وذهبت بعض التحليلات إلى أن ما جرى عبارة عن مناورة سياسية، يسعى حزب الأغلبية الأول من خلالها إلى التراجع عن صدارة المشهد، بينما يبقى في الواقع مسيطراً على المجلس، لأن دور الرئيس شرفي وإداري أكثر منه تشريعياً. ويعتقد من يتبنّى هذا التحليل أن السلطة لا يزال يهمّها البرلمان في جانبين، هما: تعديل قانون الانتخابات، وتمرير مشروع «الهيئة المستقلة لتنظيم الانتخابات». وهي بجلبها رئيساً من المعارضة، تُحاول فقط تجميل وجه البرلمان وجعله أكثر قابلية، خشية أن تلقى هذه القوانين المنتظرة معارضة قوية من الشارع.
ترى كتلة بن صالح أن وجود رئيس للبرلمان من المعارضة يمثل ضمانة للحراك
كذلك وُجّهت سهام النقد إلى الرئيس الجديد للبرلمان، الذي ربط البعض اختياره لهذا المنصب بانخراط تكتله (التيار الإسلامي) في مسعى تقارب مع السلطة، ودفاعه عن المؤسسة العسكرية وخياراتها في وجه من ينتقدونها من التيار العلماني تحديداً. وفي هذا الإطار، ذهب البعض إلى تشبيه شنين بأنه «دربال» جديد نسبة إلى رئيس «هيئة مراقبة الانتخابات»، الإسلامي عبد الوهاب دربال، الذي استعان به نظام الرئيس السابق لإعطاء صدقية للانتخابات، في عملية انتهت بفشل ذريع، إذ كانت الانتخابات التي أشرف عليها الأكثر طعناً فيها من قِبَل المعارضة. والجدير ذكره، هنا، أن شنين حضر الندوة الأخيرة لتيار من المعارضة يوم 6 تموز/ يوليو الماضي، التي دعت إلى إطلاق حوار وطني تقوده شخصيات مستقلة، والذهاب إلى انتخابات رئاسية في فترة قصيرة، وهو ما رافع من أجله رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح، ومن ورائه قيادة المؤسسة العسكرية.
ولتفادي هذه التأويلات، سارعت حركة «مجتمع السلم»، صاحبة أكبر عدد من النواب الإسلاميين في البرلمان، إلى نفيها أيّ تزكية للرئيس الجديد، الذي كان في السنوات السابقة عضواً فيها قبل أن ينشق عنها. وأصدرت الكتلة بياناً وصفت فيه شنين بأنه «رئيس أمر واقع مثل من سبقه، ولا تمثل تزكيته حالة ديموقراطية، إذ هو نتاج أغلبية برلمانية مزورة ومرفوضة من الشعب الجزائري». وفسرت «مجتمع السلم» ما جرى بأنه «عملية تزيينية فاشلة للالتفاف على مطالب الحراك الشعبي، والضغط على القوى الوطنية الصادقة في كفاحها من أجل الديمقراطية». هذه الاتهامات رفضها لخضر بن خلاف، الذي ينتمي إلى كتلة الرئيس الجديد، قائلاً إن وجود رئيس للبرلمان من المعارضة أكبر ضمانة للحراك الشعبي ومطالبه، بما ينذر بانقسام محتمل داخل التيار الإسلامي، الذي يشكل أحد أركان المعارضة.