صنعاء | تعمل السعودية، بهدوء وصمت، على تقليم أظفار «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات، في المحافظات الجنوبية من اليمن. فبعد احتجازها رئيسه عيدروس الزبيدي، المعيَّن في نيسان الفائت نائباً لرئيس «المجلس الرئاسي»، بتهمة تقويض عمل الأخير، بدأت حديثاً العمل على خلخلة الميليشيات التابعة لـ«الانتقالي»، توازياً مع استنباتها أخرى، سلفية خصوصاً، مُوالية لها في محافظتَي لحج وأبين، إضافة إلى إنشاء تشكيل مماثل في حضرموت بقِوام لا يقلّ عن 10 آلاف عنصر، بدعوى «تسليم أمن حضرموت لحضرموت»، وفق ما تفيد به مصادر جنوبية «الأخبار». وتَلفت المصادر إلى أن ذلك يترافق مع عمليات استقطاب مكثّفة تقودها المملكة منذ أشهر في أوساط ميليشيات «الانتقالي»، في أعقاب قيامها بوقف صرْف مرتّباتها منذ منتصف العام المنصرم. وبرزت، في الآونة الأخيرة، بالفعل، عدّة مؤشّرات إلى انشقاقات غير معلَنة في أوساط جناح «الانتقالي» الأمني والعسكري في مدينة عدن، أبرزها انتقال ولاء سلطات مطار عدن الأمنية التابعة للمجلس، إلى قيادة القوّات السعودية في المطار وقصر المعاشيق الرئاسي، وقيامها بتنفيذ التوجيهات السعودية بحقّ قيادات في «الانتقالي»، وفق ما أظهرتْه حادثة سحْب سلطات المطار جواز سفر القيادي في المجلس، غالب الشعيبي، مطلع الشهر الجاري، بذريعة وضْع اسمه على «القائمة السعودية السوداء». في هذا الوقت، وعلى رغم دخول سفراء أميركا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي على خطّ الأزمة التي احتدمت خلال اليومَين الماضيَين بين «الرئاسي» و«الانتقالي»، إلّا أن عودة رئيس الأوّل، رشاد العليمي، والعضو فيه عبد الرحمن المحرمي، إلى عدن السبت الماضي، أعادت تحمية الأمور. ووفقاً لأكثر من مصدر محلّي في المدينة، فإن تشكيلات «الانتقالي» أعلنت حالة الاستنفار القصوى منذ فجر الأحد، ردّاً على منْع الرياض رئيسه، الزبيدي، من العودة إلى الجنوب. وأشارت المصادر إلى أن «قوّات العاصفة» التي يشرف عليها الأخير، نفّذت انتشاراً غير مسبوق في عدن، ونشرت أسلحة ثقيلة في شوارعها، فيما استنفرت القوّات السعودية الموجودة خصوصاً في محيط المطار، ونشرت مدرّعاتها في مديرية خور مكسر، وفي محيط قصر المعاشيق الذي ينزل فيه العليمي والمحرمي، ورئيس حكومة عدن معين عبد الملك، تحسّباً لأيّ هجوم قد يطالهم.
وكان العليمي قد أصدر، ردّاً على فشل عملية هيكلة الميليشيات العسكرية ودمْجها في إطار وزارة الدفاع، قراراً بتبنّي ميليشيات «درع الوطن» السلفية، التي تمّ إنشاؤها وتدريبها وتسليحها بتمويل سعودي، وتحويلها إلى قوّات حكومية رسمياً. وتزامَن قرار العليمي مع توجيه سعودي بنشر تلك الميليشيات، التي تسلّمت قاعدة العند العسكرية في محافظة لحج من قوّات سودانية أواخر الشهر الماضي، في مداخل مدينة عدن والمؤسّسات المهمة فيها. ووفقاً للمراقبين، فإن السعودية تدفع نحو إخلاء المدينة من التشكيلات التابعة لـ«الانتقالي» كافة، ونقْلها إلى خارجها وتحديداً إلى مواقع «الانتقالي» المتقدّمة في الضالع ويافع وأبين وشبوة، في ما يمثّل تجلّياً لـ«هندسة سعودية» يبدو أنها تستهدف محاصرة نفوذ المجلس، وتشتيت جناحه العسكري.
ويَلفت المتحدّث الرسمي لـ«الحراك الجنوبي الثوري»، محمد النعماني، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن ‏«السعودية منعت وزراء تابعين لـ»الانتقالي»، من الوصول إلى القصر الرئاسي في عدن، بعد تسليمها وحدات من ألوية «العمالقة» مهام تأمين القصر ومرافقه الاستراتيجية»، مُرجعاً ذلك إلى «تصاعُد الخلافات بين المجلس والمملكة، وفشل وساطة العميد طارق صالح من أجل السماح للزبيدي بالعودة إلى عدن مع قيادات أخرى تقبع تحت الإقامة الجبرية في الرياض». ويرى النعماني أن «السعودية تسعى إلى إنهاء دور ‏»الانتقالي» في الجنوب»، متحدّثاً عن «وصول وفد عسكري سعودي، برئاسة اللواء عبد الله بن دحيل الحياني، إلى حضرموت، حيث التقى قيادات المنطقة العسكرية الثانية، في محاولة لتضييق الخناق على «الانتقالي»، تمهيداً لإنهاء دوره وتشكيل قوّة عسكرية جنوبية بديلة منه»، متوقّعاً «ارتفاع وتيرة التصعيد ضدّ المجلس خلال الأيام المقبلة». وفي هذا الإطار، ذكرت مصادر محلّية أن السعودية بدأت عملية تجنيد واسعة للسلفيين في وادي حضرموت، توازياً مع تسلُّم قيادة «المنطقة العسكرية الأولى»، برقيّة عاجلة من قيادة «التحالف»، لتخصيص أماكن تدريب لـ«درع الوطن» الذي يقوده السلفي أبو مجاهد الحضرمي، في سياق ما يبدو أنه ترتيب لإحكام القبضة السعودية على مناطق الوادي والصحراء الغنيّة بالنفط.