صنعاء | توقَّف تقدُّم قوات حكومة صنعاء في محيط مدينة مأرب خلال الأيام الماضية، فيما تراجعت حدّة المواجهات بين الجيش اليمني واللجان الشعبية من جهة، والقوات الموالية للرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، من جهة أخرى، في جبهات جنوب غرب المدينة وشرقها وشمالها، باستثناء مناوشات يومية تشهدها جبهة جبل مراد غرباً. وتزامنت التهدئة غير المعلنة في محيط مدينة مأرب مع دخول صفقة تبادل الأسرى بين الطرفين حيّز التنفيذ أواخر الأسبوع الفائت. والظاهر أن قيادة صنعاء، التي كانت رفضت عدداً من الوساطات الإقليمية والدولية لوقف التقدّم في محيط المدينة الشهر الماضي، أبدت، أخيراً، مرونة تجاه تلك المساعي، مع تمسّكها في الوقت نفسه بمبادرة زعيم حركة "أنصار الله"، عبد الملك الحوثي، والمكوّنة من تسع نقاط لإحلال السلام في مأرب، وتجنيب المدينة تبعات الخيار العسكري.مصادر سياسية في العاصمة صنعاء أكّدت، لـ"الأخبار"، وجود تفاوض بين حركة "أنصار الله" وميليشيات "حزب الإصلاح" (إخوان) المسيطر على مدينة مأرب، ملمّحةً إلى استمرار الدور القطري في هذا المجال، في ظلّ توقعات بأن تعيد الدوحة فتح سفارتها في صنعاء بعد طهران. ويبدو أن قطر، التي سبق لها أن لعبت دوراً في وقف التصعيد في مأرب خلال النصف الأول من العام الجاري، عادت كوسيط بين "أنصار الله" و"الإصلاح"، الذي تعمل على إقناعه بالقبول بمبادرة الحركة، والاحتفاظ ببعض المكاسب التي لن يستطيع الحزب المحافظة عليها في حال حُسمت المعركة عسكرياً. وأوضحت المصادر أن التفاوض لم يصل بعد إلى مرحلة الاتفاق، وأن كلّ ما توصّل إليه الطرفان "لا يتجاوز حدود وقف المواجهات في محيط المدينة، وعدم تقدّم أيّ طرف من مواقعة السابقة حتى تنتهي المفاوضات"، مُشكّكة في "جنوح ميليشيات الإصلاح إلى السلم، في ظلّ قيامها بإعادة ترتيب صفوفها خلال الأيام الماضية في جبل مراد غرب مأرب، والدفع بتعزيزات عسكرية إلى جبهة المزاريق في محافظة الجوف، والتي تمتدّ إلى جبهة النضود شمالي مأرب".
تدور توقعات حول مبادرة الدوحة إلى إعادة فتح سفارتها في صنعاء


وتطالب مبادرة حركة "أنصار الله" في شأن مأرب، "الإصلاح"، بفتح طريق مأرب - صنعاء (170 كلم) المغلق منذ خمس سنوات، وعدم التعرّض للمسافرين عليه أو اعتقالهم، إضافة إلى تحييد مناطق المحافظة وتأمينها وعدم استخدامها في أيّ نشاط للتحشيد أو التحرّك العسكري أو التقطّع، والالتزام بإخراج جميع فصائل التنظيمات التكفيرية (القاعدة وداعش) الموجودة حالياً في المحافظة، والتي تقاتل إلى جانب "الإصلاح" وحكومة هادي، ووقف نهب إيرادات النفط والغاز والضرائب في المحافظة وتوريد تلك الأموال لخدمة المواطنين وصرف رواتب الموظفين في كلّ المحافظات، وإعادة التيار الكهربائي إلى صنعاء من كهرباء مأرب الغازية التي كانت تُمدّ العاصمة بـ360 ميغاوات من الطاقة، والإفراج عن الأسيرة سميرة مارش المعتقَلة منذ ثلاث سنوات من قِبَل ميليشيات "الإصلاح"، وذلك مقابل الإفراج عن أحد الصحافيين الموالين لـ"الإصلاح"، بحسب ما أعلن المتحدّث الرسمي باسم حكومة الإنقاذ، وزير الإعلام ضيف الله الشامي، الأربعاء الماضي.
السعودية التي رفضت مبادرة "أنصار الله" في نيسان/ أبريل الفائت، اتّجهت نحو التصعيد الجوّي في مأرب والجوف خلال الأيام الماضية، حيث شنّت عشرات الغارات على مواقع تابعة للجيش واللجان الشعبية في عدد من الجبهات هناك، وتَعمّدت استهداف منازل وممتلكات عدد من مشائخ مأرب، الذين سبق لهم أن استحسنوا مبادرة صنعاء. ووفقاً لمصادر محلية شرق مأرب، فقد استهدفت طائرات العدوان، الثلاثاء، منزل الشيخ ربيش الأجدع، شيخ مشائخ الجدعان وأحد كبار مشائخ مأرب، وكذا منزل ولده الشيخ عبد الله ربيش في منطقة الكنب، مركز مديرية مدغل، ليُسويّهما بالأرض من دون سبب يذكر، وهو ما أثار حفيظة قبائل الجدعان، التي أعلنت حالة الاستنفار في صفوفها، ودعت إلى الردّ على استهداف منازل زعمائها القبليين. وفي أوّل ردّ على الحادثتين، عقد محافظ مأرب المحسوب على "الإصلاح"، سلطان العرادة، اجتماعاً طارئاً بعدد من مشائخ الجدعان الموالين لـ"التحالف" الأربعاء الماضي، لتدارس تداعيات استهداف منازل الشيخ الأجدع، وإعادة ترتيب الجبهة الشرقية لمأرب. وقالت مصادر مطّلعة إن العرادة أطاح قائد جبهة مدغل، حمود ناجي كعلان، متّهماً إيّاه بالفشل في وقف تقدّم قوات صنعاء. كما اتّهمه بالارتباط بـ"أنصار الله"، طالباً من نائب الرئيس المنتهية ولايته، علي محسن الأحمر، تكليف علي دومان قائداً للجبهة، وتوكيله بحشد مقاتلين قبليين للتصعيد خلال الأيام المقبلة.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا