في كل وسيلة إعلام إسرائيلية، يعمل محلّل أو مراسل عسكري. ينقل ما يُطلب منه من قبل المؤسسات العسكرية والأمنية. هم صندوق بريد، يردّدون ما يطلبه منهم مصدرهم، خدمة أجندة ورواية المؤسسة. أثناء الحروب، يتحوّل هؤلاء إلى جنود في «الإعلام الحربي» الإسرائيلي ويلتزمون ما تطلبه منهم الرقابة العسكرية. وبعد انتهاء المعركة، قد ينتقدون أداء الجيش، لكن كل ذلك تحت السقف المحدد لهم.كلُّ مراسل ينقل رواية الجهة التي يرتبط بها، وفي بعض الأحيان تتضارب التقديرات لدى المؤسسات، فتجد تحليلات هؤلاء الصحافيين تتضارب أيضاً. مثلاً، أثناء هبّة أيار، العام الماضي، فاض الإعلام العبري بتحليلات وتقديرات، عبّر عنها هؤلاء، كان مصدرها المؤسسات العسكرية والأمنية، حول سياسة «تنقيط» (إطلاق) الصواريخ التي شهدتها مستوطنات شمال فلسطين المحتلة انطلاقاً من جنوب لبنان. نقل المحللون العسكريون التخبّط الذي عاشته الأجهزة الإسرائيلية في فهم أسباب عملية إطلاق الصواريخ. وكان لافتاً، مثلاً، أنه وبعد الغارات الإسرائيلية على أراض فارغة لبنانية في آب الماضي، مسارعة المحلل العسكري لصحيفة «معاريف» تال ليف رام، في نقل رسالة إلى المقاومة اللبنانية بأن القصف كان مجرّد رسالة وأن جيش العدو، برغم ممّا جرى، لا يزال لا يحمّل حزب الله المسؤولية، كاتباً على حسابه على «تويتر» أن القصف لم يستهدف نشطاء أو مراكز للحزب.

مصادر أجنبية
تفرض إسرائيل تعتيماً إعلامياً عند الحروب، معتمدة بذلك على قوانين الرقابة العسكرية التي فرضها الانتداب البريطاني على فلسطين واستمرت إسرائيل في اعتمادها. لذلك يعمد بعض الإعلاميين الإسرائيليين للالتفاف على الرقابة العسكرية، مستغلّين سماح القانون الإسرائيلي بنقل معلومات عن مصادر أجنبية، تحت بند حرّية الصحافة. لذلك، يعمد هؤلاء الكتّاب إلى نشر معلوماتهم الخاصة في صحف أجنبية. مثلاً، فإن الصحافي رونين بيرغمان، المعروف بقربه من جهاز «الموساد» يعمل في صحيفة «نيويورك تايمز»، نشر في الفترة الماضية عدة معلومات عن عمليات الجهاز في إيران في الصحيفة الأميركية ثم أخذتها وسائل الإعلام الإسرائيلية وتبنّتها واعتمدتها نقلاً عن المصادر الأجنبية. تستفيد المؤسسة الأمنية من أشخاص مثل بيرغمان في الترويج لعملياتها من دون تبنّيها بشكل رسمي، مثلما حصل بعد تفجير مفاعل نطنز قبل أشهر.
تفرض إسرائيل تعتيماً إعلامياً عند الحروب معتمدة بذلك على قوانين الرقابة العسكرية التي فرضها الانتداب البريطاني


«أبو علي إكسبرس»
العام الماضي، كشفت صحيفة «هآرتس» أن الجيش الإسرائيلي تعاقد مع مالك قناة أخبار على تطبيق «تيليغرام» من أجل خوض حرب جديدة وتصفية الحساب مع الخصوم. وأفادت الصحيفة بأنه «منذ نحو سنتين على الأقل يستأجر الجيش خدمات "ج"، الذي يشغّل قناة "أبو علي إكسبرس" على "تيليغرام"، كمستشار لمواضيع حرب الوعي في الشبكات الاجتماعية». ونوّهت إلى أنه «بخلاف محطة صوت الجيش التي تعمل علناً، في قناة أبو علي إكسبرس لا يظهر إعلان صريح بأن المدير هو مستشار بأجر من الجيش الإسرائيلي، يساعد كبار رجالات قيادة المنطقة الجنوبية، كما أن الجيش الإسرائيلي لم ينشر إعلاناً صريحاً بالتعاون مع "ج"».
وأشارت إلى أن القناة المذكورة درجت على أن تعرض مراسل «القناة 13» ألموغ بوكر، على أنه «مراسل جد محبوب في الجانب الغزي».، كما استهدفت القناة المراسل العسكري لموقع «ويللا» أمير بوحبوط، حيث ظهر بوحبوط مع بوكر في تصنيف «مراسلين إسرائيليين في خدمة العدو»، وهو أيضاً يوصف «كمن يخدم حماس»، إضافة إلى الصحافي في «القناة 12» نير دفوري. وقالت الصحيفة إن «الجيش وجد سبيلاً ذكياً لاستخدام الشبكات الاجتماعية، من أجل تصفية الحساب مع من لا يعجبهم»، معتبرة أن «أبو علي إكسبرس أصبحت منصة للناطق الهجومي بلسان الجيش الإسرائيلي، و"ج" أصبح مقاتلاً إعلامياً سرّياً في خدمة الجيش».



محلل لكل جهاز
يرتبط أغلب الصحافيين الإسرائيليين بجهاز أمني إسرائيلي يسرّب له المعلومات التي يريد أن تصل إلى جمهوره وإلى جمهور أعدائه. من هؤلاء المحلل العسكري لصحيفة «معاريف» تل ليف رام، وأمير بوحبوط، المرتبطان بجيش العدو. الصحافية شمريت مئير، المستشارة السياسية لرئيس حكومة العدو نفتالي بينيت، كانت مرتبطة بشكل مباشر بجهاز «الشاباك» الذي موّل لها موقع «المصدر» قبل إغلاقه. الصحافيان رونين بيرغمان ويوسي ميلمان، مرتبطان بجهاز «الموساد». يوسي يهوشع، ورون بن يشاي، بدورهما، مرتبطان بالجيش. أمّا روعي قيس، مراسل الشؤون العربية لقناة «كان»، فهو ناشط على وسائل التواصل الاجتماعي وكان مصدره اللبنانية، التي أوقفت بتهمة التخابر مع العدو، كيندا الخطيب، التي كانت تمدّه بمواد من لبنان.