صباحك فيروزي
صباحك فيروزي يا حسام. كيفك أنتَ؟ الحمدلله على سلامتك بعد الرجوع من «برّات البلاد»، وبمناسبة الرجوع أحببت أن أهديك في هذا الصباح أغنية أهديتني إياها أنت من قبل للسيدة فيروز: «ع دروب الهوى». جميلة جداً هذه الأغنية، لكن أحببت أن أعرف منك تفاصيل أُخرى بخصوص هذه «الدروب». أهي طريق بيروت ـــــ الشام؟ أم طريق الشام ـــــ عمّان؟ أم أيّة دروب بالتحديد؟
وكنتُ قد اقترحت من قبل على «أبو علي» أن يُسّجل في كتاب غينيس للأرقام القياسية لتحطيمه الرقم القياسي باللجوء إلى مخيمات لبنان أربع مرات، فأنا أقترح عليك اليوم التسجيل في الكتاب نفسه، لكن على مستوى اللجوء الجغرافي في الوطن العربي. من الأردن إلى الكويت. من الكويت إلى العراق. من العراق مجدداً نحو الأردن. من الأردن إلى سوريا وأخيراً إلى لبنان! فعلاً حالتك صعبة يا حُسام. زرت جميع هذه البلدان وأقمت فيها، ومع ذلك لا تزال ممنوعاً من زيارة بلدك فلسطين؟! أنتَ تقول لي دائماً إننا سنزور رام الله يوماً ما معاً. أنا أتمنّى ذلك. بالمناسبة، سأعلّمك كيف تستخدم «المقلاع»، فرغم أنك لجأت كثيراً، إلا أنه لم يحصل لك الشرف وأقمت في المخيم لتتعلّم هذه المهارات، كما حصل معي. يا عزيزي، استخدام «المقلاع» و«النقّيفة» و«الرشاش أبو خرزة» مهارات ضرورية يجب أن تكتسبها إذا كنتَ تفّكر جدياً بالذهاب إلى رام الله. فكما تعرف، يسيطر الإسرائيليون على 60% من أراضي الضفة الغربية، فيما تمنع السّلطة الفلسطينية تملّك الأسلحة. وذلك يفرض علينا أن نتعلّم استخدام الأسلحة الخفيفة ورشق الحجارة قبل الذهاب إلى هناك! آمالك كبيرة بالعودة إلى رام الله. بالتوفيق، فرئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، بصدد إجراء مفاوضات مباشرة مع الإسرائيليين من أجل إقامة دولة فلسطينية على آراضي الـ67 قبل نهاية الشهر الجاري. بصراحة، نيالكم على هيك رئيس، فهو يصل الليل مع النهار ويعمل جاهداً من أجل إقامة دولة لكم على أقل من 40% من أرض فلسطين، كما أن لا أحد يعرف ما هي خطة الأخير في ما يتعلّق بحل مشكلة اللاجئين. باختصار، أنا لا أعرف إن كنت حقاً ستعود إلى رام الله أم أنك ستحتفظ بالجنسية الأردنية وتبقى مواطناً هناك إلى أبد الآبدين، وإذا كانت آمالك معلّقةً على محمود عباس، فالله بيعين!
كنّا ننام ونستيقظ على أغاني السيدة فيروز، وصوت فيروز اليوم ممنوع من الغناء إلى أجل غير مسمى. أيعقل أن تسكت فيروز وتتوقف أنت عن إهدائي الأغنيات؟ مني لك إهدائي الأخير بمناسبة أُخرى «سنرجع يوماً».
إيمان البشير

أنا أتوب؟

صباحٌ فيروزي لك أيضاً يا إيمان. على ما يبدو أن كل واحد منا يريد ويتمنى للآخر يوماً يبدأه بفيروز وينهيه بالشيخ إمام. وبغض النظر أي درب كان، سواء أكان درب بيروت ـــــ الشام أم الشام ـــــ عمان، فهي مؤقتة لنصل إلى الدرب المراد وهو درب فلسطين. لا أظن أن كتاب غينيس يتسع إلى 5 ملايين فلسطيني على الأقل ليدخلوا فيه. فأنا حالة من مجموعة حالات شاء القدر أن تعرفيها، فرغم كل البلدان التي عشت وتجوّلت فيها، إلا أن انتمائي إلى فلسطين يزداد بازدياد عدد تلك البلدان. فمن الكويت إلى الأردن والعراق وسوريا والإمارات إلى لبنان، عرفتُ أن فلسطين ليست بالبطاقة بل بالدماء والانتماء، ولا بد أن يوصلني انتمائي إلى أرضي، بمساعدة «مقلاعك» و«نقيفتك» ورشاشي الكلاشينكوف لا «أبو خرزة»، ومساعدة أقلامنا، في ظل ما يسمى السلطة الفلسطينية.. والتي هي ليست بسلطة بل مجموعة من السماسرة يتاجرون بالقضية. فأنا لا أستطيع استيعاب غباء محمود عباس حين يفاوض الكيان الصهيوني على أرضنا. ألا يعرف أن التفاوض يكون بين طرفين متقاربين من حيث القوة، ولا يكون التفاوض أبداً مع المحتل على أرض نملكها نحن؟ هل يقبل أن يفاوضني إذا اقتحمت بيته واحتللته وأبقيته مع عائلته في غرفة واحدة؟ ألا يعرف أن الذي يفاوض عليه سواء من الضفة أو غزة هو أقل من 20% من مساحة فلسطين؟ ألا يعرف أن الصهاينة يريدون أن يبقوا غزة خارج نطاق ما يسمى دولة فلسطين؟ عن أي سلطة يتحدث فيما أيّة دورية «إسرائيليّة» تستطيع أن تدخل رام الله وتغلقها متى تشاء وحين تشاء؟ أي دولة تكون إن كنت أريد الرجوع إلى رام الله لأعيش فيها ولا أستطيع؟ هل يستطيع محمود عباس أن يدخلني؟ حتماً لا، ولذلك أنا أقترح عليه أن يجمع عائلته وأصدقاءه السماسرة في قصره أيكون ملكاً عليهم، وليسمع الشاعر إبراهيم طوقان حين يقول: «في يدينا بقيةٌ من بلد فاستريحوا كي لا تضيع البقية». وعدي لكِ أنني لن أعود إلى رام الله إلا وأنتِ معي. تحلّي بالصبر، فإن لم تعسنا بيروت فهناك دمشق، وإن رفضتنا دمشق فهناك عمّان، فلا تخافي. لا بد أن نجد بلداً تحتوينا، وإن منعوا فيروز من الغناء، فأغنيتها باقية «سنرجع يوماً». وفي النهاية، أهديك وبلادي أغنية الشيخ إمام «أنا أتوب عن حبك أنا».
حسام محمد