صنعاء | يحمل المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، في زيارته الجديدة إلى المنطقة، مقاربة محدّثة يهدف من خلالها إلى تثبيت وقف إطلاق النار، وإنعاش مسار السلام. إلّا أن لقاءاته في السعودية قوبلت بمقاطعة من معظم أعضاء «المجلس الرئاسي»، بسبب خلافات بين مكوّنات المجلس. وأثار ذلك انزعاج الرياض، التي كانت وجّهت دعوة إلى جميع أعضاء «الرئاسي» للحضور والمصادقة على تعديلات على خطّة السلام، في إطار ترتيبات تُجريها لعودة وفدها إلى صنعاء.
بدأ المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، من الرياض، مسعًى جديداً لتثبيت وقف إطلاق النار في اليمن، ضمن جولة قد تقوده إلى مسقط وصنعاء أيضاً. والتقى غروندبرغ، برفقة نائبه معين شريم، رئيس «المجلس الرئاسي»، رشاد العليمي، ووزير خارجية الحكومة التابعة للمجلس، أحمد بن مبارك، ورئيس البرلمان الموالي للسعودية، سلطان البركاني، كلّاً على حدة. ووفقاً لوكالة «سبأ» التابعة لحكومة عدن، فإن غروندبرغ قدّم، في اللقاء الذي قاطعته غالبية أعضاء «الرئاسي»، إحاطة شاملة حول جهود تثبيت وقف إطلاق النار والدفع بعملية السلام، وعرض رؤيته للحلّ، والتي تنطلق من تنفيذ بنود الملفّ الإنساني. من جهته، أبدى العليمي تأييده للمبادرة السعودية للحلّ، مشترطاً الكشف عن مصير القيادي في حزب «الإصلاح»، الأسير لدى سلطات صنعاء، محمد قحطان، قبل أيّ نقاشات في ذلك الملف. وجاء هذا بعد أيام من اتّهام رئيس لجنة شؤون الأسرى في صنعاء، عبد القادر المرتضى، حزب «الإصلاح» في مأرب بتعمّد إفشال عملية تبادل زيارات السجون، والتي كانت مقرَّرة منتصف الشهر الفائت، مشيراً إلى أن صنعاء قدّمت قائمة بمجموعة من الأسرى والمعتقلين للكشف عن مصيرهم مقابل الكشف عن مصير قحطان، وهو ما رفض «الإصلاح» التجاوب معه. واعتبر المرتضى ما يثار في شأن قضية قحطان «شمّاعة» تهدف إلى إفشال التبادل، مجدّداً التأكيد أن صنعاء جاهزة للدخول في «صفقة شاملة».
وبالعودة إلى لقاءات غروندبرغ، فقد أفادت مصادر مقرّبة من حكومة عدن، «الأخبار»، بأن الرياض وجّهت دعوة إلى جميع أعضاء «الرئاسي» من أجل حضور الاجتماع مع المبعوث الأممي، والمصادقة على التعديلات الجديدة على خارطة السلام. وأوضحت المصادر أن ذلك يأتي في إطار الترتيبات التي تُجريها الرياض لعودة وفدها إلى صنعاء، والتي كانت متوقَّعةً نهاية الأسبوع الجاري، مستدركةً بأن معظم أعضاء المجلس قاطعوا الاجتماع على خلفية الصراعات المحتدمة بين مكوّناته، وهو ما أثار انزعاج الجانب السعودي، الذي عاد ورتّب لقاءً آخر لغروندبرغ مع البركاني، مساء الأحد، بهدف شرعنة التعديلات. وعرض المبعوث الأممي على رئيس البرلمان الموالي للسعودية، التغييرات التي وضعت تثبيت وقف إطلاق النار والاتفاق على آلية لصرف مرتّبات الموظفين على رأس أولوياتها، مقابل العمل على رفع القيود المفروضة من قِبَل صنعاء منذ مطلع تشرين الأول الماضي على صادرات النفط اليمني الخام، في ظلّ أزمة مالية خانقة تواجهها حكومة عدن منذ نحو شهر. ووفقاً لمصادر البركاني، فإن المبعوث الأممي شدّد على ضرورة تنفيذ بنود الهدنة الإنسانية كمرحلة أولى من التسوية السياسية، مؤكداً أن تطبيق إجراءات بناء الثقة سيدفع نحو المرحلتَين الثانية والثالثة. وردّاً على اشتراطات العليمي والبركاني، وعد بحلّ جميع القضايا، مبدياً تفاؤله «بالدور السعودي والعُماني»، ومعتبراً أن «صمود الهُدن حتى اليوم يعني أن الأطراف لديها الرغبة في الوصول إلى سلام».
وفي حين استبقت وسائل إعلام موالية لحكومة عدن، التحرّك الأممي الأخير، بنشر أخبار تشكّك في نيّة حركة «أنصار الله» صرف مرتّبات موظفي الدولة، قالت صحيفتا «الشرق الأوسط» السعودية و«البيان» الإماراتية إن تلك الحكومة ستكون غير قادرة على صرف المرتّبات للموظفين الموالين لها الشهر المقبل، بسبب تناقص احتياطات البنك المركزي في عدن. ونقلت «الشرق الأوسط» عن ثلاثة مسؤولين يمنيين تأكيدهم أن حكومة معين عبد الملك تمضي نحو الإفلاس في ظلّ استمرار توقف صادرات النفط الخام، فيما كانت «البيان» قد تحدّثت عن تعديلات أميركية - بريطانية محتمَلة على مشروع الاتفاق بين صنعاء والرياض. ولم توضح الصحيفة تفاصيل البنود التي يتمّ الحوار حول تعديلها، لكنها أشارت إلى اللقاءات التي عقدها سفيرا أميركا وبريطانيا مع مسؤولي «المجلس الرئاسي»، ملمّحةً إلى محاولتهما إقناعهم بحلحلة ملفّ المرتّبات. وأشارت إلى أن الأطراف الدولية والإقليمية تتعرّض لضغوط بفعل تهديدات صنعاء باستئناف الهجمات في العمق السعودي، ناهيك عن مساعي «المجلس الانتقالي الجنوبي»، الموالي للإمارات، فرض واقع جديد شرقيّ اليمن.