تتعامل السعودية بحذر شديد مع مجمل التطورات في المنطقة
لقد جاءت تلك الاتفاقات في لحظة حرجة بالنسبة إلى النظام السعودي، جراء تداعيات جريمة مقتل الصحافي جمال خاشقجي، ودخول الأزمة الإنسانية اليمنية على خط الصراع الداخلي الأميركي. كما أَمْلت القبولَ بالتفاهمات ظروف موضوعية أبرزها عجز النظامين السعودي والإماراتي عن الحسم العسكري، وفشلهما في فرض إرادتهما من خلال الجولات التفاوضية السابقة. هنا، استغل المبعوث الأممي ارتباك الديبلوماسية السعودية، وانشغالها في ترميم علاقاتها، وتراجعها عن السعي المحموم إلى تطويع المواقف الدولية والإقليمية لمصلحة التغطية على الجرائم والمجازر المرتكبة بحق الشعب اليمني، واندفع مدعوماً من أعلى سلطة في الأمم المتحدة إلى الضغط على التحالف الخليجي، الذي فرض بدوره على حلفائه المحليين (الشرعية) القبول بتفاهمات السويد، التي وُصفت بأنها الخرق الأول في الأفق السياسي المسدود منذ بداية الحرب.
هذه الظروف المحلية والإقليمية والدولية لا تزال كما هي، ولم تتغير. فـ«التحالف» الذي وافق مرغماً على التفاهمات، يعتبر أن الضغط الذي تعرّض له سببه الكارثة الإنسانية التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها الأبشع في العصر الحديث. كما ويعتقد أن انهيار الاقتصاد اليمني (جراء سياسات إيقاف رواتب موظفي الدولة، والحصار الخانق المفروض على البلاد) هو الذي استجلب التدخل الدولي، ومن ثم لعب دوراً رئيساً في فرض اتفاقات استوكهولم. وهي كلها أسباب لا تزال عالقة، ولم تنجح الأمم المتحدة في إيجاد حلول لها على رغم الوعود المتكرّرة بحلها.
لكن السعودية تتعامل بحذر شديد مع مجمل التطورات في المنطقة، ومن ضمنها اليمن، خشية من زلات أو خطوات ناقصة تجبرها على التعثر، في وقت لا تزال أزمتها الدولية على خلفية مقتل خاشقجي ماثلة، ولم تتعافَ منها حتى اليوم. أما أبو ظبي فهي تستشعر وجود مساحة أكبر مما لدى الرياض من أجل المناورة، وهي تحاول استخدامها في الوقت الضائع من خلال وضع العراقيل أمام الإجراءات التنفيذية لاتفاق الحديدة من جهة، وزيادة الضغوط السياسية والإعلامية على «أنصار الله»، أملاً في حملها على التنازل من جهة أخرى.