ما إن خمدت نيران جبل الكرمل حتى باشرت الحكومة الإسرائيلية تحديد إجراءات عملانية للملمة تداعياته
علي حيدر
عقد الكنيست جلسة استثنائية لمناقشة الإخفاقات التي انكشفت خلال حرائق جبل الكرمل، وسط دعوات إلى تأليف لجنة تحقيق رسمية لتحديد المسؤوليات. وحدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عدة مهمات رئيسية للحكومة: إعادة النازحين إلى منازلهم، الذين قارن بينهم وبين معالجة وضع المستوطنين الذين جرى إخلاؤهم من قطاع غزة، ومعالجة المصابين منهم، وبناء المنازل المدمرة، وإعادة ترميم البنى التحتية، والاهتمام بترميم جبل الكرمل، والبدء بتنفيذ هذه المهمات فوراً. وعيّن لهذه الغاية رئيس بلدية نتانيا، ماريم فيربرغ، على رأس هيئة خاصة تضم رئيس شعبة الموازنات في وزارة المال أودي نيسان والمدير العام لوزارة البناء موردخاي موردخاي وطاقم من مكتب المستشار القانوني للحكومة، إضافة إلى المدير العام لوزارة الداخلية امنون بن عامي. وأكدت مصادر في مكتب رئيس الحكومة رصد موازنة حكومية لهذه الهيئة.

نتنياهو يسعى إلى قطع الطريق على تأليف لجنة تحقيق رسمية

ولفتت تقارير إعلامية إسرائيلية إلى أن الهدف من تأليف هذا الطاقم هو تجاوز العقبات البيروقراطية ودحرجة الموازنات الحكومية بسرعة ونجاعة إلى الميدان، من أجل تمكين المصابين بالحرائق من العودة بسرعة إلى حياة معقولة وطبيعية. كذلك أعطى نتنياهو تعليماته لصرف 2500 شيكل لكل شخص احترق منزله من أجل إعادة شراء تجهيزاته وأثاثه.
في موازاة ذلك، ألّف نتنياهو أيضاً هيئة خاصة أوكل إليها مهمات بعيدة المدى، مثل ترميم جبل الكرمل وإنشاء جهاز إطفاء وطني.
في الإطار نفسه، عقد الكنيست جلسة خاصة، أمس، بدعوة من رئيسه روبن ريفلين وبالتنسيق مع رؤساء الكتل وتوقيع 61 عضو كنيست طالبوا بعقد الجلسة لمناقشة الإخفاقات. وفي ظل تباين في المواقف، دعا عدد من المسؤولين إلى تطوير جهاز الإطفاء بعد الإخفاق الذي كشفته حرائق الكرمل، وحذر عضو الكنيست زئيف بويم من أن يخرج رئيس الحكومة والوزراء مما جرى «نظيفي الكف». ورأى أن الإدارة الصحيحة لنتنياهو خلال الحادثة كانت تهدف إلى إخفاء الإخفاق الكبير. لكنه أضاف أن لا حاجة إلى تأليف لجنة تحقيق بل هناك حاجة إلى العمل استناداً إلى التوصيات السابقة لتطوير جهاز الإطفاء.
ودعا عضو الكنيست نيتسان هوروفيتش، من حزب «ميرتس» المعارض، إلى استقالة وزير الداخلية إيلي يشاي المسؤول الوزاري عن خدمات الإطفاء في دولة إسرائيل. إلا أن الوزير جلعاد اردان (عن حزب الليكود) شكك في جدوى تأليف لجنة تحقيق، متسائلاً عمّا إذا كانت هذه اللجنة ستوصي بعدم عودة أعضاء معارضين اليوم إلى السلطة لكونهم عملوا وفق تصورات خاطئة، مشدداً على أنهم جميعاً شركاء في حالة جهاز الإطفاء.
أما عضو الكنيست العربي أحمد الطيبي، فأثنى على المساعدة الدولية لإسرائيل، مشيراً إلى أن «رئيس الحكومة اتخذ قراراً صحيحاً بالتوجه إلى العالم وطلب المساعدة منه».
في المقابل، توقعت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن يتضمن تقرير مراقب الدولة ميخائيل ليند نشطراوس، الذي سيصدر يوم غد، انتقادات خطيرة بشأن قصور جهاز الإطفاء تؤدي إلى اتساع المطالبة داخل الكنيست بتأليف لجنة تحقيق رسمية لتحديد الجهات المسؤولة عن التقصير. وأوضحت الصحيفة أن مراقب الدولة رفض طلب نتنياهو تأجيل نشر التقرير وإرفاقه بتدقيق في أداء جهاز إطفاء الحرائق والحكومة خلال حريق الكرمل. رغم ذلك، لم تستبعد مصادر في مكتب المراقب إمكان التدقيق في ذلك وإصدار تحقيق منفصل بشأنه.

نصف الإسرائيليين يرون أن الدولة العبرية لم تستخلص عبر حرب لبنان الثانية

في موازاة ذلك، رجّحت صحيفة «هآرتس» أن يكون الهدف من طلب نتنياهو قطع الطريق على تأليف لجنة تحقيق رسمية. ولفتت إلى أن لجنة خاصة تعرف باسم «لجنة غينوسار»، كانت قد قدمت تقريراً لحكومة نتنياهو الأولى في عام 1998، وأشارت إلى النواقص في جهاز الإطفاء، وأوصت بتنفيذ خطوات من أجل تحسين أداء الجهاز، لكنّ الحكومات الإسرائيلية منذ ذلك الحين لم تفعل شيئاً في هذا السياق.
وأضافت «هآرتس» أن خلاصة تدقيق أجرته في شأن استعدادات الدولة لمواجهة الكوارث المختلفة، مثل هزة أرضية أو صاروخ يصيب منشأة تحتوي على مواد خطرة في خليج حيفا أو حادثة طيران أو انتشار وباء، تظهر صورة محزنة، مشيرة إلى أن الكارثة الكبيرة المقبلة، بعد حريق الكرمل، هي مسألة وقت وفق تقاعس السلطات.
وفي مقابل التداعيات السياسية القاتمة، أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد «مأغار موحوت» أن شعبية نتنياهو وحزب الليكود ارتفعت بفعل أدائه خلال الحريق، ونال 78 نقطة من أصل 100، كذلك تصاعد تخوّف الإسرائيليين من تبعات نشوب حرب مع إيران، فيما رأى نصف المستطلعين أن إسرائيل لم تستخلص عِبر حرب لبنان الثانية.