وصل السفير الإيراني، حسن إيرلو، إلى العاصمة اليمنية صنعاء، منتصف الأسبوع الماضي، في خطوة أكدت تطوّر العلاقة بين الجانبين، وازديادها قوة ورسوخاً وعمقاً. على أن هذه العلاقة كانت بدأت تظهر إلى العلن منذ أكثر من سنة، خصوصاً بعد تعيين السفير اليمني، إبراهيم الديلمي، لدى طهران، العام الماضي، ليتثبّت انخراط العاصمتين في إطار حلف واحد لمواجهة المشروع الأميركي - الإسرائيلي في المنطقة. وكانت الدولتان وقّعتا في العام 2014 عشرات الاتفاقات الاقتصادية والتنموية، إلا أن العدوان على اليمن منع من تنفيذها، فيما يؤكد الجانبان حالياً أنه سيعاد تفعيلها حال توقف الحرب، التي تتعهّد إيران بالمساهمة في إعادة إعمار ما دَمّرته.
شنّت السعودية حربها على اليمن بدعوى ارتباط هذا البلد بإيران، وبذريعة أخرى هي إعادة ما يسمّى «الشرعية» مُمثّلة بالرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، إلى صنعاء. بعد قرابة ستّ سنوات من العدوان، لا يزال المسار السياسي معطّلاً، فيما لا شيء يشي باقتراب نهاية الحرب. المفارقة، هنا، أن السعودية التي تَدّعي أن 85% من الأراضي اليمنية تحت سيطرتها وسيطرة وكلائها، يزاول سفيرها في اليمن، محمد آل جابر، أعماله من الرياض، بينما بات السفير الإيراني في صنعاء، حيث بدأ مزاولة عمله منها، في ما وُصف بأنه «ضربة موجعة للتحالف السعودي الإماراتي».
على أن الطريق الذي سلكه إيرلو إلى العاصمة اليمنية لا يزال يكتنفه الكثير من الغموض، إذ طُرحت أسئلة حول كيفية وصوله إلى هناك، وإذا ما كان ذلك بموجب تسوية مع إحدى الدول الداعمة لـ»التحالف»، على حساب السعودية التي بدا موقفها محرَجاً ومربكاً، أو إذا ما كان موقف الرياض في اليمن بات من الهشاشة إلى حدّ عجزها عن منع دخول السفير الإيراني، على رغم سيطرتها الكاملة على الأجواء اليمنية، وكلّ الرحلات القادمة إلى مطار صنعاء الدولي، والتي تحصل مسبقاً على تصاريح من قيادة «التحالف»؟ في السياق ذاته، رسمت شخصيات كبيرة في ما يُسمّى «الشرعية»، وتحديداً من الجناح «الإصلاحي» (الإخواني) الموالي لقطر، علامات استفهام حول علاقة السعودية بالأمر، متّهمة إيّاها بالتنسيق مع الجانب الإيراني لإيصال السفير إلى صنعاء، ضمن تفاهم أكبر لإنهاء الحرب، مستدلّين على ما تقدّم بالعديد من الخطوات السياسية والإنسانية والاقتصادية التمهيدية، والتي من ضمنها تبادل الأسرى.
أمّا المفارقة الأخرى، في هذا الإطار، فهي أن السعودية، التي شنّت الحرب بذريعة إعادة «الشرعية» إلى صنعاء، تعجز عن إعادة هادي إلى عدن، العاصمة الاقتصادية لليمن، والتي تُسمّى «محرّرة» منذ صيف عام 2015، بل إن النظام السعودي فشل في إدارة أدنى مستويات السلطة في ما يسمّى «المحافظات المحرّرة»، كما هو حاصل في إدارة أمن عدن، حيث تعجز الرياض إلى الآن عن إجراء تسليم وتسلّم بين مدير الأمن السابق اللواء شلال علي شايع الموالي للإمارات، والمدير الجديد المُعيّن بمرسوم جمهوري منذ أربعة أشهر، وهو اللواء أحمد محمد الحامدي، الموالي لهادي. والجدير ذكره، هنا، أن شايع والحامدي موجودان في الرياض في زيارة لحلّ الإشكالية بينهما، إلا أن الجهود السعودية لم تصل بعد إلى النتيجة المرجوّة.
يدور حديث عن أن العديد من الدول يدرس فتح ممثّليات دبلوماسية وقنصليات في صنعاء


من جهته، علّق وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ، هشام شرف، في مقابلة تلفزيونية، على عودة السفير الإيراني بالقول إن وصوله ليس له علاقة بالصراعات الإقليمية، بل هو «إعلان تضامن إيراني مع الشعب اليمني المعتدى عليه منذ سنوات»، كما أنه «إعلان صريح عن أن اليمن لا يزال موجوداً، وله أصدقاء في العالم». ودعا شرف، دول العالم، إلى أن تعيد حساباتها، لأن «من يأتي إلينا ونحن نواجه العدوان ليس كمَن يأتي متأخراً». وفي هذا الإطار، يدور حديث عن أن العديد من الدول تدرس فتح ممثّليات دبلوماسية وقنصليات في صنعاء، وهذا ما لمّح إليه شرف، بالحديث عن «مفاجآت كبيرة جدّاً ستظهر قريباً».
على خطّ موازٍ، اعتبر ناشطون وصول السفير الإيراني إلى صنعاء دليلاً على فشل «التحالف» في تحقيق أهدافه بعد 6 سنوات من حربٍ دَمّر فيها مقدّرات اليمن وبنيته التحتية، فيما حافظت حكومة الإنقاذ على المؤسسات الحكومية كدولة قائمة لا ينقصها سوى الاعتراف العالمي، وبشكل علني، كما فعلت إيران.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا