطاع الصحة ليس أفضل حالا من التعليم، فقد تعرضت المنشآت الصحية لأكثر من أزمة تركت آثارها في كل المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية والخاصة. عمليا، نفدت أنواع كثيرة من الأدوية الأساسية اللازمة للمصابين بأمراض مزمنة، ولمن يعانون الفشل الكلوي والأزمات القلبية، كما ساهم الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي وانعدامه أحيانا، إلى توقف بعض الأجهزة الطبية.
يشتكى خالد عوض، وهو صاحب إحدى الصيدليات في غزة، من نقص كبير في مجموعة من الأدوية. ويقول ان «الأمور تتجه إلى الأسوأ وخاصة بعدما هدمت الأنفاق ما بين غزة ومصر»، مضيفاً: «كان اعتمادنا على الدواء المصري وهذا كان يخفف حدة الأزمة، وكان يغطي العجز الموجود في القطاع، ولكن بعد هدم الأنفاق وإجراءات الجيش المصري المشددة على الحدود تفاقمت الأمور».
أيضا، فإن تقرير «الأونكتاد» وصف معدلات الناتج الاقتصادي والبطالة في غزة بأنهما «سيئتان بشكل رهيب»، وهو ما يعمق الأزمة المعيشية. فقد تفاقمت أعداد المتعطلين عن العمل خلال السنوات الماضية، وازدادت معدلات الفقر نتيجة الحصار، وفقدان فرص العمل بسبب توقف عجلة الحياة الاقتصادية بالكامل.
يظهر التقرير أن 70% من المصانع والورش والمعامل والشركات متوقفة بسبب قصف إسرائيل لها. وساهم توقف إعادة الإعمار وإغلاق المعابر ومنع دخول مواد البناء، والخام الصناعي، والأجهزة والآلات في توقف الدورة الاقتصادية، كما يبرز التقرير تأثر القطاع الزراعي في غزة بسبب الحصار المفروض. فلا يستطيع المزارعون الوصول إلى أراضيهم الواقعة على مقربة من الشريط الحدودي الفاصل بين غزة والأراضي المحتلة، المقامة عليها مستوطنات ومواقع عسكرية إسرائيلية.
في هذا السياق، يقول المزارع جابر إبراهيم إن «معظم الأراضي في ذلك المحيط كانت تزرع بأشجار الزيتون، ولكن عند أي توغل أو هجوم بري إسرائيلي تُجرف الأراضي». ويضيف: «عند كل حادثة أو مواجهة بين العدو والمقاومة تتسع المنطقة الأمنية الفاصلة على الحدود، وكلما اتسعت المنطقة الأمنية، ضاقت أراضي المزارعين».
كذلك يساهم النقص الكبير في تأمين البذور من داخل الأراضي المحتلة، وفقدان مضخات المياه، في شلل القطاع الزراعي، وانخفاض المنتج المحلي إلى درجة لا يغطي فيها حاجة سكان غزة.
ويعاني المزارعون، أيضاً، تلوث المياه الجوفية التي تبين أنها غير صالحة للاستخدام، وذلك لاختلاط مياه الصرف الصحي بها، إضافة إلى ارتفاع نسبة الملوحة في التربة، وغياب محطات تكرير ومعالجة لحل هذه الأزمة.