تستعد الحركة الأسيرة الفلسطينية لمعركة جديدة مع إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي، في مطلع شهر رمضان المقبل، وبينما ينهي الأسرى استعداداتهم لتثبيت حقوقهم، ووقف إجراءات الاحتلال بحقهم، مرر الكنيست بالقراءة التمهيدية في 1 آذار الجاري، فرض عقوبة الإعدام على أسرى فلسطينيين. حول هذه العناوين وغيرها، كان هذا الحوار مع رئيس «نادي الأسير الفلسطيني» قدورة فارس.


كيف ترى إلى قرار الاحتلال الأخير بطرح قانون «إعدام الأسرى» للتداول والإقرار من قبل الكنيست؟

إقرار قانون إعدام الأسرى، على الرغم من توصية المستشارة الوزارية للحكومة بعدم عرضه، لتعارضه مع أحد القوانين الأساسية للاحتلال، وهو «قانون حرية الإنسان»، يقع في إطار عدوان شامل تشنه دولة الاحتلال بحكومتها الحالية على الشعب الفلسطيني، وهذا القانون شكل من أشكال هذا العدوان، وهذه التحولات العميقة في البنية الداخلية للاحتلال.
ولا بد من الأخذ في الاعتبار أنّ الكيان الصهيوني، لديه قانون ينص على تطبيق عقوبة الإعدام، مع بعض المحددات، من أهمها اشتراط أن يكون هناك إجماع من 3 قضاة على تطبيق هذه العقوبة، أي أنّ الحكم لا يكون نافذاً بالغالبية (2+1)، لكن، ونظراً لأنّ الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 تدار من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، ونظراً لأنّ القضاة في المحاكم التي يعرض عليها الفلسطينيون الذين يقومون بأعمال المقاومة، ضباط في جيش الاحتلال الصهيوني، يأتمرون بأمر قائد جيش الاحتلال، فإن كل قادة جيش الاحتلال السابقين جمدوا التعامل بهذا القانون، لأنهم يعتقدون، هم ومنظومة أمن الاحتلال، بأن هذا القانون لا يضيف لهم أمناً، بل ستكون نتائجه عكسية عليهم.

ما هي تبعات إقرار قانون «إعدام الأسرى»؟

من حيث المبدأ، الكيان الصهيوني يمارس الإعدام يومياً، من دون هذا القانون، ومن دون هذه المحاكم الزائفة، إذ إنها تقتل بدم بارد العشرات من أبناء الشعب الفلسطيني، وفي معظم الأحيان يرتقي الشهداء بدم بارد، بلا مبرر أو «حاجة» ملحة لدى الاحتلال لقتلهم، لكن التعليمات الصادرة لجنود الاحتلال وتغيير قواعد الاشتباك، الذي كان من أول قرارات حكومة الاحتلال الحالية، تشرعن القتل، وتجعل خيار قتل الفلسطينيين مقدمٌ على اعتقالهم، في حال شرعنة هذا القانون بالقراءات الثلاث، فهذا لن يضيف أي جديد على المشهد الكفاحي والمشهد الوطني الفلسطيني.

هل سيتم تطبيق قانون الأسرى بأثر رجعي؟

هذا القانون، كغيره، سيبدأ العمل به منذ لحظة إقراره، ونشره في الجريدة الرسمية لدى الاحتلال، أي أنه لن يطبق بأثر رجعي على من سبق، وربما قد تتدخل المؤسسة العسكرية والأمنية، وتجمد العمل به نظراً للتداعيات الخطيرة التي ستحدث لو نُفذ هذا القانون، لكن بالنسبة لنا الشعب الفلسطيني سيواصل كفاحه من أجل الحرية والاستقلال ودحر الاحتلال والعودة، سواء تم تنفيذ أحكام الإعدام أم لا، فمنذ بداية العام ارتقى ما يزيد على 63 شهيداً، بمعدل أكثر من شهيد في اليوم الواحد، هذا الوضع في فلسطين، وقانون الإعدام لن يضيف شيئاً، إلا وصمة عار جديدة في جبين دولة الاحتلال وحكومته العنصرية الفاشية.
ويعلم قادة الاحتلال، وفي مقدمتهم الفاشي نتنياهو، أنّ هذا القانون شكلي، يستخدمه الفاشي بن غفير لاستعراض وتسجيل نقاط لمصلحته في إطار استرضاء الغوغاء من الفاشيين والعنصريين الصهاينة الذين صوتوا له، ويريد أن يستخدمه لإظهار جديته وقدرته على تنفيذ كل ما وعد به، لكنه يخلو من أي مضمون من البعد الأمني لدى الاحتلال، ولن يكون ذلك رادعاً لشباب فلسطين في التصدي لكل مخططات الاحتلال ومقاومته بكل السبل.

