تحاول المملكة العربية السعودية تحسين صورتها أمام العالم، وهي المنهمكة في التحضير لاستضافة الدورة الـ 15 لقمّة «مجموعة العشرين»، يومَي السبت والأحد المقبلين، لتشكّل لها أكبر فرصة للاستثمار في غير ملف. تترأس الرياض حالياً منتدى الدول الثرية في ما سوّقته على أنه إنجاز لولي العهد محمد بن سلمان، وتتطلّع ليكون الأمر محطة لتعزيز موقعه وترميم صورته المهشّمة، وهو الذي لم تستقبله أيّ دولة غربية منذ اغتيال الصحافي جمال خاشقجي، كما توقّفت الصحف الغربية عن مديح نهجه «الإصلاحي». إلا أنّ هذا «الإنجاز» ما لبث أن واجه هذا العام معضلتَين أساسيتين تعرقلان خطة الاستثمار في القمّة؛ لم يحدث تطور في «عزلة» ابن سلمان الغربية المتواصلة منذ مقتل خاشقجي واستمرّ تفاقم السمعة السيئة للأمير الشاب مع مواصلة حرب اليمن، ثم أتت جائحة «كورونا» لتُبدّل الاهتمامات والأولويات وتفرض عقد القمّة افتراضياً، مُقلّلة من وهجها.إزاء ذلك، وفي سياق منفصل عن حسابات تبدّل الإدارة الأميركية، تسعى الرياض، وفق مصادر مطلعة، إلى تسويق تحوّل في سياستها لا يعكس حقيقة كلّ جولات المفاوضات في الكواليس، حيث تتعنّت الإدارة السعودية في موقفها الرافض رفع الحصار عن اليمن. يجري هذا بالتوازي مع التحضير للقمّة، من خلال الترويج لجنوح المملكة نحو إيقاف الحرب على اليمن، بغية عدم السماح بتحويل القمّة إلى مناسبة لتجديد انتقاد ابن سلمان، إذ تصاعدت في الأسابيع الأخيرة دعوات الجمعيات الحقوقية الغربية لمقاطعة القمّة على خلفية «السجل الحقوقي» لولي العهد، وبلغ الأمر ذروته مع القرار الألماني بحظر بيع السلاح للسعودية.
في هذا الإطار، تضع مصادر يمنية تسريبات وكالة «رويترز»، أمس، بشأن وجود اتصالات سعودية مباشرة مع حركة «أنصار الله»، في إطار إظهار الرياض في موقع دفاعي. وأفضت تلك الاتصالات المفترضة، بحسب مصادر الوكالة، إلى موافقة الرياض على اقتراح الأمم المتحدة وقف إطلاق النار في حال موافقة الحركة على تقديم ضمانات أمنية تتمثّل في «إقامة منطقة عازلة على طول حدود المملكة مع شمال اليمن، إلى أن يتمّ تأليف حكومة انتقالية تدعمها الأمم المتحدة». ووفق هذه المعلومات، تريد الرياض من قوات صنعاء مغادرة ممرّ على طول الحدود السعودية لمنع التوغلات ونيران المدفعية، وفي المقابل ستخفّف المملكة الحصار الجوي والبحري «في إطار اقتراح الأمم المتحدة».
نفى محمد علي الحوثي تسريب «رويترز» بشأن المناطق الفاصلة


وفي تغريدة له أمس، علّق رئيس «اللجنة الثورية العليا» في صنعاء محمد علي الحوثي، على تسريب «رويترز»، مكتفياً بنفي قضية الحدود، فقال: «تسريب رويترز بشأن مناطق فاصلة بين الجمهورية اليمنية والمملكة اعتمد على مكتبها في الإمارات، ومكتبها بث أخباراً غير صحيحة، قد تكون خدمة لفصائل تتبع الإمارات للضغط النفسي على آخرين من فصائل الارتزاق مع احتدام المعركة». الجدير ذكره أن «رويترز» أوردت أن الجانبين عقدا مباحثات عبر الإنترنت و»رفعا في الآونة الأخيرة مستوى التمثيل في المحادثات ليشارك فيها محمد عبد السلام، كبير مفاوضي الحوثيين، ومسؤول سعودي أكبر». ويفيد التقرير بأن المحادثات السرية تجرى منذ قرابة عام وتوقّفت في الشهرين الماضيين بسبب معركة مأرب. وتنقل الوكالة عن مصدرين أن إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، «مارست ضغوطاً على الحوثيين من خلال التهديد بتصنيف الجماعة منظمة إرهابية، وذلك دعماً للسعوديين». إلا أن المصدرين حذّرا من أن «أي قرار تتخذه واشنطن لإدراج الحوثيين في القائمة السوداء، في إطار حملة الضغوط القصوى على طهران، سيكون مدمراً بعد سنوات من جهود السلام التي قادها مبعوث الأمم المتحدة الخاص مارتن غريفيث وسفراء غربيون آخرون»، إذ إن «الحوثيين قد يكونون أقل استعداداً للتعاون مع السعودية إذا نفذ ترامب تهديداته». وكانت مجلة «فورين بوليسي» قد كشفت أن البيت الأبيض يستعدّ لإدراج «أنصار الله» على «قائمة الجماعات الإرهابية» في سياق سياسة «الأرض المحروقة» التي تنتهجها الإدارة، معتبرة أن القرار سيؤدي إلى «عرقلة عمل إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن في المستقبل».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا