«مارسيدس» (2011 ــ 68 د ـ «دارك سايد للإنتاج» و«زاك فيلم») هادي زكاك بات متوافراً في الأسواق اللبنانية. الوثائقي الذي يروي حقبة من تاريخ لبنان من خلال سيارة المَرسيدس، حاز العديد من الجوائز وﻋُﺭﺽ لفترة في «متروبوليس أمبير صوفيل» قبل أن يطرح على dvd ضمن احتفال احتضنه «مسرح الجميزة» قبل أيام.
تصل سيارة المرسيدس «البونتون 180» (1953-1962) أو «المدعبلة» كما سماها اللبنانيون إلى البلد في أواخر الخمسينيات. تنخرط السيارة وأفراد عائلتها الذين أتوا بعدها في المجتمع اللبناني، لتهيمن على المهنة الأهم وهي قيادة التاكسي، من دون أن يقف بقية الأفراد عند هذه المهنة. تراهم يصلون إلى مراتب أعلى، كالسيارة الأولى مثلاً، أي سيارة رئاسة الجمهورية. لا تكتفي المرسيدس بالتفرّج على الأحداث التي يشهدها لبنان منذ السبعينيات، بل تشارك في القتال وجلاء الجرحى والنزوح والتهجير، وتُستهدف في عمليات الاغتيال بالرصاص وبالعبوات الناسفة، والقصف من البحر والجو، وتشارك أهل البلد أحزانهم وأزماتهم كما أفراحهم بنهاية الحرب، والتحرير والانتفاضة في الشارع ومحاولة الخروج من الأزمات.

لكنها تصطدم بالعوائق نفسها التي تبقي البلد على حاله، بل تزيده سوءاً.
اعتمد زكاك (1974) بقوة على مواد الأرشيف في عملية بحث دامت سنوات ليستغرق إنجاز «مارسيدس» أربعة أعوام. خلال هذه الفترة، أعاد تصوير جولات لسيارة المرسيدس وبعض أفراد عائلتها.
الشخصية الرئيسية هي السيارة المدعبلة «البونتون 180». أما الشخصيات الثانوية، فهي سيارات مرسيدس أخرى. سيارات ـ كالمجتمع التي دخلت إليه ـ توزعت الى طبقات وأطياف، وأخذت من عاداته وشاركته أحداثه الفرحة والمؤلمة، فأصبحت تقدم نفسها كطائفة جديدة داخل البلد.
كما في أغلب أعماله الوثائقية، يحاول زكاك فكك شيفرات أو تساؤلات كثيرة عن ماضي البلد وحاضره، بلد الصراعات الدائمة وما نتج منها، بدءاً من أعماله الأولى كـ «لاجئون مدى الحياة» (2006) عن يوميات اللجوء الفلسطيني في لبنان ومأساته المستمرة.
بعدها، حاول مقاربة الانقسام العامودي بعد عام 2005 من خلال أفكار الشباب المنتمي إلى أكثر من توجّه وفكر من خلال ثلاثية «أصداء سنية من لبنان»، و«أصداء شيعية من لبنان»، و«حرب السلام في لبنان».

يضمّ الـ «دي في دي»
أيضاً فيلم «شهر عسل 58»

في 2007، قدّم فيلم «التسرّب النفطي في لبنان» عن الآثار البيئية الكارثية التي خلفها عدوان تموز 2006، كما أبرز مشكلة غياب ثقافة التاريخ الموّحد من خلال «درس في التاريخ» (2009) الذي صوّره في المدارس الخاصة بعد رفض المدرسة الرسمية دخول الكاميرا الى حصص التاريخ في حرمها.
وخصص زكاك بعض أعماله للبحث عن حلقات ضائعة في تاريخ السينما اللبنانية كـ «سينما الحرب في لبنان» و«لبنان من خلال السينما»، وصدر له كتاب بالفرنسية عن تاريخ السينما اللبنانية منذ البدايات بعنوان «السينما اللبنانية، مصير نحو المجهول». وفي تحية الى بيروت، العاصمة المتحولة المتغيرة على أهلها، قدّم «بيروت وجهات نظر» و«تاكسي بيروت».
تقنياً، شارك في «مارسيدس» كل من موريال أبو الروس (كاميرا) مهاب شانه ساز (صوت) إميل عواد (ميكساج وموسيقى) وإلياس شاهين (مونتاج). الفيلم الذي يصدر بنسخة خاصة يضم أيضاً الفيلم القصير «شهر عسل 58» عن شهر عسل عروسين (والدا هادي) عام 1958 مع اندلاع الثورة التي أدت إلى حرب أهلية قصيرة، بالإضافة الى وثائقي عن إنجاز «مارسيدس» (20 د) من إخراج فرح
علامة.