ما أهم ما يميز هذا القانون؟

لعل أهم ما يميز هذا القانون، أنّه سيطبق فقط على من يقاومون الاحتلال، ويوقعون الخسائر البشرية في صفوفه، ولن يطبق على الصهاينة ممن يرتكبون جرائم القتل، فالحصانة في هذا القانون للصهيوني فقط، وسيتم ذلك عبر تعريف القتل المدان بالقانون بأنّه ذلك المبني على «خلفية قومية»، وهذا يبين عنصرية الاحتلال بجلاء، فعلى أرض فلسطين التاريخية يطبق قانونان، الأوّل خاص بالصهاينة، والثاني لكل من هم دونهم.

كيف تقيّم وضع الحركة الأسيرة اليوم؟

الحركة الأسيرة في وضع أفضل مما كانت عليه سابقاً، خلال الـ 15 سنة السابقة، وتعد عملية «نفق الحرية» نقطة التحول في وضع الحركة الأسيرة، ويتمثل ذلك في إعادة بناء إطار وطني موحد لكافة أسرى الفصائل في سجون الاحتلال، وتم إطلاق اسم «لجنة الطوارئ العليا» عليه، وقد أدار هذا الإطار الصراعَ مع إدارة سجون الاحتلال، منذ «نفق الحرية» لغاية اليوم، على قاعدة العمل الموحد، والهيئة القيادية الموحدة، والتخطيط المشترك، والآن هم يخوضون صراعهم عبر التمرد على إدارة سجون الاحتلال، وعدم الالتزام بالإجراءات المفروضة عليهم من قبل الاحتلال، وصولاً لليوم الأول من شهر رمضان المقبل، إذ سيتم الإعلان عن إضراب مفتوح عن الطعام.
خلال الفترة الماضية، وتحديداً بعد «نفق الحرية» التي تمكن خلالها 6 من أبطال الأسرى في سجون الاحتلال أن يحرروا أنفسهم، أدارت الحركة الأسيرة صراعها مع الاحتلال بطريقة مثيرة للاحترام والتقدير، فاتحد الأسرى، وأظهروا حزماً وعزماً للدفاع عن حقوقهم ومكتسباتهم التي حققوها خلال سنوات طويلة، عبر نضال مرير، وحاولت إدارة السجون استغلال الأمور لتبرير وتشريع إجراءات قمعية بحق الحركة الأسيرة، لكن وحدة الأسرى، وما أظهروه من بسالة وحزم، دفع وزارة داخلية الاحتلال إلى التراجع عن إجراءاتها لـ 3 مرات متتالية، وهذا الذي يشجعهم الآن على خوض معركتهم المقبلة، فقد أثبتت الوحدة أنها سلاح فعال في المعارك، من أجل انتزاع الحقوق والحفاظ على المنجزات.

ما هي رسالتكم للفلسطينيين والعرب وأحرار العالم؟

الواجب الفلسطيني الشعبي الفصائلي، وكذلك العربي، تجاه الأسرى، هو مشاركتهم، لأنهم لا يخوضون صراعاً مع مصلحة سجون الاحتلال ووزارة «الأمن القومي» الصهيونية فحسب، بل إن مترتبات ونتائج المعركة في سجون الاحتلال لها تأثيرات على الروح المعنوية العامة للشعب الفلسطيني، إذ إنّ سلطات الاحتلال تريد أن تكسر عزيمة الأسرى لضخ الإحباط في نفوس الشعب الفلسطيني، لذلك يجب مساندتهم من خلال توسيع رقعة معركتهم، بحيث لا تبقى حبيسة جدران المعتقلات، بل يجب أن تكون معركة عالمية الأبعاد، ويستطيع كل حر مدافع عن الحرية، أن يساند نضال الحركة الأسيرة، ليفهم الاحتلال أنه لا يمكن له أن يستفرد بأبنائنا وبناتنا، وأنّ المعركة وإن كان يستطيع تحديد مكان بدايتها، فإنه حتماً لا يستطيع أن يحدد حدودها ونهايتها، ونحن يجب أن نحدد حدودها، وحدودها هي العالم أجمع.