صنعاء | لا نية لدى حركة «أنصار الله» للعودة إلى الجنوب حالياً، لكن استخدام «التحالف» والقوات الموالية له مناطق جنوبية للهجوم على أخرى واقعة تحت سيطرة الحركة يستوجب ــــ من وجهة نظر الأخيرة ــــ الردّ. نموذج من ذلك محافظة الضالع، التي حاول «التحالف» الانطلاق منها لفتح معركة جديدة في نطاق محافظة إب، وهو ما استدرج عملية مضادة من قِبَل الجيش اليمني واللجان الشعبية، اللذين تمكّنا من نقل المعركة من حدود إب إلى عمق الضالع.خلال الأسبوعين الماضيين، وبالتزامن مع انشغال اليمنيين بإحياء الذكرى الرابعة للعدوان، صعّدت قوات موالية لـ«التحالف»، مكوّنة من ثمانية ألوية عسكرية مدججة بمختلف أنواع الأسلحة، هجماتها على عدد من مناطق محافظة الضالع، حيث حاولت تسجيل اختراق من عدة مسارات في اتجاه محافظة إب، وكادت تتوغل في مديريات النادرة والرضمة بعدما تقدمت في منطقة العود، إلا أن تلك القوات قوبلت بدفاع مستميت سرعان ما تحول إلى عملية هجومية نوعية استمرت لأكثر من 125 ساعة متواصلة، وأفقدت المهاجمين توازنهم ومكاسبهم التي كانوا قد حققوها على مدى أكثر من عامين.
لا نية لدى حركة «أنصار الله» على العودة إلى الجنوب حالياً (أ ف ب )

قيادة القوات المسلحة في صنعاء أكدت، الخميس الماضي، تمكن قوات الجيش واللجان من تنفيذ عملية نوعية في جبهة الضالع، أسفرت عن «تأمين أكثر من 100موقع عسكري». وأوضح البيان أن العملية نُفذت من ثلاثة مسارات: الأول من حصن حدة باتجاه جبل ناصة الاستراتيجي، حيث «تم تأمين كامل المنطقة، والوصول إلى الجبل الذي يطلّ على مناطق عدة في محافظتَي الضالع وإب»، والثاني من سائلة المعرَّش باتجاه منطقة حيدِ كنه، حيث نجح الجيش واللجان في «الوصول إلى حيد كنه والسيطرة عليها بعد انهيار خطوط العدو الدفاعية»، أما الثالث فمن منطقة الحَقَب باتجاه بيت اليزيدي، وصولاً إلى جبل ناصة الاستراتيجي. وأكد البيان أن القوات المشتركة تمكنت، خلال العملية، من «تأمين مناطق تصل مساحتها إلى أكثر من 100 كيلومتر مربع طولاً وعرضاً، واغتنام كميات من الأسلحة، إضافة إلى تدمير وإعطاب عشرات الآليات والمدرعات، وكذلك قتل وإصابة أكثر من 250 من عناصر القوات المعادية واستسلام العشرات».
إلا أن المواجهات تجاوزت، يوم الجمعة، مديرية دمت التي سقطت بالكامل تحت سيطرة الجيش واللجان، إلى عمق مريس الواقعة في مديرية قعطبة شمالي غربي الضالع. ووفقاً لمصدر عسكري في صنعاء، تحدث إلى «الأخبار»، فإن القوات المشتركة «تمكنت من تطهير منطقة حمة وجبل الخضراء وجبل النبيلة ونقيل قوبان في المديرية نفسها». وأضاف المصدر إن الجيش واللجان سيطرا خلال الأيام الماضية على قرابة 75% من مساحة مديرية قعطبة، لتمتدّ المواجهات إلى منطقة الجبارة، الواقعة بالقرب من معسكر الصدرين، التابع لحكومة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي.
وفي ظلّ تبادل الاتهامات داخل الجبهة الموالية لـ«التحالف»، حذرت مصادر في «المجلس الانتقالي الجنوبي»، الموالي لأبو ظبي، من خطورة معركة الضالع، متهمة حزب «الإصلاح» (إخوان مسلمون) بتسليم الجبهات، وفتح معركة استنزاف جديدة لميليشيات «الحزام الأمني» الموالية للإمارات، والتي تُعدّ الذراع الضاربة للمجلس في عدن، بهدف سحب الثقل العسكري من عدن، و«إخلاء الساحة للإصلاح». في غضون ذلك، أطلقت قيادات جنوبية في الضالع نداءً لأبناء المحافظة لوقف تمدد الجيش واللجان، وذلك بعد ساعات من صدور توجيهات من حكومة هادي بسحب كل أرصدة البنوك المالية الموجودة في الضالع، ونقلها بصورة عاجلة إلى عدن.
ضخّ «التحالف» مليارات الريالات لفتح جبهة إب منذ أواخر العام الماضي


وتزامن إطلاق ذلك النداء مع احتدام المعارك بالقرب من معسكر الصدرين، وتمكن الجيش واللجان من السيطرة على مواقع تابعة للمعسكر في منطقة مريس، شمالي غربي الضالع. وأفادت مصادر عسكرية في صنعاء، أول من أمس، بأنها رصدت وصول تعزيزات عسكرية ضخمة من مدينة عدن إلى معسكر الصدرين، متوعدة بـ«تدمير الدبابات الجديدة، كما تم تدمير المدرعات والدبابات في بيت اليزيدي بدمت». ولا تزال المواجهات العسكرية تدور بين قوات الجيش واللجان، والقوات الموالية لهادي و«التحالف» (اللواء 33 مدرع، اللواء 82 مشاة، اللواء الأول مقاومة، اللواء 83 مدفعية، اللواء الرابع احتياط، واللواء الخامس عمالقة)، في الجهة الغربية والشرقية لمديرية قعطبة.
يشار إلى أن «التحالف» ضخّ مليارات الريالات لفتح جبهة إب منذ أواخر العام الماضي. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت، خصّص «التحالف» ما لا يقلّ عن مليارَي ريال يمني لتنفيذ هجوم مفاجئ على مديرية دمت، والسيطرة عليها، وقطع طريق دمت ــــ النادرة، ومنع وصول أي إمدادات لقوات الجيش واللجان، إلا أن العملية فشلت، بعدما تمكّنت القوات المشتركة من صدّ الهجوم، وتأمين الخط العام الرابط بين دمت والنادرة والسدة في محافظة إب. وعلى رغم فشل القوات الموالية لـ«التحالف»، إلا أنها حاولت التقدم باتجاه النادرة الأسبوع الماضي، من خلال التفاف محدود مسنود بغطاء جوي، سرعان ما تمّ التصدي له.